محافظ بني سويف: زراعة 100% من المستهدف بالمرحلة الثانية من مبادرة 100 مليون شجرة    الناتو يوافق على مهمة دعم وتدريب لأوكرانيا    كندا ترسل 2300 صاروخ من طراز "CRV7" إلى أوكرانيا    خبير: كلمة الرئيس السيسي بمؤتمر غزة خاطبت الشعور الإنساني العالمي    «أولمبياد باريس 2024 الأخيرة».. رافائيل نادال يعلن موعد اعتزاله التنس    «حاجة تكسف».. تعليق ناري من أيمن يونس على تصريحات محمد عبدالوهاب    بروكسي: ندرس عدم مواجهة الزمالك في بطولة الكأس    السجن المشدد 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة حشيش وسلاح في الشرقية    حبس عاطلين بتهمة سرقة هواتف المواطنين بالأزبكية    السجن من 3 ل7 سنوات للمتهمين بقتل الطفلة ريتاج بمدينة نصر    دعاء يوم عرفة 2024.. الموعد وفضل صيامه والأدعية المستحبة    محافظ الشرقية يفتتح النصب التذكاري للشهداء    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    الأنبا تيموثاوس يدشن معمودية كنيسة الصليب بأرض الفرح    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    تطورات جديدة في بلاغ سمية الخشاب ضد رامز جلال    اليوم.. نتفليكس تعرض فيلم الصف الأخير ل شريف محسن    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    وزير التجارة يبحث مع اتحاد المصنعين الأتراك مقومات الاستثمار بمصر    أسواق عسير تشهد إقبالًا كثيفًا لشراء الأضاحي    تعرف على شروط الخروج على المعاش المبكر 2024.. للقطاعين (الخاص والعام)    رضا عبد العال: أرفض عودة بن شرقي للزمالك    قرار جمهوري بتعيين الدكتور فهيم فتحي عميدًا لكلية الآثار بجامعة سوهاج    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    «يوم الحج الأعظم».. 8 أدعية مستجابة كان يرددها النبي في يوم التروية لمحو الذنوب والفوز بالجنة    فطار يوم عرفات.. محشي مشكل وبط وملوخية    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية يحذر من مصدر جديد للأمراض في غزة    صور | احتفالا باليوم العالمي للدراجات.. ماراثون بمشاركة 300 شاب بالوادي الجديد    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بطوخ الجمعة (موعد ومدة الانقطاع)    بيان عاجل بشأن نقص أدوية الأمراض المزمنة وألبان الأطفال الرضع    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره لطريق الواحات    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    أمل سلامة: تنسيقية شباب الأحزاب نموذج للعمل الجماعي    باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.. ضبط تشكيل عصابى تخصص فى النصب على المواطنين    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    إيران: ما يحدث بغزة جريمة حرب ويجب وقف الإبادة الجماعية هناك    عاجل| رخص أسعار أسهم الشركات المصرية يفتح شهية المستثمرين للاستحواذ عليها    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    وزارة الصحة تستقبل سفير السودان لبحث تعزيز سبل التعاون بالقطاع الصحى بين البلدين    محافظ القليوبيه يتابع أعمال إنشاء مستشفى طوخ المركزي    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    البرازيل تنهي استعداداتها لكوبا 2024 بالتعادل مع أمريكا    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    القائمة الكاملة لأفلام مهرجان عمان السينمائي الدولي في نسخته الخامسة    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشهيد نادر العمراني .. معالم الندرة والعمارة - وصفي عاشور أبو زيد

العلماء الربانيون الأحرار هم رأس الحربة في كل تغيير، وهم الآن يتصدرون المشهد الثوري في العالم العربي، تحميسا وترشيدا وتأصيلا وبيانا لما يجب، والناس ما تزال تضع ثقتها في العلماء، وتنتظر كلمتهم، وتلتف حولهم.
وفي هذا الإطار يأتي خبر اغتيال الشيخ الدكتور نادر السنوسي العمراني، الأحد 20 / صفر / 1438ه 20 / نوفمبر / 2016م بعد أن تم اختطافه في 6 أكتوبر 2016م، وهو العالم الجليل والداعية الرباني المجاهد، الذي يعرفه علماء ليبيا ودعاتها، وكذلك علماء العالم الإسلامي، بالرسوخ في العلم، والسمو في الخلق، والسماحة في المعاملة، وقد عرفته قبل سنين، ثم التقينا لقاء حيًّا ونحن نؤسس منتدى علماء الملسمين.
محطات في رحلة طلب العلم
ولد الشهيد بإذن الله نادر العمراني في الأول من شوال من عام 1392ه الموافق الثامن من نوفمبر 1972م بطرابلس.
