لا أحد يستطيع أن ينكر التعب والمشقة التي تعرض لها حاج القرعة هذا العام خلال موسم الحج، وهي ذات المتاعب التي تعرض لها حجاج بعثة الجمعيات وبعض حجاج السياحة، خاصة فى منطقة المشاعر المقدسة بمنى وعرفات، لذلك حرصنا على إلقاء الضوء على رحلة حاج القرعة منذ مغادرته للوطن وحتى عودته بسلامة الله تعالى مرة أخرى مغفورا له عقب أداءه لفريضة الحج. تبدأ رحلة حاج القرعة منذ مغادرته للمطارات المصرية ووصوله إلى مطار جدة الدولي؛ حيث يكون في استقباله ضباط بعثة حج القرعة الذين يعملون على تيسير إجراءاته والتأكد من شحن حقائبه ، ثم تقوم السلطات السعودية بنقل الحاج إلى مكتب المطوف التابع له، والذي يقوم بدوره بنقله إلى مقر إقامته بالمنطقة المركزية للحرم المكي الشريف؛ حيث تبدأ من هنا المسئولية الفعلية للبعثة عن الحاج، وذلك وفقا للقواعد التي حددتها السلطات السعودية للبعثات النوعية للحج لجميع دول العالم. عندما يصل الحاج إلى مقر إقامته يكون في استقباله مشرف أو مسئول البعثة؛ حيث يقوم بتسكينه في غرفته ثم يتم صرف 30 زجاجة مياه معبأة آليا له (مياه معدنية) ليستخدمها الحاج خلال فترة إقامته بمكةالمكرمة قبل التصعيد لعرفات، والمنامة والوجبة الجافة التي تحتوى على 14 صنفًا متنوعًا ليستخدمهما الحاج خلال وقفة عرفات وأيام التشريق. ويأتي يوم الركن الأعظم في الحج وهو يوم عرفات، فيقوم ضباط ومسئولو البعثة بالإعداد لهذا اليوم العظيم قبل وقفة عرفات بنحو 7 أيام من خلال مراجعة خطط التصعيد التي تم وضعها خلال لقاءاتهم المتكررة مع اللواء محمد العطار الرئيس التنفيذي لبعثة الحج المصرية رئيس بعثة حج القرعة، ويقومون بزيارات تفقدية لمخيمات الحجاج بعرفات ومنى للتأكد من مطابقتها للشروط المتعاقد عليها مع المؤسسة الأهلية للطوافة بمكةالمكرمة، تمهيدًا لتصعيد الحجاج إلى عرفات صباح يوم التروية؛ حيث أن بعثة حج القرعة تحرص على تصعيد الحجاج إلى عرفات الله يوم التروية لضمان وصول جميع الحجاج إليه وأداء الركن الأعظم في الحج. ونظرا للشكاوى التي أعرب عنها حجاج القرعة هذا العام بمنى، فقد حرصت (أ ش أ) على محاولة الوصول إلى الحقيقة لمعرفة مصدر التقصير في خدمة الحجاج خلال أدائهم للمناسك في منطقة المشاعر المقدسة بمنى؛ حيث اتهم الحجاج البعثة بالتقصير في خدمتهم في الوقت الذي أكد فيه مسئولو البعثة عدم مسئوليتهم المباشرة عن الخدمات الفعلية المقدمة للحجاج بمنطقة المشاعر المقدسة، طبقًا للإجراءات والقواعد الموضوعة من قبل السلطات السعودية. وكانت البداية بالاطلاع على محضر التنسيق بين وزارة الحج السعودية وبعثة الحج المصرية؛ حيث أكد المحضر أن دور أعضاء البعثة في منطقة المشاعر المقدسة بعرفات ومنى يعد دورًا خدميًا فقط يقتصر على مساعدة حجاجها، على أن تقتصر خدمة السكن في مشعر منى على الحجاج فقط دون أعضاء البعثات الرسمية. وينص المحضر على أنه على أعضاء البعثة الالتزام بأنه في حالة رغبتهم في تقديم خدمات مميزة أو خاصة أو خدمات إضافية بمكةالمكرمةوالمدينةالمنورة ومنطقة المشاعر المقدسة لحجاجهم أن يكون ذلك بالصورة التي تتناسب ورغبة الحجاج دون أن يكون على حساب صالح حجاج الدول الأخرى، شريطة أن تقدم هذه الخدمات من خلال المؤسسات الأهلية للطوافة في مكةالمكرمة والمؤسسة الأهلية للأدلٍّاء في المدينةالمنورة، لكونهم الجهات الوحيدة المنوط بها خدمة حجاج الخارج، على أن يكون توفير تلك الخدمات وفق الضوابط والاشتراطات المنصوص عليها في كتيب التعليمات المنظمة لشئون الحج والمعتمد لدى وزارة الحج وبموجب عقود موثقة من قبل مؤسسة الطوافة المعنية بتلك الخدمات وموثقة من قبل وزارة الحج. وبالنسبة لإقامة الحجاج بمشعري عرفات ومنى، فتضمن المحضر على أن الجانب السعودي أوضح للجانب المصري أن المخيمات التي