كعادتها استيقظت الطفلة "أسماء" صاحبة الأربعة عشر عاما من نومها في السابعة صباحا وارتدت ملابسها وخرجت من منزلها الصغير بقرية العزازي في محافظة الشرقية والذي يتكون من طابق واحد وتعيش فيه مع اسرة من أب وأم و3 أشقاء .. أسماء لم تخرج من منزلها في هذا الوقت المبكر متجهة إلي مدرستها حيث تدرس في الصف الثالث الاعدادي وانما اتجهت الي موقف السيارات الموجود بالقرية.. وهناك التقت بصديقاتها وركبن معا سيارة نصف نقل مكشوفة تقلهن إلي إحدي مزارع الطماطم بمدينة الصالحية القديمة.. في المزرعة كانت "روزاليوسف" في انتظار اسماء وزميلاتها للاستماع إلي حكايتهن وما هي الاسباب التي تجعل أطفالاً في عمر الزهور كهؤلاء يخرجن إلي معترك الحياة في هذا الوقت المبكر من العمر.. البداية كانت مع اسماء إبراهيم حيث قالت: عندي 3 اخوات أنا أكبرهن وأبي مزارع بسيط يعمل أجيراً في الحقول وضيق الحال هو الذي أجبرني علي الخروج للعمل حتي أساعد ابي في مصاريف المنزل. اضافت أسماء : أنا في الصف الثالث الاعدادي واتمني أن أكمل دراستي وأعمل في مهنة التعليم فأنا احبها جدا موضحة انها تستذكر دروسها عندما تعود للمنزل ليلا. أما غادة عبدالله 15 سنة فقالت إنها تعمل في جمع الطماطم منذ أن كانت في السابعة من عمرها حيث كانت تأتي مع والدها.. أضافت انها تحصل علي 15 جنيها يوميا من هذا العمل وتعطيهم لوالدتها حتي تساعدها.. وعن أقصي أمنياتها قالت إنها تتمني أن تذهب والدتها للحج ولذلك فهي تحتفظ بجزء من اجرتها يوميا حتي تستطيع ان تحقق امنياتها. وتقول سماح غريب 16 سنة وهي أيضا من نفس القرية إن الظروف لم تمكنها من استكمال دراستها حيث إن لديها 4 أشقاء ولدين وبنتين واخوها الأكبر يعمل معها في جمع الطماطم والبرتقال وذلك لمساعدة والدهم الذي يعمل موظفا بسيطا في إحدي المدارس ولا يكفيهم الراتب الذي يحصل عليه. وتحكي اسماء السيد 14 سنة قصتها وتقول إن والدها متوفي منذ فترة كبيرة ولديها 5 أشقاء ولدين و3 بنات هي أكبرهم في السن ووالدتها مريضة.. وأشارت إلي أن عملهم يبدأ من الساعة الثامنة صباحا ويستمر حتي غروب الشمس موضحة أن والدتها طلبت منها اكثر من مرة أن تترك العمل وتتفرغ لدراستها حيث تريدها أن تصبح طبيبة إلا أنها تريد أن تساعد في المصاريف ولو بجزء بسيط. وعن المخاطر التي تواجههم كأطفال قال أيمن سلامة 15 سنة إن زميلة لهم صعقها التيار الكهربائي أثناء عملها في إحدي المزارع وكان بها محول كهربي ومع ذلك فالفقر والحاجة أقوي من أن تخيفهم مثل هذه الحوادث.. أضاف أن هناك اثنين من أعز أصدقائه ماتوا في حادث التصادم الأخير الذي وقع علي طريق أبوشلبي فاقوس وراح ضحيته 10 أطفال واصيب 30 اخرين . ويلفت أيمن إلي أنه يوجد في كل قرية مقاول انفار تكون مسئوليته جمع الأطفال ونقلهم بسيارته الخاصة والتي غالبا ما تكون سيارة ربع نقل إلي المزارع وتشغيلهم مقابل أن يحصل علي 5 جنيهات من كل طفل. أضاف أنه ترك المدرسة وهو في الصف الثالث الإعدادي وكان يتمني أن يكمل دراسته حتي يصبح محامياً ويدافع عن المظلومين إلا أن الظروف كانت قاسية جدا فأراد مساعدة والده الذي يعمل في مهنة الزراعة وهو ما دفعه إلي العمل في جمع الطماطم والفاكهة. أما مصطفي السيد صاحب المزرعة فيقول انه يعتمد علي هؤلاء الأطفال في العمل بمزرعته حيث إنهم ورغم حداثة سنهم إلا أنهم يقومون بالعمل أفضل من العمال الكبار.. كما أنني أعلم انهم يساعدون أسرهم لذلك اتركهم يعملون واساعدهم بقدر الإمكان. ويشير محمد عبدالرحيم 45 سنة مراقب أنفار إلي أنه يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 20 عاما وقد مر عليه كثير من العمال إلا أنه في الفترة الأخيرة زادت كثيرا عمالة الاطفال في المزارع موضحا أن هؤلاء الأطفال كان أولي باهاليهم أن يشجعوهم علي استكمال دراستهم إلا أن ظروف الحياة القاسية تضطر الأهالي إلي إخراج اولادهم سواء كانوا بنات أو أولاداً الي العمل حتي يساعدوهم في مواجهة المصاعب.