حالة من السعادة وراحة البال سيطرت على الدكتورة إيناس عبدالدايم رئيسة دار الأوبرا السابق بعد نجاح ثورة 30 يونيه ونجاح اعتصام وزارة الثقافة فى تحقيق أهدافه التى كان على رأسها سقوط النظام وبالتالى سقوط وزير الثقافة معه، حيث كانت عبدالدايم هى الشرارة الأولى فى إشعال هذا الاعتصام بعد إقالة الوزير السابق لها ظلما وعدوانا، لذلك كان يجب أن نتوجه إليها بعد سقوطه ونسألها عن مدى استعدادها إلى العودة لرئاسة الأوبرا من جديد فقالت: بالطبع لابد أن تحدث تعديلات ويتم تصحيح المسارات من جديد فى كل الأماكن خاصة ما تم غدرا وظلما ولأن علاء عبدالعزيز كان يعلم جيدا أن قراراته غير قانونية لجأ إلى حيلة لتعيين القيادات الجديدة حيث جاء معظمهم بقرار إشراف إلى جانب عملهم الأساسى وبالتالى هو لم يعين أحدا فى منصب لأن قرار التعيين كان من الصعب تنفيذه.
■ هل ستنتظرين حكما قضائيا بالعودة بعد الدعوى التى تقدمتى بها ضد عبدالعزيز؟ انتظر قرارا وزاريا بتصحيح الأوضاع لأن القرار بالطبع أسرع فى تسيير الأمور من القضية وما يخصنى من القضية شخص علاء عبدالعزيز وليس عودتى للأوبرا لأنه اتهمنى فى سمعتى بلا سند قانونى أو دليل يذكر فالقضية مسألة خاصة بينى وبينه ولن أتنازل عنها. ■ كنت بمثابة الشعلة الحقيقية لاعتصام وزارة الثقافة كيف كان شعورك بعد الزلزال الذى أحدثه قرار استبعادك من رئاسة الأوبرا؟ بالطبع كان رد الفعل قويا للغاية ومهما تخيلت لم أكن أتوقع هذا الكم من الدعم والوعى الشديد بالخطر الحقيقى الذى كانت تتعرض له الوزارة وكانت هناك حالة كشف سريعة وحقيقية من جانب المثقفين للمخطط الذى جاء لينفذه هذا الرجل. فى رأيك هل اعتصام الوزراة كان من أكثر الأشياء الداعمة ليوم 30 يونيه؟ بالتأكيد كان عاملا مساعدا خاصة أنه أول مرة فى التاريخ يحدث اعتصام بهذا الشكل لأنه كان اعتصاما راقيا جدا و«نفسه طويل» وكان يزداد إصرارا وقوة يوما بعد يوم وكلما زادت مدته كان يعلو سقف المطالب حتى تضافرت مع مطلب الشعب الأساسى وهو إسقاط النظام بالكامل فلم تتوقف مطالبنا عند علاء عبدالعزيز وحده وبالتالى بدأت تحدث حالة من الالتحام مع الشعب حتى إن الاعتصام كان ينضم إليه يوميا أشخاص عاديون ليس لهم علاقة بالثقافة كما أننا تواصلنا مع حركة تمرد وحدث نوع من التنسيق معهم داخل الاعتصام والناس كانت بالفعل تصدق ما تريد. ■ هل كان لديك توقع لسقوط النظام فعليا يوم 30 يونيه؟ توقعت حدوث ذلك لكن بالتأكيد كان بداخلنا خوف شديد، لكننى شعرت بأمل قوى خصوصا بعد رؤيتى لحركة تمرد وكيفية تنفيذهم لأفكارهم إلى جانب ذلك موقف الجيش بالطبع كان مطمئنا بشدة لأننا فى هذه الفترة كنا نحتاج إلى غطاء قوى من الجيش والشرطة وهذا ما حدث فاتحاد كل العوامل معا كان شيئا فى غاية الأهمية وهو ما منحنا الأمل الكبير فى نجاح هذه الثورة. ■ فى حالة عودتك لرئاسة الأوبرا كيف ستواجهين من تسبب فى إيذائك من العاملين بالمكان وكانوا سببا فى قرار إنهاء انتدابك؟ أعتقد أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى عمل وليست مرحلة تصفية حسابات فليس هناك وقت لتصفية حسابات مع أحد خاصة أن هذه مجرد مهاترات صغيرة، وهذه التجربة خرجت منها بأشياء عديدة وعايشت وتعايشت لمدة شهر ونصف الشهر مع أشخاص مختلفين ورأيت وتعلمت أشياء كثيرة لذلك أعتبرها تجربة عمرى وأرى أن مصر تحتاج منا الكثير فهى تحتاج بالفعل لبناء، لأن البلد به حالة من الخلل الإدارى فى أشياء متعددة فنحن نحتاج إلى إعادة هيكلة الفترة القادمة وهناك قوانين بالدولة تحرم الكثيرين من المشاركة فى العملية الفنية وخلال الاعتصام على سبيل المثال اكتشفت اننا نمتلك طاقات ومواهب شابة عظيمة لذلك أرى أننا يجب الفترة القادمة أن نمنح فرص للشباب ونغير القوانين القديمة التى مازلنا نعتمد عليها فكل ما يشغلنى الفترة المقبلة هو ما تحتاجه الثقافة والدولة. ■ ماذا لو حدث اعتراض على عودتك الأوبرا من جديد؟ أعتقد أنهم مجموعة محدودة للغاية فهم معدودون على أصابع اليد الواحدة وأصبح ليس لهم مساحة وليسوا مؤثرين فى الواقع وفى رأى أن المرحلة الماضية رغم قسوتها لكنها كانت شيئا عظيما لأن ما حدث بها كان كفيلا ليرد على مشوارى الطويل. ■ كيف ترين رد فعل لميس الحديدى فى إحدى حلقاتها عندما رفضت التعامل مع بدر الزقازيقى كرئيس حالى للأوبرا؟ بصراحة فاجأنى رد فعلها لكننى شعرت أن الدولة أصبحت تسير فى مسارها الصحيح وأعتبر ما حدث نوعا من رد الشرف خاصة أننى لم أقابل الإعلامية لميس الحديدى من قبل ولا تربطنا علاقة من أى نوع لكن فى رأيى هى تصرفت كمواطنة مصرية محترمة متابعة لكل الأمور كما أن الزقازيقى أخطأ بهذه المداخلة. ■ قبل سقوط النظام السابق هل حدث أى تدخل فى عملك بالأوبرا فهل كانت تأتى لك توجيهات معينة؟ لم يحدث بشكل مباشر وكنا نعمل بشكل قوى ومكثف لكننى كنت أشعر أننى مرصودة لكن حدث موقف مع الرئاسة حيث طلب منى نقل حفل المولد النبوى الشريف إلى قاعة المؤتمرات لأن الرئيس كان يرغب فى حضورها ووجدت طلبا بتحجيب المطربات أثناء الحفل، بالطبع رفضت نقل الحفل من دار الأوبرا وقلت وقتها أننا سنقيمها على المسرح الكبير وعلى الرئيس أن يأتى إلى الأوبرا إذا أراد الحضور وبالنسبة لتحجيب الفتيات أجبت أننى لا أحجب أحدا أو أمنع مطربة من الحجاب هذا غير مقبول، فأرسلت لى وزارة الإعلام خطابا آخر بإعادة الحفل فى قاعة المؤتمرات بعد عرضها فى الأوبرا، فخاطبت وزارة الإعلام قائلة أننى أتعامل مع وزارة الثقافة وليس الإعلام ثم وضعت مبالغ باهظة لإعادة الحفل على قاعة المؤتمرات وقصدت ذلك حتى لا يقام الحفل هناك كما أردت وأبلغت الدكتور صابر عرب بذلك فوافقنى على ما فعلت بشدة، أما فى عهد علاء عبدالعزيز طلب منى إعادة أحد أفراد الأمن للأوبرا وهو ما كان مخالفا للقانون ثم طلب تنفيذ قرار تعيين أحد عازفات الأوركسترا السيمفونى بدرجة مساعد أستاذ لكننى رفضت أيضا لمخالفة ذلك للقانون وفى اليوم التالى مباشرة وجدت قرارا بإنهاء ندبى من رئاسة الأوبرا. ■ فى رأيك هل عدم دخول عبدالعزيز مكتبه طوال شهر ونصف الشهر منعه من عمل أشياء كثيرة؟ بالتأكيد منعه من عمل كوارث رغم أنه حاول سرقة الأختام لكنه لم يتمكن من فعل أى شىء وعرقلنا له خططا كثيرة لأن هذا الرجل والإخوان عموما كانت لديهم خطة حقيقية لتدمير البلد، وعلى سبيل المثال عندما كنت أقوم بمنح درجات لأحد أو تصعيد شخص على حساب آخر كانت تأتى لنا لجنة من الجهاز المركزى للمحاسبات لمراقبة ذلك وإبداء رأيهم فى مدى إمكانية القيام بهذه الخطوة أو لا لكن عبدالعزيز وغيره كانوا يتعاملون مع البلد وكأنها عزبة. ■ فى رأيك هل من السهل أن تعود السياحة إلى مصر من جديد رغم الإرهاب القائم حاليا؟ متفائلة أنها ستعود وستكون قوية الإخوان حاليا لا يصدقون ما حدث وسيقاومون لآخر نفس، لكن الحمد لله الشعب المصرى أصبح واعيا بشكل قوى ورائع كما أن هناك شفافية حقيقية، ويكفى أن أذكر بأننى الفترة الماضية كنت أشعر بحالة من الإنكسار والألم لكن اليوم أشعر بالفخر لأننى مصرية ووصلنى خطاب من مؤسسة نسائية من فرنسا تهنينا بنجاح الثورة وقالت فى الخطاب: «كنت دائما أفتخر أننى فرنسية لأننا نتاج لثورة فرنسية عظيمة لكننى اليوم تمنيت لو كنت مصرية حتى أعيش معكم هذا اليوم العظيم وافتخر بما حققه الشعب المصرى من ثورة وانتصار».. فاليوم أقول بكل فخر أننى مصرية.