تدرس شخصية الفرد عن طريقة تحليلنا لسلوكه الشامل لأفعاله وأساليبه الحركية، وتعبيراته الانفعالية، وآرائه واتجاهاته، ونظرته لنفسه ولما يحيط به من مظاهر الحياة الخارجية ..ولا يكفي للحكم علي الشخصية مجرد النظرة السطحية لما يبدو به الفرد أمام الغير، وما يتركه من الأثر فيهم، بل لا بد أن يتمم ذلك الوصول إلي ما في النفس من استعدادات كامنة، ومشاعر داخلية، وما تنطوي عليه الشخصية من عوامل وقوي غير ظاهرة، كالتعصب أو التحيز، والرضي والسخط، والإحساس بالسعادة أو الشقاء. ويجب أن ندرك أيضا أن بعض نواحي الشخصية قد تكون علي درجة كبيرة من الغموض بحيث لا يعرفها إلا صاحبها، بل إنها قد تكون غامضة حتي علي صاحبها أيضا . مما يجعل من الصعب الوصول إلي حكم صحيح أو تقدير شامل لكل شخصية . ولكن هذا لم يمنع علماء النفس من محاولة البحث في قياس الشخصية، خصوصا وأن هناك كثيرا من الصفات المشتركة بين عدد من الشخصيات، وأن من الممكن مقارنة الأفراد في هذه الصفات، والوقوف علي مدي اتفاقهم أو اختلافهم في ناحية أو أكثر من نواحي الشخصية. وإذا كان لكل فرد شخصيته فمن الخطأ إذن أن تقول بأن فلانا ( ليس له شخصية) إذ أن هذا التغير لا يعبر عن المعني المقصود، وهو ان فلانا هذا مفكك الشخصية أو له شخصية ضعيفة. طريقة بحث الحالات: هذه هي الطريقة المثلي لدراسة الشخصية، إذ أنها تهدف إلي بحثها من جميع النواحي، فتتناول ظروف الماضي والحاضر، وتتبع الحالة في المستقبل أيضا غير أن هذه الطريقة تحتاج إلي وقت طويل وجهد كبير، ولهذا لا تستعمل إلا في دراسة الحالات التي يكون لها أهمية خاصة، كدراسة الزعماء الموهوبين، ودراسة الشواذ والمرضي، وهذه هي الطريقة التي تتبع في العيادات النفسية، حيث يتعاون فريق من المختصين في النواحي الطبية والنفسية والاجتماعية في بحث الحالة كل فيما يخصه، وحيث يستعان بجميع طرق الدراسة الآخري كإجراء الاختبارات وعمل التجارب وتنظيم المقابلات، ودراسة الظروف المدرسية والمنزلية وكل ما يؤدي إلي إعطاء صورة كاملة عن الشخصية بجميع مكوناتها. طريقة المقابلة: المقابلة أو الاختبار الشخصي هي الطريقة المألوفة التي نلجأ إليها عادة للمفاضلة بين الأفراد والحكم علي شخصياتهم حكما سريعا شاملا عن طريق لقائهم وجها لوجه، والتحدث معهم، وملاحظة ما يبدو عليهم من تعبيرات انفعالية وحركية، وما يكمن وراء أحاديثهم من آراء واتجاهات نفسية، وما يظهر منهم من ذكاء وقدرة علي التفكير والتعبير. وتفيد هذه الطريقة كثيرا في ميادين الصحافة والطب واختبار الأفراد للالتحاق بالوظائف، وفي التوجيه التعليمي والمهني والحربي. ويحسن أن يقوم بالمقابلة لجنة مكونة من شخصين يكون أحدهما مختصا في علم النفس، والثاني مختصا في الميدان الذي يتعلق بأغراض المقابلة . علي أن يكون أفراد اللجنة علي مرانه كافية بأسلوب المقابلة، وما يجب اتباعه فيها. ومن أهم الأسس التي تقوم عليها المقابلة الناجحة، أن يهيأ الجو الحر للحديث بطلاقة طبيعية بعيدة عن التكلف، فلا يصح أن يشعر المفحوص بأنه في جو امتحان، ولا يصح أن تسفه آراؤه أو تعارض بشدة، ولا يصح استفزازه أو استثارته . كما يجب أن يترك له معظم الوقت ليتحدث ويعرض نفسه عرضا كافيا، ويكتفي الفاحصون بالاستماع وتشجيع الحديث في النواحي التي تكشف عما تهدف إليه المقابلة . ويراعي أن تسجل النتائج بطريقة لا تشعر المفحوص بالتحفظ فيما يقول ويحسن أن يسبق المقابلة بعض الترتيبات التي تتناول ما يأتي: 1 - جمع البيانات الأولية الممكن الحصول عليها في غير وقت المقابلة، مثل : السن : والمهنة، والديانة ومستوي التعليم ..الخ . ولهذا يصح أن تستوفي البيانات في استمارة تضم ما يراد معرفته عن الشخص بحيث تكون في يد أعضاء اللجنة عند المقابلة . 2 - يجب استيفاء جميع الشروط الضرورية المطلوبة في الشخص قبل المقابلة، كدرجة النجاح اللازمة، واللياقة الطبية، والمؤهلات، والتعهدات . 3 - يحسن دائما تحديد الغرض من المقابلة، وتحليل النواحي المراد دراستها، ورسم خطة مرنة للخطوات التي تتبع أثناء المقابلة.