درس المرحلة الابتدائية والإعدادية بمدرسة الوحدة العربية بطرابلس، وتحصل على الشهادة الإعدادية سنة 1986م، وتحصَّل على الشهادة الثانوية من مدرسة جنزور الثانوية سنة 1989م بتقدير ممتاز.
ثم درس أربع سنوات في كلية الطب جامعة طرابلس قبل أن يتركها متوجهاً إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلب العلم والدراسة في الجامعة الإسلامية، فتحصَّل على شهادة الليسانس من كلية الحديث الشريف وعلومه عام 1997م بتقدير عام ممتاز بنسبة 96.5 %.
ثم تحصَّل على دبلوم الدراسات العليا في الحديث الشريف وعلومه من قسم علوم الحديث، بكلية الحديث الشريف بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عام 1998م بتقدير عام ممتاز، بنسبة 97.8%.
ثم الشهادة العالية (الماجستير) في الحديث وعلومه من قسم علوم الحديث، بكلية الحديث بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عام 2002م بتقدير ممتاز، وكانت الرسالة بعنوان: "قرائن الترجيح في المحفوظ والشاذ وفي زيادة الثقة عند الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري".
ثم نال الدرجة الدقيقة (الدكتوراه) من قسم الدراسات الإسلامية بجامعة طرابلس في 7/1/2010م بإشراف فضيلة الشيخ أ.د. الصادق بن عبد الرحمن الغرياني، مع التوصية بالطبع والتداول بين الجامعات، وكانت الأطروحة بعنوان: " علوم الحديث عند ابن عبد البر من خلال كتابه التمهيد".
وقد طلب العلم على عدد كبير من علماء المسلمين داخل ليبيا وخارجها، وله إجازات في علوم شتى، وحفظ القرآن على يد الشيخ مصطفى قشقش في مسجد عبد الله بن عمر.
من معالم الندرة عند الشيخ
إن الشيخ نادر العمراني له من اسمه أكبر نصيب، فهو نادر بالفعل، نادر في علمه، الذي شهد له به كل من عرفه وعامله، حتى أعداؤه الذين اغتالوه كانوا يعرفون عنه علمه.
ونادر في تعلمه: صبرًا ودأبًا وتفوقًا في جميع مراجل تعليمه حتى استشهاده.
ونادر في خلقه وسمته، فقد كان قليل الكلام، هادئ الطبع، ثاقب النظرة، باسم المحيا، ونادر في سمته ونورانيته وربانيته، وكان كذلك نادرًا في مشيته، وهيبته، ووقاره وحيائه وبسمته، فكأن الشاعر عناه بقوله حين قال:
أَيْنَ مِنْ عَيْني حَبِيبٌ سَاحِرٌ............... فِيْهِ نُبْلٌ وَجَلاَلٌ وَحَيَاءْ.
وَاثِقُ الخُطْوَةِ يَمْشي مَلِكا............... ظَالِمُ الحُسْنِ شَهِيُّ الكِبْرِيَاءْ
عَبِقُ السِّحْرِ كَأَنْفَاسِ الرُّبَى.............سَاهِمُ الطَّرْفِ كَأَحْلاَمِ المَسَاءْ
من معالم العمارة والتعمير
وهو عمرانيٌّ، نسبةً للعمران؛ حيث عمَّر ليبيا بعلمه وفضله ونشاطه، وبجهده في الهيئات الرقابية والروابط العلمائية التي تولاها وحظيت بعضويته، فقد تولى وظيفة الرقابة الشرعية على عدة مؤسسات مالية، منها: عضو هيئة الرقابة الشرعية بمصرف شمال أفريقيا من 2010م-2012م. وعضو هيئة الرقابة الشرعية بالمصرف الأهلي المتحد 2013م. ورئيس اللجنة الشرعية لمصرف الادخار والاستثمار العقاري 2013م. وعضو هيئة الرقابة الشرعية في شركة التكافل للتأمين الإسلامي منذ 2010م. وعضو هيئة الرقابة الشرعية في الفرع التكافلي لشركة ليبيا للتأمين 2012م. وعضو هيئة الرقابة الشرعية المركزية بمصرف ليبيا المركزي 2013م.
وكذلك تولى إدارة فرع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بطرابلس سنة 2012م. وعضو في عدة هيئات شرعية، أبرزها: عضو مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء الليبية. والأمين العام لهيئة علماء ليبيا. ونائب رئيس رابطة علماء المغرب العربي. وعضو رابطة علماء المسلمين. ورئيس اللجنة العلمية بالجمعية الليبية للمالية الإسلامية. وعضو في هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAIOFI). ونائب رئيس لجنة مراجعة القوانين والتشريعات وتعديلها بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية المشكلة من المؤتمر الوطني العام 2015م. وعضو اللجنة الاستشارية بإدارة الدراسات والبحوث بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 2012م. وكان مدربا معتمدا من المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية في البحرين، وقدَّم العديد من الدورات العلمية في المالية الإسلامية.
