يمكنك ان تقرأ اولا : # مقال :القرضاوى وبن على # مقال :فرافيرو الشهيد بعد أن أحرق بضعة أشخاص أنفسهم في مصر، ومثلهم في الجزائر وشخص أو أكثر في موريتانيا، اقتداء ب«بوعزيزي» واستجابة إلي امتداح الشيخ يوسف القرضاوي ل «بوعزيزي» وما فعله.. وطلبه الدعاء له.. عاد الشيخ القرضاوي وأصدر توضيحا سماه «تصحيح لازم».. وأسميه من جانبي «تصحيح متأخر». مبدئيا ولأسباب موضوعية أشير إلي ما قال الشيخ في تصحيحه: قال «أساء بعض الناس فهم حديثي عن الشاب الحر الكريم الذي أحرق نفسه في تونس - لم أكتب فتوي في هذا الموضوع وإنما أدليت بحديث إلي برنامجي في الجزيرة - لقد دعوت للشاب وطالبت بالدعاء له والتمست له العذر - أيها الشباب حافظوا علي حياتكم ولا تحرقوا أنفسكم - إن الذي يجب أن يحرق هم الطغاة الظالمون». من الواضح أن الشيخ لا يريد أن تكون حوادث إحراق النفس عالقة في عنقه، ومربوطة في رقبة ما قال، ولكن هذا التصحيح الذي أصدره جاء متأخرًا بعد أن أحرق بعضهم نفسه بالفعل، ومنهم من مات، فهل برأ من دمائهم؟.. وهل الشيخ الشهير مثل صحفي يصوب خبرًا؟.. وهل يدرك تأثير الكلمات فيمن يسمعون إلي أصحاب العمائم؟.. وهل كان منفعلا؟.. ومضي إلي حيث لا يدرك تأثير كلماته.. فلما تبدت له خطورة ما فعل راح يصحح.. ولكن بعد أن سبق السيف العذل.. وهل سيكون علي كل من يستمع إليه فيما بعد أن ينتظر تأكيدا لما قال أو تصويبا لما أدلي به قبل أن يقتنع بما صرح؟ المسألة الأخطر هي أن الشيخ يفرق في تصحيحه بين حديث أدلي به وفتوي لم يعلنها وهذا كلام هو أول من يعرف أنه لا قيمة له لدي بسطاء الناس.. فالذين يرون شيوخا علي الشاشة ليست لديهم القدرة علي أن يمايزوا بين ما هو فتوي وبين ما هو مجرد كلام.. ولا يتعاملون مع حديث المشايخ علي أنه «طق حنك».. أو «فشة خلق» كما يقول اللبنانيون والشوام.. إن كلام المشايخ بالنسبة للمواطنين العاديين ليس أقل من فتوي وحكم يتبع. ومن جانب آخر.. فإن هذا التصحيح الذي تأخر لم يعتبر بوضوح أن ما فعله بوعزيزي كان انتحارا، وإنما مضي الشيخ إلي أن يلتمس له العذر، وأنه قد فعل هذا - أي المواطن التونسي المرحوم - ضيقا مما جري له، ومن ثم فإن القرضاوي مضي مجددا إلي تمجيد بوعزيزي واعتبار أنه الشرارة التي حولت تونس الخضراء إلي شعلة حمراء، وقد وصفه بأنه شاب حر وكريم وطالب مجددا بالدعاء له لعل الله يغفر له.. تري ماذا يعني هذا؟.. غير أن الشيخ يعود من جديد لكي يسبغ عليه صفات من المجد والخلود.. وتحويله إلي أيقونة تاريخية.. بدون أن يطلق عليه وصف شهيد.. فهل الشباب الذين يعتقد أنهم مملوءون بالغضب يمكنهم أن يتركوا هذه المكانة التي لم يقللها الشيخ عن مكانة الشهيد.. أليس في هذا تحريض مبطن.. حتي وهو يطالب الشباب بألا يحرقوا أنفسهم؟. ثم إن الشيخ في تصحيحه هذا إنما يقول إن الذين يستحقون الحرق هم الطغاة.. قائلا بالحرف: «إن الذي يجب أن يحرق هم الطغاة الظالمون فاصبروا وصابروا».. تري هل هذا تحريض منه علي أن يقوم الشباب الذين يقرأون تصريحه بحرق الطغاة؟.. إذن من هم الطغاة الذين يقصدهم.. ما هو تعريفه لهم.. وهل كل شاب لديه ضيق في حياته يقوم بحرق الطاغية الذي يري أنه السبب في ضيقه سواء كان مدير موقع أو حاكم دولة؟.. أم لعل هذه بدورها ليست فتوي.. وإنما مجرد كلام في الهواء الطلق.. طق حنك آخر.. ولا داعي لأن نضيق علي الشيخ ونمضي إلي مزيد من توضيح مواقفه المرتبكة.. حتي لا نكون طغاة يدعون إلي حرقنا. اللهم ارزق هذه الأمة علماء يقدرون قيمة العلم ويعرفون وقع الكلم ويفرقون بين الحق والظلم ويقرون علنا بالندم ويعترفون بالخطأ ويقرون بالذنب ويدركون أنهم سوف يواجهون الله يوم القيامة.. ووقتها لن يكون في استطاعتهم أن يصدروا «تصحيح لازم». الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net البريد الإليكترونى : [email protected]