رئيس جامعة بنها يناقش خطة العمل المستقبلية لمركز إبداع مصر الرقمية كريتيفا    بعد إنقاذها من الغرق الكامل بقناة السويس.. ارتفاع نسب ميل سفينة البضائع "لاباتروس" في بورسعيد- صور    وزير الاتصالات: حيادية البيانات وتوافر الكفاءات الرقمية ضرورة لجذب الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي    مسؤول عسكري إسرائيلي: مستعدون لاجتياح رفح فور الحصول على ضوء أخضر من نتنياهو    تقرير للأمم المتحدة: 281.6 مليون شخص حول العالم يواجهون جوعًا حادًا    جوارديولا: خسارة كل شيء أمر وارد.. وأستمتع بهذه المرحلة من المسابقة    حفل ختام برنامج «دوى» و«نتشارك» بمجمع إعلام الغردقة    أزمة الضمير الرياضى    مونفيس يودع بطولة مدريد للتنس مبكرا    "اتزنق بين طابقين".. تفاصيل مصرع موظف داخل أسانسير بالمرج    «سعيد بوجودى في هذا الصرح العظيم».. الملك السابق أحمد فؤاد يزور مكتبة الإسكندرية صور    ب" إطلالة جريئة".. إيمان العاصي تبهر جمهورها في أحدث ظهور لها    منى الحسيني ل البوابة نيوز : نعمة الافوكاتو وحق عرب عشرة على عشرة وسر إلهي مبالغ فيه    الرقابة الصحية: نجاح 5 وحدات طب أسرة جديدة بالسويس وأسوان في الحصول على اعتماد GAHAR    متحدث "الصحة" ينصح: هذه الفئات ممنوعة من الخروج للشارع في الموجة الحارة    وزارة الزراعة: مباردة «خير مزارعنا لأهالينا» تنشر المحبة بالكاتدرائية لليوم الثاني    البورصة تقر قيد أسهم زيادة رأسمال المهندس للتأمين عبر أسهم مجانية إلى 350 مليون جنيه    تشكيل البنك الأهلى لمواجهة بيراميدز    تريزيجيه ينافس مبابي ووالكر في قائمة مميزة حول العالم    عاجل.. تنبيه مهم من البنوك لملايين العملاء بشأن الخدمات المصرفية    تحرير سيناء.. «قصة كفاح نحو البناء والتنمية» ندوة بمجمع إعلام قنا    سيناء من التحرير للتعمير    خبير سياسات دولية: اللوبي الإسرائيلي ما زال يضغط على الولايات المتحدة (فيديو)    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "شقو"    تراجع سوق الأسهم السعودية بختام جلسة الأربعاء    ارتفع صادرات الصناعات الهندسية ل1.2 مليار دولار بالربع الأول من 2024    عناوين مكاتب تطعيمات الحج والعمرة بمحافظة كفر الشيخ ومواعيد العمل    فوز مصر بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    طلاب كولومبيا: لن ندخل في مفاوضات مع إدارة الجامعة    قريبا.. مباريات الدوري الإسباني ستقام في أمريكا    أوراسكوم للتنمية تطلق تقرير الاستدامة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    توقعات برج الثور في الأسبوع الأخير من إبريل: «مصدر دخل جديد و ارتباط بشخص يُكمل شخصيتك»    حكم الاحتفال بشم النسيم.. الإفتاء تجيب    هل هناك أذكار وأدعية تقال في الحر الشديد؟.. رد واضح من الإفتاء    أدعية التوفيق والتيسير في الدراسة.. الأخذ بالأسباب مفتاح النجاح    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    بلطجة وترويع الناس.. تأجيل محاكمة 4 تجار مخدرات بتهمة قتل الشاب أيمن في كفر الشيخ - صور    العروسة في العناية بفستان الفرح وصاحبتها ماتت.. ماذا جرى في زفة ديبي بكفر الشيخ؟    إجازة شم النسيم 2024.. موعدها وعدد أيامها بعد قرار مجلس الوزراء بترحيل الإجازات    خدماتها مجانية.. تدشين عيادات تحضيرية لزراعة الكبد ب«المستشفيات التعليمية»    حزب الحركة الوطنية يناقش خطة عمل المرحلة المقبلة والاستعداد لانتخابات المحليات    مديريات تعليمية تعلن ضوابط تأمين امتحانات نهاية العام    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    قبطان سفينة عملاقة يبلغ عن إنفجار بالقرب من موقعه في جنوب جيبوتي    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق مستقل بشأن المقابر الجماعية في غزة    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    للقضاء على كثافة الفصول.. طلب برلماني بزيادة مخصصات "الأبنية التعليمية" في الموازنة الجديدة    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    بشير التابعي: أتوقع تواجد شيكابالا وزيزو في التشكيل الأساسي للزمالك أمام دريمز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مباحثات تشيكية مصرية بعد حرب 1967
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 20 - 03 - 2011

ذكرنا في حلقة سابقة أن الوفد التشيكي الذي زار القاهرة في 28 يونيو 1967، أي بعد أسابيع قليلة من حرب 1967 كان يضم شخصيات عسكرية عالية قامت بإجراء مباحثات مطولة ومفصلة مع القيادات العسكرية المصرية بناء علي طلب الرئيس عبدالناصر الذي كان يريد سرعة تزويد الجيش المصري بالمعدات التشيكية لتعويض خسائر القوات المسلحة المصرية في الحرب.
