سيظل توءم المفكر والناقد السوري المعروف جورج طرابيشي (هرطقات 1) و(هرطقات 2) الصادران عن دار الساقي بالاشتراك مع رابطة العقلانيين العرب في العامين 2006 و 2008 من أهم الإصدارات الفكرية العربية لمدة طويلة ففي هرطقاته الأولي ناقش طرابيشي: - إشكاليات الديمقراطية في العالم العربي. بذور العلمانية في الإسلام. الذات العربية وجرحها النرجسي. عودة إلي إشكالية التراث والحداثة. والأساطير السياسية العربية. ومرض العداء للغرب.. والعلمانية كمسألة سياسية لا دينية والانتلجنسيا العربية والإضراب عن التفكير. أما في هرطقات 2 فقد ناقش: العلمانية كإشكالية إسلامية / إسلامية. والطائفية كثابت دائم في التاريخ الإسلامي. وحرب الكلمات بين السنة والشيعة والعلمانية كجهاديين دنيوية وإلغاء مؤسسة الخلافة وتصريح 1923 وخطاب 1927 والمواقف المتعددة من الغاء الخلافة. والفرق بين مطالب الفلسفة ومطالب الايديولوجيا. وهرطقات عبد الرحمن بدوي وما بعد ذهبية التحريم والدين والسياسة في علاقة أوروبا بفلسطين والحملات الصليبية والحملة النابليونية والمسألة الشرقية ووعد بلوفر ومن قرار التقسيم إلي اليوم وقصة الإنسان والإلحاد وبغض النظر عن أهمية كل ما كتب طرابيشي في حياته وكل ما ترجم وألف من كتب وطرح من أفكار وأسئلة وما أرهق نفسه وأمتعنا به طوال 15 عاماً لمشروعه الكبير ( نقد نقد العقل العربي) بأجزائه الأربعة (نظرية العقل العربي / إشكاليات العقل العربي / وحدة العقل العربي / العقل المستقيل في الإسلام) ثم (المعجزة أو سبات العقل في الإسلام) والتي هي دراسة قائمة بذاتها وإن كانت غير منقطعة الصلة بمشروع النقد نقدي بأجزائه الأربعة. وتحفتاه الصادرتان عن دار بترا السورية التي نعتبرها والساقي من أهم الدور العربية للنشر. (المرض بالغرب: التحليل النفسي لعصاب جماعي). (ازدواجية العقل: دراسة تحليلية نفسية لكتابات حسن حفني). وكتابه الرائع الصادر عام 2000 عن دار الساقي. (بين النهضة والردة: تمزقات الثقافة العربية في عصر العولمة). نقول بغض النظر عن أهمية كل ما كتب طرابيشي ستظل الأسئلة العشرة التي طرحها حول الديمقراطية من الأهمية بمكان في ثقافتنا السياسية وعلي كل من يبذل من حياته وفكره ووقته لكي تتحول مصر إلي الديمقراطية أن يضع تلك الأسئلة المهمة محل الاعتبار وأن يحاول الإجابة عنها فلقد وضعنا طرابيشي أمام إشكاليات ضخمة وموضوعية للمشكلة الديمقراطية التي يظن بعض (الديمقراطيين) العرب أنها سهلة أو بسيطة وإنها الحل لكل شيء وبدونها لا شيء. كما يظن أصحاب المنطق الخلاصي أن المناداة بالديمقراطية والإلحاح علي المطالبة بها والهتاف من أجل تطبيقها هو كاف وكاف جداً لوجودها وتحققها في الواقع. أو مثقفونا الذين يطالبون بها مفصولة عن توءمها العلمانية والذين يختزلونها في صندوق اقتراع ويوم تصويت يبدأ في الثامنة صباحاً وينتهي في السابعة مساء!! والآن إليكم أسئلة طرابيشي المهمة حاولوا أن تنشغلوا بها أو تحاولوا الإجابة عنها. هل الديمقراطية بذرة برسم الزراع أم ثمرة برسم القطف؟ س 2: هل الديمقراطية يمكن أن تكون نظاما للحكم قبل أن تكون نظاماً للمجتمع؟ - هل يمكن أن تأتي الديمقراطية ونحن نسير وفق سياسات اقتصادية تقضي علي وجود الطبقة الوسطي؟ هل يمكن أن تأتي الديمقراطية اعتماداً علي مجتمع أهلي طائفي تسيطر عليه لوبيات دينية بترولية دولارية حيث لا يمكن اعتباره مجتمعاً مدنياً؟ هل يمكن أن تأتي الديمقراطية وإعلامنا لا يزال معادياً للطبقة البرجوازية بشكل مطلق؟ هل يمكن أن تأتي الديمقراطية دونما رد الاعتبار للدولة وللقانون وللعنف الشرعي؟ هل يمكن أن نتحول إلي الديمقراطية ونحن لا نعطي الاعتبار والأولوية لغرس ثقافة ديمقراطية ونختزل الديمقراطية في صندوق الاقتراع؟ وهل تبدأ الديمقراطية بصندوق الاقتراع أم بصندوق الرأس؟ هل ستعمل الآلية الانتخابية بمعزل عن الثقافة الديمقراطية؟ هل تأخر الديمقراطية سببه عدوان الدولة وتغولها علي المجتمع المدني أم عدوان السلطة علي الدولة نفسها كأداة منظمة ومعقلنة للمجتمع؟ 0 فالدولة بالتعريف تمثل القوة التي تحتكر العنف الشرعي في المجتمع والسلطة في الأنظمة العربية تكسر الاحتكار الطبيعي للدولة للعنف الشرعي وتسمح لنفسها أن تمارس العنف ضد المجتمع المدني وضد الدولة. هل يمكن الفصل بين الديمقراطية وتوءمها العلمانية فنسمع عن ديمقراطية دونما علمانية للدولة مثلاً؟!