كانت هزيمة الجيش الفرنسي أمام جحافل النازي عام 1940 بداية لأربع سنوات مريرة من الاحتلال عاش خلالها الفرنسيون أسوأ الأيام.إلا أن النظرة الأولي لكتاب "بعيون المُحتل" للمؤلفة الفرنسية سيسيل ديبراري تعطي انطباعا مختلفًا. فالكتاب الذي صدر في نهاية 2010 ، يجمع مئات الصور الفوتوغرافية النادرة التي بقيت أكثر من 60 عامًا حبيسة الأرشيف الألماني والفرنسي والتي تشهد علي هذه الفترة لكن بعيون آلة الدعاية النازية. فالصور ، التي كانت أغلبها ملونة وهو ما يعتبر طفرة تكنولوجية في هذا العصر ، جاءت لنفي أي اتهام للاحتلال الألماني بالعنف أو الوحشية أو القمع ، كما لم تعكس بأي شكل حالة المعاناة والقهر التي عاناها الفرنسيون ، اليهود منهم والمسيحيون . وقد قسمت المؤلفة كتابها إلي عشرة فصول تروي بالتفصيل أحداث الاحتلال الألماني لفرنسا وحتي إنزال الجنود قوات الحلفاء علي شواطئ نورماندي في يونيو 1944 إيذانا ببداية النهاية للاحتلال والحرب العالمية الثانية كلها ، ومع كل فصل تستعرض ديبراري الصور التي التُقطت في الوقت نفسه والتي تُعطي انطباعا خادعا لدولة تعيش هانئة تحت الاحتلال، فنري في إحدي الصور الجنود الألمان وهم يتسوقون في "سوق البراغيث" الشهير في باريس والابتسامة تعلو وجوههم، وفي صورة أخري يتنزه الفرنسيون في هدوء بالدراجات في شوارع العاصمة والأعلام النارية الحمراء ترفرف فوق رءوسهم، أو نري في صورة أخري -ومعظمهم للمصور الفرنسي أندريه زوكا اللافتات باللغتين الألمانية والفرنسية حول أسواق باريس. وتُذكر المؤلفة، التي قضت ثلاث سنوات في جمع الصور والوثائق لهذا الكتاب أن هذه الصور وإن بدت معظمها طبيعية تعبر بالفعل عن لحظات سعادة فلا يجب أن تخدع، القارئ عن بشاعة الاحتلال النازي الذي جنّد جيش من المصورين والصحفيين والإعلاميين بل والمفكرين الفرنسيين والألمان في إطار حملات مهولة من الدعاية لتحسين صورته أمام العالم.