ومع بدء مرحلة الانتخابات الرئاسية تزايدت الصراعات بين النخبة السياسية والاخوان ولكن تشتت وتفرق النخبة ساعد الإخوان فى الوصول لكرسى الرئاسة لينقلب الإخوان على القوى السياسية ويبدأون مراحل ترسيخ أقدامهم فى الحكم من خلال الاعلانات الدستورية وقرارات الرئيس التى ظهرت للنخبة على أنها رغبة فى السيطرة والاستحواذ ولكن الرئيس المنتخب والمرشح من قبل جماعة الاخوان المسلمون كان يبرر ذلك برغبته فى حماية مؤسسات الدولة وأصدر قراراً ثورياً كتعيين نائب عام جديد واستمرار العمل باللجنة التأسيسية رغم خروج جميع القوى السياسية المدنية منها واقتصارها على التيار الاسلامى، ورغم دعوة الرئيس للحوار الوطنى مع القوى السياسية إلا أنهم رأوا انها حوارات شكلية وبدون ضمانات، واستمر الرئيس والاخوان المسلمون فى صراعهم مع النخبة السياسية، وزاد من حدة الصراع توحد النخبة ولأول مرة تحت كيان «جبهة الانقاذ الوطنى» بقيادة البرادعى وحمدين وعمروموسى، وأعلنوا رفضهم لممارسات الرئاسة واستحواذ الاخوان المسلمين وتدخلات قيادات الجماعة والمرشد فى الحكم، ليستمر الصراع مع نهاية العام ورغم تمرير الدستور إلا أن النخبة السياسية لا تزال غير معترفة به. وحول صراع الاخوان مع القوى السياسية وتقييم تأثيره على الحياة السياسية وهل سيؤدى الصراع لفوضى أم لثورة جديدة ضد الإخوان، يرصدأحمد خيرى، المتحدث الاعلامى لحزب المصريين الاحرار، صراع وخلافات القوى السياسية مع الإخوان المسلمين ومؤسسة الرئاسة قائلا: «خلال هذا العام كان للاخوان المسلمين الكثير من السقطات والتراجع عن القرارات وكان بدايتها إعلانهم أنهم لن يسيطروا على البرلمان وكانت النتيجة هى السيطرة والاقصاء للقوى الليبرالية وللأسف تخلوا عن فكرة التوافق الوطنى وسعوا للتحالف مع بقية القوى الاسلامية وتشويه صورة القوى الليبرالية والسياسية لدى المواطنين وصوروا الامر وكأنه صراع على الشريعة والاسلام وظهر جلياً فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية وكانت النتيجة بنعم وكان هدفهم بالفعل هو السيطرة على اللجنة التأسيسة لأن المواد المعدلة تلزم بتشكيل اللجنة من مجلس الشعب وبالتالى يضمنون الاستحواذ عليها، وقابل سقطات الاخوان السقطة الاكبر للقوى السياسية التى اختلفت عند الانتخابات الرئاسية وبحث كل من حمدين وأبوالفتوح وخالد على وأبو العز الحريرى عن مصلحته ولم يفكروا فى مصلحة الوطن والشهداء، ولو كانوا توحدوا لكانت الأمور اختلفت. ويكمل: «بالجولة الثانية وقفت القوى السياسية والثوار بجوار الاخوان لتدعيم مرشحهم فى مقابل مرشح النظام، وللاسف بعد وصول الاخوان ظهر الوجه الحقيقى حيث الاقصاء والتعدى على القضاء والاعلام والقوى السياسية، فقد رفضت النخبة والقوى السياسية تجاوزات الاسلاميين فى صياغة الدستور وانشقوا وطالبوا بإعادة تشكيلها ولم يصغ الرئيس وسار على خطى جماعته وأكمل العمل باللجنة التأسيسة وأصدر إعلانات دستورية تخلق منه فرعوناً جديداً ومنح نفسه صلاحيات القضاء، واعترضت القوى السياسية وثار الشعب ولكنه التف حول الاعلانات الدستورية وتراجع «شكلياً» ودعا لحوار وطنى دون إعطاء ضمانات حقيقة فرفضت القوى الوطنية ولا يؤخذ عليها ذلك لأن الحوار لم يكن مجدياً، وترك الرئيس الامر لبعض الجماعات لممارسة العنف ضد القوى السياسية ووصل الامر للتعدى البدنى ومحاصرة مؤسسات الدولة كالمحكمة الدستورية ومدينة الانتاج الاعلامى كأن مقابل الأمان هو عدم ممارسة الارهاب، ورغم حدة الصراع والذى أدى لمليونيات رافضة لسياسية الرئيس وبالطبع مليونيات إسلامية مرحبة لقرارات الرئيس وانقسمت البلاد بين شقين، واستغل الاخوان فى هذا الصراع الشريعة وصوروا الامر وكأنه حرب ضد الاسلام وما كان ألا أن جاءت نتيجة الاستفتاء بنعم، وماكان من الاخوان المسلمين إلا الدعوة للحوار مع النخبة والسياسيين بعد فوات الأوان. ويؤكد «خيرى» أن مؤسسة الرئاسة والاخوان المسلمين لم يكونوا جادين فى الرغبة فى الحوار لأنهم يعلمون جيداً أن المشكلة الرئيسة فى تمرير دستور دون الموافقة عليه، والدليل على ذلك انشقاق العديد من القيادات