قابل الجنرال التشيكي شمولداس الفريق محمد فوزي القائد العام الجديد للقوات المسلحة المصرية بحضور الفريق عبدالمنعم رياض الرئيس الجديد للأركان والملحق العسكري التشيكي بالقاهرة أبدي الفريق فوزي امتنان القوات المصرية بالمعدات العسكرية التشيكية التي قدمت كهبة، في اعتقادي أن القوات المصرية كان لها نوع من النوستالجيا بالنسبة للأسلحة التشيكية التي كانت أول أسلحة غير غربية تحصل عليها بعد أن كانت تعتمد اساسا علي بعض المعدات البريطانية القديمة وكذلك الفرنسية والإيطالية وساهمت هذه الأسلحة في حرب السويس عام 1956 وهذا قد يفسر ترحيب القيادات العسكرية المصرية بالوفد العسكري التشيكي الذي كان أول وفد من المعسكر الاشتراكي الشيوعي يصل إلي مصر بعد حرب 1967 التي خسرت فيها الكثير من المعدات.
أبدي الفريق فوزي اهتماما بنوع المعدات التشيكية التي ستحصل عليها مصر والجدول الزمني لتوريدها وهو ما تم بحثه تفصيلا في مباحثات خاصة مع الفريق عبدالمنعم رياض وذكر الفريق فوزي أنه تم بالفعل تقديم قائمة إلي تشيكوسلوفاكيا بالأسلحة التي تريدها مصر والتي قدمت في نفس الوقت إلي كل دول المعسكر الاشتراكي، ولكن في قوائم مختلفة تتناسب مع إنتاج كل دولة عسكريا، وكان إعادة تسليح سلاح الطيران يحتل الأولوية وخاصة طائرات ميج 21 المقاتلة وطائرات 29 للتدريب وحاملات الجنود المدرعة والمدفعية المضادة للطائرات.
أعاد الجنرال التشيكي التأكيد علي ما تم في مقابلة رئيس وفدهم مع الرئيس عبدالناصر مؤكدا أيضا أنه علي عكس الدول الاشتراكية الشيوعية الأخري لا توجد قوات سوفيتية في أراضيها ونتيجة لذلك فإن المسئولية العليا هي في أيدي القوات التشيكية التي يتوجب عليها أن تكون علي أعلي درجة من الجهوزية والاستعداد وأن تكون مجهزة بأحدث الأسلحة، وهذا الأمر يحد من قدرة بلاده علي تقديم هذه المعدات إلي مصر غير أن الحكومة التشيكية تعبر عن رغبتها في تزويد - أي بيع - القوات المصرية بالمعدات طبقا لقدراتها، ذكر الفريق فوزي أنه يتفهم الموقف التشيكي وانتقل بعد ذلك لبحث مطالب عسكرية مصرية محددة، وتم تقديم هذه المطالب مكتوبة في مباحثات بين أحد القيادات العسكرية التشيكية هو المهندس لانجر ووزير الإنتاج الحربي في مصر البشري، كرر الجنرال التشيكي عدة مرات أن هناك صعوبات تتعلق بمدي استيعاب الجيوش العربية للمعدات الجديدة ولذلك يجب أن ترافق هذه المعدات مدربين تشيك من أجل تدريب الوحدات العربية علي كيفية التعامل معها وزيادة الثقة في هذا الصدد وافق الفريق فوزي فورا علي هذا الاقتراح طلب الفريق فوزي بعد ذلك من الجنرال سليم أن يشرح للوفد التشيكي أسباب هزيمة حرب 1967، طبقا لما جاء في تقرير الوفد التشيكي.
