ما أسهل الكلام ، وما أصعب عواقبه .. ومعظم الناس أصبحوا يلقون بالكلام غير مدركين لما تحمله هذه الكلمات من معانٍ أو دلالات ، أو لما تحرض عليه من أفعال وسلوكيات .. صحيح أن " الكلام ليس عليه جمرك" كما نقول ، ولكن " رب كلمة لا يلقي لها صاحبها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاً" كما يشير الرسول الكريم.. وفي سورة الكهف أشار المولي سبحانه وتعالي إلي خطورة ما يدعيه فئة ظالمة من الناس في حق المولي ذاته ، وهو العفو وهو الغفور وهو القدير وهو العزيز ، ولكنه سبحانه أراد أن يبين لنا خطورة ما نلقيه بدون تفكير في عواقبه " كبرت كلمة تخرج من أفواههم ، إن يقولون إلا كذباً" .. والكلمات في حد ذاتها كائنات مفرغة وفارغة من أي دلالة ، ولكنا نحن الذين نضيف إليها من عندنا دلالات تجعلها بمثابة قنابل موقوتة تكبر ويتسع نطاق تأثيرها " كبرت كلمة" .. وفي آية أخري ، يشير المولي إلي عظم الكلمة " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" .. ولذلك قالوا : لسان المرء قواده إما إلي جنته وإما إلي ناره" .. وفي مسرحية الحسين ثائراً ، أشار المبدع عبد الرحمن الشرقاوي إلي تأثير الكلمات ومعني الكلمة الحقيقي " أتدري ما معني الكلمة؟ .. مفتاح الجنة في كلمة .. ودخول النار علي كلمة .. وقضاء الله هو الكلمة... الكلمة زاد مزخور .. الكلمة نور ... وبعض الكلمات قبور .. الكلمة فرقان ما بين نبي وبغي .. الكلمة حصن الحرية .. الكلمة مسئولية.. إن الرجل هو الكلمة .. شرف الرجل هو الكلمة " .. ومن الحكايات الطريفة عن تأثير الكلمة ، ما يقال عن أن النعمان بن المنذر خرج ذات يوم تتبعه حاشيته إلي مكان مرتفع من الأرض ، فوقف النعمان عندها وصار يتأمل الطبيعة من حوله .. عندها تقدم إليه رجل من الحاشية ، وقال له : تري يا مولاي لو ذبح أحدهم علي سفح تلك التلة " المكان المرتفع" إلي أين سيسيل دمه؟ ففكر النعمان برهة ثم قال : والله ما المذبوح إلا أنت! وسنري إلي أين سيصل دمك .. فأمر به فذبح علي التلة.. فقال رجل من الحاشية " رب كلمة تقول لصاحبها دعني" ، والتي صارت مضرب الأمثال. كثير منا يحتاجون إلي تحسب ما يقولون ، وإلا سيصيبهم ما أصاب هذا الرجل.