يعد ابراهيم ناجى «ديسمبر 1898- 1953» أحد فرسان مدرسة أبوللو التى ثارت على جماعة الديوان الشعرية، واتهمتهم بأنهم يلهثون وراء مقابح الفلسفة، وبأن ساحتهم فى الشعر التفكير لا الإحساس، ومن هنا يأتى شعرهم غامضا وغير مؤثر، وعلى وجه التحديد هو شعر العقل والذكاء لا العاطفة، وبالطبع كان العقاد يرمى شعراء «أبوللو» بالتراخى المريض، وأن شعرهم فى جملته أشبه بأغانى المقاهى والملاهى وأنه خواء وهباء، فقد وضح فى النتاج الشعرى أن شعر العقاد أميل الى الذهنية فى كثير من نماذجه، بينما شعر جماعة أبوللو أميل الى السهولة والرقة والتوهج العاطفى، لا سيما عن عملاق هذا الاتجاه الدكتور ابراهيم ناجى الذى يعد مهندس اللغة الشعرية، اذ إن شغله الشاغل كان نقش الكلمة وصقل شكلها، وفى الواقع ان ابراهيم ناجى من الشعراء المتذوقين للجمال الذين يندر وجودهم فى جيله، وخطاب الحب عند ابراهيم ناجى تأسس على نماذج تشبيهية مأخوذة من الطبيعة والكون تعبيرا عن رمزية الحب الطاهر والصافى الذى لا يشوبه اضطراب أو قلق. وفيما يتعلق بالعطاء الشعرى الذى نشره ناجى فى دواوين، فإنه لم يصدر طيلة حياته سوى ديوانين هما: وراء الغمام 1934، وليالى القاهرة 1950، ثم أصدر له صديقه الشاعر أحمد رامى ديوانه الثالث: الطائر الجريح عام 1957، وعهدت وزارة الثقافة والارشاد القومى عام 1960 الى كل من أحمد رامى وصالح جودت والدكتور أحمد هيكل ومحمد ناجى بمهمة إصدار ديوان ناجى الذى صدر بالفعل عام 1960.
ويذكر ابراهيم ناجى أنه قد عشق الشعر منذ ان كان صبيا صغيرا، وهو يقدم احدى قصائد ديوانه الأول (وراء الغمام) بكلمات نثرية يقول فيها عن تلك القصيدة، وهى قصيدة (على البحر): إنها من شعر الصبا قاله الناظم فى الثالثة عشرة من عمره. وبداية اهتمامه بنشر قصائده فى الجرائد والمجلات ترجع الى شهر نوفمبر عام 1921، بعد ان فرغ من دراسة الطب وكان يبلغ من العمر اثنين وعشرين عاما وكانت اولى القصائد التى نشرت له بعنوان (مناجاة الهاجر)، لكن قصيدة (المآب) التى نشرت فى مجلة الهلال عام 1931 لفتت انتباه محبى الشعر الى ناجى ، وهذا ما يشير اليه احمد الصاوى محمد فى مقدمته لديوان (وراء الغمام). وفى سبتمبر 1932 نشرت مجلة أبوللو أكثر قصائد ناجى شهرة لدى محبى الشعر وهى قصيدة (العودة)، والتى توالت بعدها روائع أخرى كثيرة حققت لناجى مكانة مرموقة على امتداد الساحة الادبية العربية... فى ذكرى ميلاده.
«روزاليوسف» تحتفل بشاعر الرومانسية بنشر عدد من قصائده.