وكأنه خارج لنا بجلبابه البلدى المميز من إحدى رواياته التى أخذنا بها إلى رحلة من رحلاته السحرية فى تاريخ غامض... تعرف أنه من نبت خياله وإبداعه، ورغم ذلك لا تملكرفضه. سبع سنوات مرت على رحيل أديب الصعيد الكاتب الكبير محمد مستجاب، صاحب أساطير «آل مستجاب» العائلية، يصور فيها الواقع فى ربوع الصعيد بأسلوب يميل إلى الواقعية السحرية، يخلط فيه الحلم مع الأسطورة بأسلوب ساخر متفرد.
اشتهر أيضا بحبه للجلباب البلدى والذى كان يعتبره فخرا وتأكيدا على أصوله الصعيدية، يصاحبه فى جولاته المتعددة فى ربوع مصر، كان «مستجاب» كتلة من الإحساس، يستعمل السخرية سلاحا له حتى فى أحلك ظروف حياته، فكان يسخر من الأحزان حتى فى عز مرضه ومحنته بعد معاناة من فشل كبدى ليتوفى يوم السادس والعشرين من يونيو عام 2005، وهو فى السابعة والستين من عمره.
ولد محمد مستجاب عام 1938 فى قرية «ديروط الشريف» بمحافظة أسيوط، تلك القرية الصغيرة التى ظل هائما بها فى أحلامه ويقظته، يكتب عنها فى رواياته كرمز للصعيد وأحوالها، شارك فى ستينيات القرن الماضى عاملا فى مشروع بناء «السد العالى»، ثقف نفسه بنفسه بعد أن توقف دراسيا عند مستوى شهادة الثانوية، ثم التحق بمعهد الفنون الجميلة ولكن لم يكمل دراسته بالمعهد، سافر فى بدايات حياته للعمل بضعة أشهر فى العراق وبعد عودته عمل فى مجمع اللغة العربية وظل بها حتى بلوغه سن الستين عام 1998 ليحال بعدها للتقاعد.
فى أغسطس 1969 كانت بدايته الأدبية من خلال نشر قصة القصيرة بعنوان «الوصية الحادية عشرة» فى مجلة الهلال، والتى جذبت إليه الأنظار بقوة، ليواصل بعدها نشر قصصه فى مجلات عدة، وفى عام 1983 صدرت روايته الأولى «من التاريخ السرى لنعمان عبد الحافظ» التى حصل عنها على جائزة الدولة التشجيعية عام 1984 ويتم ترجمتها إلى أكثر من لغة، تلتها مجموعته القصصية الأولى «ديروط الشريف» عام 1984، كما قام بكتابة القصة والسيناريو لفيلم «الفأس فى الرأس» عام 1992، ثم أصدر عدة مجموعات قصصية منها «القصص الأخرى» عام 1995 ثم «قصص قصيرة» عام 1999، ثم «قيام وانهيار آل مستجاب» عام 1999، ثم «الحزن يميل للممازحة» عام 1998، وفى آخر حياته أصدر روايتين هما «إنه الرابع من آل مستجاب» عام 2002 و«اللهو الخفى» التى صدرت قبل شهرين من وفاته.
كانت له أيضا كتابات صحفية ثابتة فى عدد من المجلات والجرائد العربية أشهرها ما كان ينشر ضمن «واحة العربى» فى مجلة العربى الكويتية وقد جمعها فى كتاب حمل نفس الاسم صدر سنة 1999، أيضا زواياه «بوابة جبر الخاطر» فى جريدة أخبار الأدب وجمعها أيضا فى كتاب من جزأين حمل نفس الاسم وصدر عام 1999.
وكانت له كتابات ثابتة فى عدد من الصحف والمجلات أبرزها «الأسبوع» المصرية و«الشرق الأوسط « و«سيدتي» و«المصور» وقد جمع هذه المقالات فى كتب عدة منها «حرق الدم»، و«زهر الفول»، و«أبو رجل مسلوخة»، و«أمير الانتقام الحديث»، و«بعض الونس»، و«الحزينة تفرح».