كثيرا ما تأتيني دعوات من بعض البرامج في القنوات الفضائية لمناقشة بعض الموضوعات الهامة، وكثير منها تكون لمناقشة بعض الموضوعات التي أعتبرها ترفا فكريا وثقافيا فأعتذر ولا أذهب، فمثلا من الموضوعات الهامة التي دعيت لمناقشتها كان موضوع (عدم وجوب خدمة المرأة لزوجها من الناحية الدينية) وكان ذلك في برنامج (48 ساعة) علي قناة (المحور) مع الأستاذ (سيد علي) منذ ثلاثة أشهر، وكذلك دعيت بعدها بأسبوع لمناقشة نفس الموضوع في برنامج (امرأة عصرية) مع الأستاذة (هبة رشوان) في القناة (الأولي) المصرية، وكذلك دعيت إلي قناة (الفراعين) الفضائية الخاصة وكان ذلك في الخامس من سبتمبر عام 2009 في برنامج (حرب النجوم) وكان البرنامج عبارة عن مناظرة بيني وبين الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوي بالأزهر حول دراستي عن الديانة البوذية، أما أكثر الدعوات فتأتيني من كثير من البرامج لمناقشة بعض الموضوعات غير ذات قيمة فاعتذر لها ولا أذهب. إن هؤلاء الإعلاميون الذين نراهم الآن يتباكون في برامجهم علي ضحايا حادث الإسكندرية ويتساءلون في حيرة وذهول عن الأسباب والحلول، قد سبق وأن خاطبت العديد منهم منذ سنوات عبر البريد الإلكتروني وعبر الرسائل البريدية، والتقيت بكثير من معدي البرامج والصحفيين وخاطبتهم في هذا الشأن حول عمل حملة إعلامية لمناقشة موضوع الفتنة الطائفية كقضية هامة وملحة وخطيرة تهدد كيان وأمن هذا الوطن بأكمله، لكنني كنت أواجه دائما بالتسويف والتأجيل، وكثيرا ما كنت أقول لهم إن هذا الموضوع ستكون له عواقبه الكارثية وستثبت لكم الأيام صدق ما أقول، لكن أحدا لم يسمع لي. وكانت آخر محاولاتي أن أرسلت العام الماضي خطابات بريدية مسجلة بعلم الوصول بعد حادث نجع حمادي ببضعة أيام، فقد قمت يومها بكتابة عدة رسائل عرضت فيها استعدادي التام لمناقشة أسباب وحلول هذه الفتنة معهم ثم عرضها علي الجمهور في بعض البرامج ذات الجماهيرية الواسعة كبرنامج (البيت بيتك) و(العاشرة مساء) وبرنامج (90 دقيقة) وغيرها من البرامج وقمت بإرسال تلك الرسائل من محل إقامتي بأسيوط إلي كل من الأستاذ (محمود سعد) والأستاذ (معتز الدمرداش) والأستاذة (مني الشاذلي) علي مقر قنواتهم التي يعملون بها عبر البريد السريع الدولي (EMS) بعلم الوصول، ومازلت أحتفظ بالإيصالات البريدية حتي الآن، وتحمل هذه الإيصالات للرسائل الثلاث الأرقام المسلسلة الآتية: (735195، 735196، 735197)، بتاريخ 20/1/2010م أي منذ ما يقرب من عام تقريبا، ولم ألق ردا أو جوابا من واحد منهم حتي الآن، وكان نص الرسالة كالتالي: (السادة الأفاضل، بحكم تخصصي في الفكر الديني وشئون الأديان والتيارات الدينية منذ سنين عديدة استطعت أن أرصد حقيقة وأسباب الصراع الدامي المحتقن بين المسلمين والمسيحيين في مصر وهي أسباب وحقائق لم يتعرض لها الإعلام من قبل، في كل ذلك السيل الجارف من البرامج والتحليلات المختلفة والمتنوعة حول رصد هذه القضية والتنظير لها فقد قمت بإعداد بعض الدراسات ورصدت فيها حقيقة ذلك الصراع بطريقة علمية واقعية وقمت بوضع الكثير من الأفكار الواقعية والعلمية لحل تلك القضية الخطيرة، ورأيت أن أثير اهتمامكم لطرح هذه الأفكار الجديدة علي الناس لتثقيفهم وزيادة وعيهم بخطورة هذه القضية. أيها السادة أحيطكم علما بأن ما هو قادم من حلقات هذه الفتنة سيكون أسوأ وأخطر مما تتوقعون، فإن رغبتم في ذلك فأنا مستعد للقائكم ومناقشة هذه الأفكار معكم قبل عرض البرنامج للخروج بفائدة حقيقية تضع أيدينا جميعا علي موضع الألم وتحضير العقاقير اللازمة لعلاجه. اللهم ألا قد بلغت اللهم فاشهد). انتهي نص الرسالة. ومنذ ذلك التاريخ وحتي هذه اللحظة لم أتلق ردا ولا جوابا ولا حتي شكرا علي مبادرتي، ولا حتي قالوا لي (مش عاوزين النهاردة)، فقلت في نفسي ساعتها يبدو أنهم ألقوا برسائلي في سلة المهملات، لأن الحادث كان قد مضي عليه أسبوعان والأمور أخذت في التجمد والهدوء، ويبدو أن الانفعالات الساخنة قد فترت وبردت والنسيان سوف يطوي الحادث كما في كل مرة، وهذه هي عادة الإعلام مع كل حادث مشابه، ومن المضحك في الأمر أنه بعد بضعة أشهر من إرسالي هذه الرسائل تحدثت مع صديق لي هنا في الصعيد حول هذا الموضوع فقال لي: (لو أنك أخبرتهم أن لديك "عنزة" ولدت "جديا" بذيلين لأرسلوا لك عشرات الكاميرات والمراسلين والصحفيين لتغطية حادث ذيل الجدي العجيب). فقلت له صدقت يبدو أن الأمر لديهم أهون بكثير من ذيل الجدي.