سجل الدين العام المحلى زيادة كبيرة فى مصر لتصل قيمته الإجمالية إلى تريليون و294 مليار جنيه، وأكد عدد من رؤساء المصارف والباحثين الاقتصاديين أن زيادة الدين العام يمثل مشكلة كبيرة نظراً لأنه يأتى فى ظل ارتفاع عجز الموازنة، وسحب الحكومة للسيولة المصرفية من خلال أدوات الدين ما يقلص من فرص الاستثمار ويحد من قدرة المستثمرين على الحصول على التمويلات المناسبة للبدء فى مشروعات جديدة أو التوسع فى القائمة. وأكدت الدكتورة منى البرادعى، الرئيس التنفيذى للمعهد المصرفى، أن القطاع المصرفى هو العمود الفقرى للاقتصاد نظرًا لأهميته فى توفير التمويلات لجيمع المشروعات والقطاعات الاقتصادية، لافتة إلى أنه فى ظل الظروف الحالية تلجأ البنوك إلى تمويل عجز الموازنة العامة للدولة بشكل كبير وهو ما خلق التحدى أمام القظاع المصرفى. ولفتت إلى أن الحكومة توسعت فى الفترة الأخيرة فى طرح أذون الخزانة أمام البنوك وهو ما تسبب فى ذهاب جزء كبير من السيولة لتغطية هذه الأدوات الأمر الذى أثر على المستثمرين والقطاعات الاقتصادية الأخرى التى تعانى فى الوقت الحالى نتيجة تراجع التمويلات ، وكذا ارتفاع متوسط سعر الفائدة وهو الذى تسبب فى عدم قدرة المستثمرين على التوسع وإرجاء أعمالهم إلى فترات مقبلة. وأضافت البرادعى أن رصيد أذون الخزانة التى طرحتها الحكومة ارتفعت من 4 مليارات جنيه فى 1994 ليصل إلى 266 مليار جنيه فى 2010 ثم 275 مليار جنيه فى نهاية 2012، مشيرة إلى أن البنوك تستحوذ على 70 % من تغطيات أذون الخزانة وأدوات الدين بصفة عامة، موضحة أن المتعاملين الأجانب كانوا يستحوذون على حصة كبيرة إلا أنهم تخارجوا بعد الثورة. وأردفت أن الحكومة توسعت فى الاقتراض نتيجة ارتفاع عجز الموازنة العامة فى ظل ارتفاع الاستخدامات وتناقص الإيرادات حيث وصل عجز الموازنة إلى 11 % من الناتج المحلى الإجمالى بقيمة 170 مليار جنيه مقارنة بنحو 134 مليار جنيه فى العام المالى السابق. من جانبه أشار منير الزاهد، رئيس بنك القاهرة إلى أن الدين العام المحلى ارتفع فى الفترة الأخيرة ليسجل تريليوناً و294 مليار جنيهاً، مشيرًا إلى أن هذه القيمة كبيرة للغاية، لكنها لا تبعث القلق كونها بالجنيه المصرى، لافتة إلى أن الحكومة مدعوة خلال الفترة المقبلة إلى هيكلة عجز الموازنة كبداية لحل المشكلة، مستبعدًا أن تلجأ الدولة إلى طباعة البنكنوت لمواجهة ارتفاع الدين. وأشار الزاهد إلى أن تغطية البنوك لأذون الخزانة هو أمر اختيارى وليس اجباريا ومن ثم تستطيع البنوك التى ترغب فى الدخول لتغطية الأذون فى المزادات بينما تستطيع البنوك الأخرى الاستثمار وتوظيف سيولتها فى مشروعات أخرى، قائلًا: أذون الخزانة ليست رجساً من عمل الشيطان ونستثمر فيها لإفادة الدولة والاستفادة بتوظيف وأردف أن اهتمام البنوك بتغطية أذون الخزانة سيتراجع فى الفترة المقبلة فى حالة استقرار الأوضاع وعودة الاستثمارات مرة أخرى للسوق، لافتًا إلى أن الكثير من المستثمرين وأصحاب المشروعات أرجأوا توسعاتهم، أو إقامة مشروعات جديدة للفترة المقبلة نظرًا لارتفاع المخاطر فى الوقت الحالى، موضحًا أنه فى حالة عودة الاستقرار فسيعود التمويل الأجنبى مرة أخرى إلى أذون الخزانة . ولفت محمد أوزالب الرئيس التنفيذى لبنك «بلوم» أن نسبة الاقراض بالنسبة للودائع فى البنوك تراجعت إلى نحو 45 % فى الفترة الأخيرة، وقد جاء ذلك بسبب انصراف المستثمرين عن تنفيذ مشروعات جديدة بالسوق نظرًا لحالة عدم الاستقرار، لافتاً إلى أن قيام البنوك بتغطية أذون الخزانة أمر مهم فى الفترة الحالية نظرًا للظروف الصعبة التى تواجهها وعدم قدرتها على توفير السيولة التى تمكنها من مواجهة الاحتياجات الكثيرة التى تواجهها. وأشار إلى أن قوة البنوك فى السوق أنقذت الحكومة ففى أوروبا والولايات المتحدة قامت الدول وقت الأزمة المالية بمساندة البنوك، أما فى مصر فقد قامت البنوك بإسعاف الحكومة، وأردف أن هناك عدداً كبيراً من المستثمرين يرغبون فى الدخول للسوق المصرية إلا أن هناك معوقات أمامهم فى الوقت الراهن وعلى رأسها عدم وضوح الرؤية بالنسبة لتوفر الدولار إضافة إلى تخوف المستثمرين من تناقص الوقود. شدد محمد الاتربى، الرئيس التنفيذى للبنك المصرى الخليجى، على ضرورة أن تقوم الحكومة بترشيد نفاقتها ،حتى تحل مشكلة تفاقم عجز الموازنة،لافتًا إلى ان 80 % من الدعم موجه إلى الوقود فى حين يذهب 20 % إلى السلع التموينية، مؤكدًا أنه لابد أن يعاد هيكلة الدعم بحيث يتم تخفيضه على الطاقة وأن يذهب جزء كبير منه للسلع الغذائية للمواطنين. وأضاف الاتربى: إن البنوك قوية وقادرة على تمويل أى مشروعات جادة وكبيرة فى السوق المحلية، موضحًا أن تناقص منح التمويلات فى الفترة الأخيرة كان ناتجًا من تخوف المستثمرين من التوسع فى استثماراتهم فى ظروف اقتصادية وسياسية صعبة. وأردف الاتربى أن السيولة فى البنوك كبيرة، وأنها تقوم فى الفترة الحالية بمساندة العملاء من خلال تثبيت أسعار العائد عليهم فى الوقت الذى رفعت فيه سعر الفائدة على الشهادات الادخارية.