(جيمس جويس - أمام المحاكم الأمريكية) هو أحدث كتاب لأستاذي الدكتور رمسيس عوض، وهو من إصدارات مكتبة الأنجلو المصرية.. والأستاذ الدكتور عوض غني عن التعريف فهو من أثري المكتبة العربية علي مدار عدة عقود بمؤلفات ومترجمات متميزة وقيمة كيفا وكما.. وهو أستاذ الأدب الإنجليزي الذي تخرج علي يديه عدة آلاف من الطلاب وعلم مئات من الباحثين والمتميزين بل والأدباء.. أخجل كثيرا من نفسي عندما أتقابل مع الدكتور رمسيس مع أنه أستاذي الذي أفتخر بأنه قام بالإشراف علي رسالتي في الماجستير والدكتوراه.. وأسباب خجلي كثيرة أولها أنني أري نفسي في مرآة الدكتور رمسيس فأجدني كسولة متراخية أفتقد للحماس قليلة البحث غير طموحة ولا مثابرة.. فهو لا يكل ولا يمل من العمل.. لا يمر شهران أو ثلاثة إلا وقد ألّف وترجم كتابا أو أكثر.. دؤوب علي البحث العلمي.. منظم ومنجز.. طموح ومثابر.. ومن أسباب خجلي أيضا أنني كجزء من المجتمع الثقافي المصري أشارك في عملية تقصير واضح في الاهتمام بمثقفينا الكبار وأساتذتنا أصحاب الفكر الراقي، والإنتاج الثري، والأقلام المتميزة.. فكتاب (جيمس جويس ذ أمام المحاكم الأمريكية) هو أحد الأمثلة الواضحة علي وجود مثل هذا الإنتاج والفكر في شخص الدكتور عوض.. إذ يسرد الكاتب كيف حوكمت رواية (يوليسيس) الشهيرة للكاتب الانجليزي جيمس جويس أمام المحاكم الأمريكية.. وكيف استمر الهجوم علي الرواية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي وبخاصة وقد حوت الكثير مما وصف من جهة معارضيها بالبذاءة ومناهضة القيم الأخلاقية.. ثم كيف تمت تبرئتها والسماح بنشرها.. ولا يفوت الدكتور رمسيس أن يلمح إلي الهدف من نشره لكتابه هذا إذ يحث المجتمع علي نفض أفكار بالية تقمع حرية الرأي والتعبير وتعوق الانطلاق الفكري وسعة الأفق وتكبت المبدعين.. إذ يلخص الموقف المطالب بتبرئة رواية (يوليسيس) لجويس بما يمكن أن ينطبق علي أي كتاب أو رواية قام مجتمعنا بمصادرتها أو الهجوم عليها.. ومنها: (يجب النظر إلي العمل الفني ككل) مما يعني عدم انتشال مقاطع بعينها ووصفها بالبذاءة وبالخروج عن الأخلاق.. وأيضا: (إن الحكم علي بذاءة أي عمل فني يتوقف علي المعايير السائدة في زمانه. وهي معايير غير ثابتة وتتغير بتغير الزمان) مما ينطبق بشكل مباشر علي (ألف ليلة وليلة) بغض النظر عما إذا كان الدكتور رمسيس يعني هذا أم لا.. كما أخجل أن أعلن أنني من تلاميذ الدكتور رمسيس لأنني لم أقم بما يقوم به تلاميذه النجباء من الإضافات العلمية والبحثية والثقافية التي ينبغي علي كل الذين يقتادون به أن يقوموا بها ويسيروا علي دربه.. ومن ثم فإنني وبعد قراءة الكتاب وكتابة المقال سأنتظر حتي تصدر الجريدة وآخذ نسخة أفتحها علي هذه الصفحة التي ينشر بها المقال وأذهب خفية إلي مكتبه في كلية الألسن وأضع الجريدة علي المكتب وأنطلق بسرعة..