الموالية للرئيس من حوله فاستقال خمسة من مستشاريه ونائبه، وأصيبت مؤسسة الرئاسة بالارتباك نتيجة أصدار القرارات والتراجع عنها وعدم رضا الشارع عن الأداء العام للمؤسسة، ولهذا لو أراد الرئيس الاستقرار عليه بأن يكون رئيساً لكل المصريين وليس لأهله وعشيرته. ويرى عبد الغفار شكر، نائب المجلس القومى لحقوق الانسان، أن الصراع الدائر خلال العام الحالى يعتبر حاداً ومفتوحاً ومحتدماً ويدور حول مستقبل البلاد، وللاسف لكلا الطرفين اخطائهما فقد تراجع الاخوان المسلمون أكثر من مرة عن وعودهم سواء خلال انتخابات مجلس الشعب وتأكيدهم أن النسبة لن تزيد لهم على 30% وتعدت ذلك، ثم تركهم الميدان من اجل التحالف مع المجلس العسكرى والوصول للحكم، وإعلان عدم الترشح ومخالفة ذلك، وبعد الرئاسة لم تستعن بخبرات القوى المدنية على مستوى الوزراء أو مستشارى الرئيس أو النواب، بل كان هناك حالة إقصاء متعمدة وترحيب برجال الجماعة كمتحدثين ومستشارين للرئيس، وخالف الرئيس وعوده معهم فيما يتعلق باللجنة التأسيسية وكانت الغلبة للتيار الدينى، وتم تمرير الدستور. وعلى الجانب الآخر_كما يسرد_ كان للنخبة أخطاؤها فهى لم تتواصل مع القوى الثورية ولم تصنع منها قيادتها ولم تتواصل مع الشارع المصرى والمواطن ولهذا لم تحصل على الاغلبية بالبرلمان وركزت على صراعها مع العسكر والاخوان، وبالانتخابات الرئاسية كان المصلحة الخاصة هى الحكم وغابت مصلحة الوطن حتى اصبح المواطن بين خيارين احلاهما مر «مرسى وشفيق» وبالطبع اضطرت القوى السياسية للترحيب بمرشحح الاخوان لأنه ليس من رجال النظام، ولو توحدوا لما وقع ذلك، وحتى نخرج من مأزق الصراع لابد من وضع ميثاق شرف للحوار الوطنى تلتزم به القوى السياسية وعليه النظر للأمام وللانتخابات البرلمانية القادمة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن لا يمكن التنبؤ بانهاء الصراع بعد تمرير الدستور أو حتى الانتخابات البرلمانية لأن من المتوقع أن يكون للإسلاميين النصيب الأكبر. ويعلق دكتور يونس مخيون، عضو حزب النور، من قديم الزمان ومعروف تاريخيا بأن المصريين لا يرحبون بحكم العسكر او الاخوان والدليل كان البرلمان واستفتاء مارس والانتخابات الرئاسية وأخيرا استفتاء الدستور وهو الأمر الذى لم يتقبله القوى السياسية التى لا وجود لها بالشارع المصرى، وتلقى بالمسئولية على الاخوان والقوى الإسلامية والرئيس، لقد قال الشعب كلمته وعليهم الرضوح والبعد عن سيناريوهات الفوضى وتقبل الواقع والتغيير الحقيقى، وأن تلك هى إرادة الشعب التى أتت برئيس منتخب وبدستور بالاغلبية، ولا وجود للصراع والانقسام الا فى عقول القوى الليبرالية ولكن الشارع المصرى مرحب بالدستور وقرارات الرئيس ولا انقسام أو فوضى ما يزعم البعض ولا نية لأخونة مؤسسات الدولة، وتلك هى أداءات التيار الليبرالى لتشويه الاسلاميين والرئيس يسعى لترسيخ مفهوم الدولة المدنية والحفاظ على مؤسسات الدولة مستقلة ويرحب بالحوار الوطنى وقد طلب منهم الحوار حينما اعترضوا ولم يلبوا الدعوى ومع ذلك رضخ الرئيس لطلباتهم وألغى الاعلان الدستورى وترك امر الدستور لكلمة الشعب، ومازال الرئيس والقوى الاسلامية تفتح ذراعيها للحوار الوطنى ولكنهم يرفضون. ويعلق رمضان عمر، عضو حزب الحرية والعدالة، أن الصراع الدائر الآن هو صراع سياسى خلقته النخبة بعدما انسحبت من التأسيسية، ثم هاجمت الرئيس واتهمته بالقتل وفقدان شرعيته وطالب البعض منهم بإسقاطه ورغم ذلك مد الرئيس يده بطلب الحوار الوطنى والتقى العديد من الشخصيات كالبرادعى وعمرو موسى وحمدين، ولكن لم يدركوا أن الرئيس له سلطات وعليه ممارستها، وللاسف فحقيقة تلك القوى الليبرالية أنهم زعماء بلا جنود ولا يوجد لهم تواجد على أرض الحقيقة، سوى قلة قليلة كالبرادعى وحمدين، وستوضح الانتخابات البرلمانية القادمة من له الكلمة الأولى لدى الشعب وعلى تلك النخبة أن تؤمن بمبادئ الديمقراطية وألا تلقى الحجج بأن الشعب أمى ولا يجيد القراءة والكتابة أو تلقى التهم بالرشاوى والزيت والسكر واستغلال الدين واستئجار بلطجية وأسلحة واستخدام العنف وقتل متظاهرين.