أثارت زيارة الرئيس السيسي لألمانيا ,موجات متلاطمة من التصريحات والآراء على الصعيدين العربي والعالمي. وتأتى أهمية ألمانيا من أنها كانت تقف ضد أحداث 30 يونيو، وتعتبر أن ما جرى انقلاب على حكم ديمقراطى، وعلى رئيس جاء بالانتخاب. وبدأت الدول الغربية، وعلى رأسها ألمانيا، إعادة النظر مرة أخرى لمصر ورئيسها ,ودورها فى حفظ الأمن , ومن هنا كانت دعوة المستشارة الألمانية ميركل لزيارة السيسى إلى برلين. تناول الإعلام المصري للزيارة أثارت قائمة الشخصيات المصاحبة للرئيس في الرحلة موجات من اللغط في مصر , إذ كان من المتوقع أن يصطحب الرئيس وفدًا من رجال الأعمال المصريين فى مختلف المجالات المرشحة للتعاون مع الجانب الألمانى، إلا أن الوفد المكون من 150 شخصًا شمل بعض الفنانين والإعلاميين والشخصيات العامة , وفى حين أثارت الأسماء التى سافرت سيلًا من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعى، فإن الصحافة القومية تحدثت عن أن مصر حرصت أن تخاطب الألمان بقوتها الناعمة -أي الفنانين-. ووصف الكاتب الصحفي فهمي هويدي، وفد السيسى ب"عناصر الزفة", واعترض على اهتمام وسائل الإعلام المصرية بالزفة دون الاهتمام بالعرس نفسه ,ألا وهو المكاسب التي يمكن تحقيقها من الزيارة, وهو ما جعل "هويدي"، يستنتج أن المبالغة فى الزفة كانت مقصودة للرد على رئيس البرلمان الألمانى الذى رفض مقابلة الرئيس السيسى فى تعبير له عن الاحتجاج على انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر، وانتقاد المحاكمات الجارية فيها لضمانات العدالة. وكأن من رتب أمر الزفة أراد إبهار الألمان إلى جانب توجيه رسالة ضمنية إلى السياسى الألمانى الكبير من خلال الوفد الشعبى القادم من القاهرة والحشد الذى نظم لعناصر الجاليات المصرية وهتافات الترحيب التى ترددت أصداؤها فى سماء برلين خلاصتها ان ادعاءه غير صحيح، وأن الشعب المصرى بمختلف طوائفه يلتف حول رئيسه فى داخل البلاد وخارجها. اهتمام السيسي باصطحاب الإعلاميين وجود الإعلاميين مع الرئيس وبكثرة تصل إلى حدود الإسراف هو السمة المميزة فى آخر عامين، ولم يعد الأمر قاصرًا على رئاسة الجمهورية مثلما كان يحدث فى الماضى، فهى التى كانت تختار وتمنح أيضًا بدل سفر وقبل ذلك تمنح "برستيجًا" أدبيًّا لمن يقع عليه الاختيار، الآن هناك تهافت إعلامى للحاق بالرئيس في أسفاره الخارجية وصل إلى الذروة فى رحلته الأخيرة لأمريكا، ربما برلين تتفوق بعد أن تعددت الجهات الداعمة للسفر. ويجب أن نضع فى المعادلة الاهتمام بالظهور الدائم مع السيسي، فهم بطبعهم يبحثون عن بقعة الضوء، وهكذا سنجد بينهم من يريد الشعبطة على كتف الرئيس لالتقاط صورة معه، فمنهم من كانوا يذهبون مع مبارك إلى "توشكا"، وقبلها مع السادات إلى "الصالحية"، ومع جمال إلى "السد"، وهى كما ترى رحلات داخلية ومشروعات ارتبطت بأحلام وطنية، بعضها تحقق وبعضها تبدد. الغباء في التعامل مع الغرب ومن الواضح أن من يديرون سياسة بلادنا ينسون أن المسئولين الأجانب، والغربيون منهم بوجه أخص، يعرفون عن حقائق الأوضاع فى مصر أكثر بكثير مما يعرفه المثقفون والإعلاميون وربما بعض المسئولين. ذلك أن لهم فى القاهرة سفارات وعيونًا وآذان ترى وتسمع وتتحرى, ووسائل الإعلام بالنسبة إليهم أحد المصادر، وليست المصدر الوحيد. ومحاولة التأثير عليهم بما نسميه قوة مصر الناعمة، هو نموذج للتبسيط والتسطيح، لأن تلك القوة الناعمة، قد تثير فضول الجماهير والرأى العام. لكنها منعدمة التأثير فى القرار السياسى أو الاقتصادى. وأى دبلوماسي أو سياسي أجنبى عاقل يعرف أن مصدر القوة الحقيقية لأى دولة يكمن فى ديمقراطيتها وأمنها واستقرارها وقوة اقتصادها واستقلال قرارها الوطنى. ويبقى التساؤل هل يمكن أن نطمح في تحقبق أي نجاح في زيارة ألمانيا ؟,وكيف يمكن الوثوق في النجاح إذا كانت البدايات غير موفقة.