ستخصص للحجاج المصريين بمشعر عرفات ستكون فى حدود أعداد الحجاج الفعلية وهى حوالي 78 ألفًا، أما فيما يتعلق بسكن الحجاج في مشعر منى، فأوضح المحضر أن إسكان عموم الحجاج القادمين من خارج المملكة مقسم بين داخل المشعر وخارجه بما في ذلك حجاج الداخل، وذلك نظرا لضيق مساحة منى والتي تبلغ حوالي مليون و350 ألف متر، وبالتالي وجود استحالة لاستيعاب كافة الحجاج بداخلها. ومن هنا تبدأ مشكلة الحاج المصري؛ حيث تحرص بعثة الحج على إقامة جميع الحجاج بمشعر منى وتقوم باستئجار مخيمات إضافية من أجل ذلك بعد مفاوضات شاقة مع الجانب السعودي تحكمها العلاقات الطيبة بين الشعبين الشقيقين، وبالتالي تكون المساحة المخصصة لكل حاج في منى في حدود 90 سم، وهى بالطبع مساحة ضيقة للغاية. وبعد الإطلاع على محضر التنسيق بين وزارة الحج السعودية وبعثة الحج المصرية يتأكد أن دور البعثة ينتهي عند تصعيد الحجاج إلى عرفات وحتى انتهاء أيام التشريق؛ حيث يبدأ دور المطوف في استلام الحجاج في عرفات ومنى وخدمتهم بطريقة مباشرة، بينما يقتصر دور أعضاء البعثة على متابعة الخدمات المقدمة للحجاج من قبل المطوف ومراقبته لاتخاذ اللازم ضده في حالة تقصيره في خدمة الحجاج؛ حيث سبق وأن أعلن اللواء محمد العطار الرئيس التنفيذي لبعثة الحج المصرية رئيس بعثة حج القرعة أنه تم العام قبل الماضي بناء على شكاوى البعثة إيقاف 4 مطوفين عن العمل خلال موسم الحج الماضي بعد تقصيرهم في خدمة الحجاج، لافتا في الوقت نفسه إلى بعثة القرعة قدمت العام الماضي شكاوى في 12 مطوفا من المطوفين المتعاقد معهم لخدمة الحجاج لتقصيرهم في أداء الخدمات وعدم تواجدهم في المخيمات في عرفات ومنى. وبالانتقال إلى الواقع الفعلي لما حدث خلال تصعيد الحجاج إلى عرفات ونفرتهم إلى المزدلفة والمبيت بها ثم التوجه إلى منى لرمى الجمرات، فقد رصدنا بعض الظواهر خلال تلك الأيام؛ حيث أنه لأول مرة نجحت بعثة حج القرعة فى إجراء نفرة الحجاج خلال زمن قياسي، وذلك على الرغم من الازدحام المروري الكبير الذى صاحب نفرة الحجاج من جميع دول العالم؛ حيث لم تستغرق نفرة كل حجاج القرعة سوى حوالي ثلاث ساعات ونصف الساعة ، وذلك بفضل الموقع المتميز الذي حرصت البعثة على الحصول عليه هذا العام داخل صعيد عرفات الطاهر، والذي يحتوى على مواقف للحافلات بداخله، مما سهل عملية نفرة الحجيج. وبدأت رحلة المبيت بالمزدلفة والتوجه إلى منى، والتي كانت رحلة أقل ما يقال عنها أنها شاقة ومضنية بسبب الأزمة المرورية الطاحنة في منطقة المشاعر المقدسة لجميع الحجيج ، والتي أدت إلى تعطيل حافلات جميع الحجاج من مختلف دول العالم، إلا انه على الرغم من ذلك فقد كان حجاج بعثة القرعة من أوائل الحجاج وصولًا إلى المزدلفة. وعند وصول الحجاج إلى منى قاموا بالدخول إلى مخيماتهم، ولكن بالطبع الأمر لم يرق لهم بسبب ضيق المساحة الشديد المخصصة لكل حاج، وهو ما سبق وأن أوضحناه أنه ناجم عن المساحة الضيقة لمشعر منى بالنسبة لأعداد الحجاج من جميع دول العالم ورغبة بعثة الحج في إقامة جميع الحجاج داخل حدود المشعر بعكس بعض الدول الأخرى التي تفضل تسكين حجاجها خارج حدود منى بسبب الزحام الشديد بداخلها، وهو ما أدى إلى تجلى ظاهرة الافتراش هذا العام بمنى بصورة مكثفة وصلت إلى الافتراش على جسر الجمرات ذاته في أول مرة في تاريخ المملكة. وعقب تسكين الحجاج في مخيماتهم في منى، يقوم المطوف بتجميع الحافلات في موقف الحافلات بالمزدلفة؛ حيث أنه المسئول الوحيد الذي له حق التعامل مع شركات النقل، وبعد انتهاء أيام التشريق الثلاثة يقوم المطوف بجلب الحافلات من المزدلفة لنقل الحجاج من منى إلى فنادقهم بمكةالمكرمة وفقا لما تسمح به خطة المرور السعودية التي تحاول أن تتجنب وقت الذروة في استخدامات المشاة للطرق بمنى.