من ضمن الأسباب الرئيسية للهزيمة فقدان غالبية الطائرات الحربية في الساعات الأولي من الحرب حيث لم تكن لقيادات الطيران معلومات كافية عن بدء عملية الهجوم حيث تمكنت إسرائيل من إعطال نظام الرادار المصري بالكامل، كما أن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية في البداية نجحت في استفزاز الرادارات المصرية باستخدام تردداتها الرئيسة وهو ما كشف النظام بأكمله وكيف يعمل وعطله في هذه الفترة الحرجة، كل ذلك تم بالتعاون والمساعدة من جانب السفينة الحربية الأمريكية ليبيرتي التي قصفتها إسرائيل فيما بعد وقتلت العشرات من بحارتها - الأسلوب الآخر الذي استخدمته إسرائيل هو إلقاء أعداد كبيرة من أجزاء معدنية صغيرة من طائراتها الحربية عطلت شاشات الرادار المصرية وجعلت من المستحيل رؤية هذه الطائرات واعترف الجنرال سليم أن كل ذلك كان بالمقدور تلافيه والتغلب عليه لو كانت القوات التي تعمل علي الرادارات مدربة جيدا.
أما بالنسبة للقوات البرية فإنها فشلت لعدم وجود غطاء جوي لها فضلا عن تعطيل وسائل الاتصالات العسكرية المصرية عن طريق الراديو بواسطة سفينة الاتصالات الأمريكية ليبيرتي، ولكن من الأسباب الرئيسية أن أطقم العاملين علي الرادارات المصرية لم يتحولوا إلي استخدام ترددات بديلة مما كان يمكنهم من تفادي أساليب العدو، يعلق التقرير التشيكي بالقول إنه طوال استعراض وحديث الفريق فوزي والجنرال سليم فإنهما لم يشيرا مطلقا إلي ما كان يفعله كبار القادة المصريين في هذه الفترة الحرجة وأين كانوا وطبقا لتقارير السفارة التشيكية فإن هؤلاء القادة لم يكونوا في أماكن عملهم ولم يكن سلاح الطيران معبا وجاهزا وألغيت حالة الإنذار وكان قائد الطيران مشغولا خلال الهجوم في إحدي الحفلات، كما أن الفريق مرتجي قائد القوات البرية ترك موقعه خلال الهجوم في سيناء واتجه إلي القاهرة كما أن القيادات الوسطي في سلاح الطيران والقوات البرية سمح لها حتي بعد يوم 17 مايو أي في عز تصاعد الموقف بمغادرة وحداتها وإعطاء القيادة لمن هم أقل منهم في الرتبة.
كان التقرير التشيكي في جزئه العسكري لاذعا في انتقاد غياب التنسيق بين الوحدات المصرية وأن وزارة الحربية المصرية عقدت الموقف من جانبها، لم يذكر الجانب التشيكي ذلك للعسكريين المصريين ولكنهم ضمنوا ذلك في ملاحظاتهم التي رفعت إلي المسئولين في براج، أكد الفريق فوزي في النهاية أنهم بدأوا في إعادة بناء القوات المسلحة المصرية وهم سيتعلمون من تجاربهم وتفادي الأخطاء التي وقعوا فيها، وفي النهاية أشار المسئول التشيكي إلي الاتفاق العسكري الذي وقعه البلدان في أبريل 1967 وأبدي استعداد براج لتنفيذه علي الفور، وامتدح التقرير قدرات الفريق عبدالمنعم رياض الذي ترك انطباعا بأنه قائد نشط وكفء.
هذه في نهاية الزيارة المثيرة للاهتمام للوفد التشيكي للقاهرة بعد أيام قليلة من انتهاء الحرب والتي ألقت الضوء علي أسباب هزيمة القوات المصرية، ولكنها في نفس الوقت أكدت عزيمة مصر علي إعادة بناء قواتها بسرعة وعدم الاستسلام لليأس وتمثل ذلك في التغييرات العميقة التي أجراها الرئيس عبدالناصر في القيادات العسكرية المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.