ثورة 25 يناير مثلما كانت ثورة علي الفساد في مصر فإن صناع الدراما يعتبرونها أيضا ثورة فنية علي كل ما هو تافه بعد أن اثبتت هذه الثورة مدي وعي الشعب المصري وهذا سيقلب موازين الدراما المصرية والعربية، لكن هذا التغيير لن يكون هذا العام ولكن بعد سنوات حتي تكون ملامح التغيير قد اتضحت وإلا ستكون مجرد سبوبة لركوب الموجة لذلك بدأ صناع الدراما من منتجين ومؤلفين ومخرجين في إعادة حساباتهم حتي لا ينفصلوا عن الواقع، كما اتفقوا علي مطلب واحد وهو الغاء الرقابة علي أعمالهم. «روزاليوسف» رصدت في هذا التحقيق وجهة نظرهم تجاه مستقبل الدراما. السيناريست عبدالرحيم كمال يقول إنه طول عمره قلمه حر بغض النظر عن أي شيء وأعماله تشهد علي ذلك، حيث قدم في أعماله اسقاطات سياسية علي الوضع الراهن سواء في مصر أو في العالم العربي، وكان آخرها مسلسل «شيخ العرب همام» ويضيف: إذا كنت سأتناول ثورة 25 يناير في أعمال درامية فإنني لن اتعامل معها كسبوبة حتي اركب الموجة بالإضافة إلي أن أي حدث تاريخي لا يمكن التعبير عنه في وقته وإنما لا بد أن يمر عليه فترة حتي تعبر عنه بموضوعية شديدة وأن يكون للكاتب وجهة نظر فيما يكتبه وإلا المشاهد سيغير مؤشر التليفزيون لأي قناة إخبارية هذا بجانب أن يكون العمل ذات طابع إنساني حتي يمس قلوب الناس. ويضيف كمال أنه علينا ألا نفعل مثلما حدث بعد ثورة يوليو ونقدم أفلاما تشتم في الملك علي طول الخط وتخون ناس وتمجد ناس لكن علينا أن نقول كلمة حق ولا نتبع أسلوب التخوين ويتفق مع وجهة النظر السيناريست عمرو سمير عاطف، حيث أشار إلي أن الثورة لم تسفر عن نتائج واضحة حتي الآن بخلاف اسقاط النظام ورئيسه أما المتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فلا نستطيع أن نشعر بها ونستوعبها إلا بعد مرور سنوات. ويري عاطف أنه لابد من الغاء جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية التي تتصدي لأي فكر جاد وأن تحل محلها تضيف جهة الأعمال الفنية ولا تتحكم فيها لأن هذا عقبة في طريق أي مبدع. ويري السيناريست أيمن سلامة أن ثورة الشباب تخرج منها خطوط كثيرة تقوم عليها عشرات الأعمال الفنية، قائلا: نفسي أعمل مسلسل عن الأشخاص المنافقين الذين ركبوا الموجة والذين كانوا أمس يشيدون بالرئيس ونجله يقفون في أول صفوف المعارضين وهؤلاء المتلونون هم الذين يسيرون اشمئزاز أي شخص. ويضيف قضايا الفساد التي تنكشف لنا كل يوم هي مادة خصبة لأي مؤلف لكن علي الجانب الآخر لن نستطيع أن نتناول شخصيات بعينها مثل أحمد عز وجمال مبارك خاصة وهي موجودة لكن قد يكون هذا متاحاً بعد «15» سنة في ظل أن هناك حقائق لا تزال غائبة وطبيعي أن أي حدث تاريخي لا يتم تناوله في نفس اللحظة مع تضارب الحقائق. أما موقف المسلسلات التي كتبت بالفعل ويتم التحضير لها وبدأت في تنفيذها فإن الأمور تعقدت بالنسبة لها وأي مسلسل لم يتم بيعه لقنوات فضائية سواء مصرية أو عربية فسيكون مصيره التوقف خاصة مع عدم وضوح رؤية الفضائيات للأيام المقبلة. ويعتبر السيناريست فايز رشوان أن ثورة 25 يناير ليست ثورة سياسية ولكنها ثورة فنية علي الأعمال الهابطة خاصة أن الناس أصبح لديها وعي سياسي ولن تقبل بالتفاهات في المرحلة المقبلة ودورنا كمؤلفين شباب أن نواكب هذا الوعي وأن نقدم أعمال تناسب وعي الناس خاصة الشباب. ويضيف رشوان أن الدراما ستشهد تغييرًا كبيرًا في الأيام المقبلة وستختفي الاسقاطات السياسية علي الشخصيات بمعني يكون الكلام واضحًا ومباشرًا لكن دون الإساءة. ويقول: التغيير الذي اتحدث عنه سيكون مرتبطًا بالغاء الرقابة علي الدراما وفي المقابل تفعيل القوانين التي تحاسب المبدع إذا أخطأ وأساء لسمعة البلد أو أحدث فتنة طائفية وأي بلد ديمقراطي يحارب الفن بالفن وقد تضرر في وقت سابق من الرقابة علي الدراما في قطاع الانتاج حيث رفضت أعمال كثيرة لي منها مسلسل «وادي القمر» والذي يتناول البلطجة السياسية وقضايا غسيل الأموال وذلك من خلال صعود رجل أعمال حتي وصل لقمة العمل السياسي لذلك لن أنشغل هذه الأيام بتقديم عمل درامي عن الثورة وإنما سأكتفي باخراج أعمال مركونة في درج مكتبي والتي سبق ورفضتها الرقابة أما أعمال الثورة فلن أكتب شيئاً عنها الآن. ويحضرني مقولة للكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة والذي يقول فيها إن الفن ليس صفحات جراير تواكب الأحداث الجارية. ويقول المخرج محمد النقلي أن تأثير ثورة 25 يناير لن يكون فقط علي نوعية الأعمال الدرامية ولكن أيضًا الموضوع سيكون مرتبطاً برءوس الأموال التي تقدم هذه الأعمال فمثلما أثرت هذه الثورة فينا وغيرتنا فإنها أيضا أثرت علي الاقتصاد وأحدثت خسائر مالية واقتصادية وأخشي أن تؤثر هذه الخسائر في سوق الدراما التي هي في النهاية عرض وطلب، ويضيف النقلي أنه فور انتهائه من مسلسل سمارة سوف يبحث عن ورق جيد مكتوب عن الثورة التي اصبحت مادة ثرية لأي مؤلف الذي لن يحتاج لاسقاطات سياسية وقد استغل الكثير من زملائنا المظاهرات وسجلوا مادة تسجيلية جيدة حتي يتم استغلالها في أي عمل درامي لاحقا. المنتج محمود شميس يقول إنه من الصعب تقديم عمل درامي عن 25 يناير الآن وإلا سيتم «سلقه» أما الأعمال التي كانت جاهزة قبل هذه الأحداث فأعتقد أنه من الصعب ادخال أحداث جديدة لمجرد مواكبة الثورة مثل مسلسل «آدم» لتامر حسني «وكيد النساء» لسمية الخشاب وفيفي عبده وكليهما احداثه بعيدة عن الثورة. وأضاف شميس أن هذه الثورة ستؤثر علي امكانية تقديم أعمال درامية بفكر جديد دون الارتباط بالمحازير الرقابية مؤكداً أن الفترة المقبلة ستختفي مسلسلات السير الذاتية التي انتشرت في الآونة الأخيرة بسبب قلة الأفكار.