كما أثر في نفوس طلابه وعمرها بالعلم والإيمان؛ حيث درَّس في عدد من الكليات والأقسام الشرعية في الجامعات الليبية، فعُيِّن سنة 2006م بدرجة محاضر مساعد في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة مصراتة. ثم انتقل إلى قسم الدراسات الإسلامية، بكلية الآداب، جامعة طرابلس 2012م، ويعمل فيه إلى الآن بدرجة أستاذ مساعد. وقام بالتدريس طلبة الدراسات العليا في كلٍّ من: أكاديمية الدراسات العليا فرع مصراتة، وجامعة طرابلس، والجامعة الأسمرية، وجامعة المرقب. وشارك في عدة مؤتمرات علمية، داخل ليبيا وخارجها، وكان محرر جريدة الهدي الإسلامي الصادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، كما شارك في تحكيم عدد كبير من البحوث المنشورة في المجلات الشرعية العلمية، كما ناقش وأشرف على عدد من رسائل الماجستير.
ومن معالم العمارة والتعمير عند صديقنا الحبيب الفقيد الشهيد أنه ترك عدة مؤلفات، يعمر بها حياته الباقية الخالدة – والعلم المنتفع به يتصل به العمل بعد الوفاة – وتكون أثرا صالحا تنتفع به الأجيال من طلاب العلم، منها:
قرائن الترجيح في المحفوظ والشاذ وفي زيادة الثقة عند ابن حجر من خلال فتح الباري.
علوم الحديث عند ابن عبد البر من خلال كتابه التمهيد.
النصوص الشرعية بين جمود الظاهرية وخيالات المتعمقة.
جهود المحدثين في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فضائل النخلة والتمور في السنة النبوية.
تشريعات التأمين التكافلي في ليبيا قراءة في قرار وزير الاقتصاد رقم (201) لسنة 2012م.
الحديث الحسن لذاته وعدم اختصاصه بخفة الضبط.
الأخذ بالقول الضعيف في المعاملات المالية المعاصرة.
لأحاديث المشتهرة على الألسنة وحكم روايتها دون تثبت.
أثر المعايير الشرعية في كفاءة التدقيق الشرعي.
تحول شركات التأمين للنظام التكافلي.
لقد مثلت حياته عمارة وتعميرا بما كتبه من كتب، وشارك فيه من ندوات، وبما أعده من مشروعات، وقدمه من بذل وعطاء؛ خدمة لقضيته العادلة، وإنجاحا لثورته المتآمَر عليها.
استشهاد الشيخ .. دروس للثوار
إن اغتيال الشيخ الشهيد نادر العمراني جريمة بشعة بكل المقاييس، وعمل إرهابي خسيس، لا يُقدم عليه إلا من اتصفوا بصفات الخوارج الذين وصفهم النبي – صلى اله عليه وسلم – في الصحيحين بأنهم (يقتلون أهل الإسلام) .. هؤلاء ليس عندهم فكر ولا فقه ولا حجة حتى يناقشوا فيه، وإنما لا يليق لهم إلا القوة، فمتى اتضح بيقين وثبت بلا شك قاتلوه فلا يجوز أن تأخذ أبطال ومجهادي ليبيا بهم هوادة في دين الله، حتى يكونوا عبرة لمن بعدهم؛ لأن هذا مخطط يستهدف العلماء، ليس في داخل ليبيا فقط وإنما خارجها أيضا.
إن الشيخ الجليل نادر – تقبله الله في الشهداء - كان مثالا للعالم الرباني العامل الذي استثمر حياته في العمارة والبناء والتعمير، وإذا كانت حياته كذلك فيجب أن يكون استشهاده على هذا النحو - رغم ما فيه من ألم وحزن - فرصةً لإعادة اللحمة إلى فرقاء الثورة الليبية، بأن ينحوا خلافاتهم، ويعيدوا تشبيك العلاقات حتى يقف الجميع صفا واحدا أمام أعداء ليبيا وتحدياتها في الداخل والخارج؛ تحطيطا وتنفيذًا؛ فثورة السابع عشر من فبراير مستهدفة ويراد اغتيالها والقضاء عليها .. إن فقْدنا للشيخ نادر محنة ينبغي أن يكون فيها منحة لتوحيد الصف الثوري في ليبيا، واستعادة قوة نسيجه الاجتماعي وعافيته الثورية.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.