أعلنت السفيرة وفاء بسيم رئيسة بعثة مصر لدى الأممالمتحدة فى جنيف أن الرئيس محمد مرسى وافق على أن تستضيف مصر المكتب الإقليمى للمفوضية السامية لحقوق الإنسان لمنطقة شمال أفريقيا . وأشارت السفيرة وفاء بسيم فى كلمة مصر اليوم الخميس أمام الاجتماع رفيع المستوى للدورة 22 لمجلس حقوق الإنسان المنعقد فى جنيف – إلى أن ذلك يأتى فى ضوء إيمان الدولة المصرية بأهمية التفاعل والتواصل بايجابية مع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان وآلياتها الرئيسية . وأوضحت بسيم أن مصر لديها ثقة كبيرة فى أن المكتب سوف يسهم بقوة فى تدعيم حماية واحترام حقوق الانسان فى هذة المنطقة التى انطلقت منها شرارة التحول الديمقراطى منذ قرابة عامين . وأشارت بسيم إلى أن مصر تتطلع أن تشهد الشهور القليلة المقبلة التوقيع على اتفاقية المقر بين الحكومة المصرية والمفوضة السامية لحقوق الإنسان . من ناحية أخرى، أكدت بسيم أن مصر تجرى حاليا عملية مراجعة شاملة ( بمشاركة كافة الجهات الوطنية المعنية ) للموقف التعاهدى لمصر تجاه اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية ، مشيرة الى أن تلك العملية تشمل عددا من الأطروحات الهامة من بينها النظر فى التصديق على اتفاقية الاختفاءات القسرية والبروتوكول الاختيارى لاتفاقية مناهضة التعذيب . وذكرت بسيم أن مصر مستمرة فى خطواتها الجادة من أجل تنفيذ التوصيات التى قبلتها مصر خلال المراجعة الدورية لملفها فى مجال حقوق الانسان ، مؤكدة أن هذا الموضوع يمثل أولوية خاصة على سلم أولويات الحكومة المصرية وبما فى ذلك التوصيات التى تتعلق بتطوير التعاون مع حاملى الولايات الخاصة لمجلس حقوق الانسان . وقالت السفيرة وفاء بسيم فى كلمتها أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه وبعد مرور عامين على الثورة العظيمة لشعب مصر فى 25 يناير 2011 من أجل حرياته وحقوقه الاساسية تأكد أن الشعب لن يقبل العودة مرة أخرى إلى عهود قمع الحريات ولن يتراجع عن المطالبة باقامة دولة القانون واستكمال مسيرة التحول الديمقراطى . ولفتت إلى أن هناك إدراكا تاما بأن هناك تحديات جسام تواجهها هذة المسيرة وهو ماتواجه به عادة المراحل الانتقالية المحورية فى تاريخ الدول ، إلا أن السلطات المصرية مصممة على استكمال بناء مؤسسات الدولة فى إطار من الاحترام التام للقانون والسعى لعدم الوقوع فى أخطاء الماضى . ونوهت بسيم إلى أن العام الأخير قد شهد عدة تطورات هامة كان على رأسها انتخاب أول رئيس مدنى من خلال عملية انتخابية شهد العالم بنزاهتها وجرت تحت إشراف قضائى محايد ومتابعة لصيقة من جانب منظمات المجتمع المدنى المصرية والأجنبية وفى ظل نسبة مشاركة شعبية كبيرة . وفى ذات الإطار، أشارت بسيم إلى أن استمرار النقاشات العامة الموسعة حول امكانية تعديل بعض مواد الدستور الجديد الذى أقر قبل شهور قليلة إنما هو دليل على مدى الحيوية التى تشهدها الساحة السياسية فى مصر خلال المرحلة الحالية . ولفتت بسيم إلى أهمية عدم قراءة نصوص الدستور بمعزل عن مبادئه الحاكمة المدرجة فى ديباجته والتى من أهمها التأكيد على ضرورة تداول السلطة بشكل سلمى والتعددية السياسية واحترام الكرامة الانسانية والمساواة الكاملة فى الحقوق والواجبات بين المواطنين بدون أى استثناء أو تمييز واحترام دور المرأة كشريك كامل فى العوائد الوطنية وفى المسئوليات. وقالت بسيم إنه فى الوقت الذى نتطلع إلى أن يؤدى انعقاد مجلس النواب الجديد (والمنتظر أن تعقد أولى جلساته فى 6 يوليو المقبل ) إلى اعطاء قوة دفع لعملية استكمال البناء التشريعى للضمانات القانونية وآليات الردع والانصاف اللازمة للتعامل مع انتهاكات حقوق الانسان والحريات الأساسية للأفراد وأيضا أطر التعويض عن هذه الانتهاكات . وشددت سفيرة مصر لدى الاممالمتحدة فى جنيف على أن الفترة الأخيرة شهدت اتخاذ عدد من الاجراءات الهامة من بينها الاستمرار فى تقديم المسئولين عن انتهاكات حقوق الانسان (سواء تلك التى وقعت فى ظل النظام السابق أو فى مرحلة مابعد الثورة ) إلى المحاكمة لمحاسبتهم وضمان عدم افلاتهم من العقاب مع انشاء صندوق جديد لتعويض ضحايا الثورة وأسرهم ، إضافة لاتخاذ خطوات حثيثة من أجل الارتقاء بكفاءة أجهزة الأمن فى إطار فهم صحيح لمبادئ ومعايير حقوق الانسان وأيضا العمل على تدعيم دور المجلس القومى لحقوق الإنسان كجهاز مستقل يساند منظومة حقوق الانسان الوطنية . على صعيد آخر، طالبت السفيرة وفاء بسيم سفيرة مصر لدى الأممالمتحدة باتخاذ خطوات فعالة على المستوى الدولى وخاصة فيما يتعلق بضرورة العمل على وقف كافة انتهاكات حقوق الانسان التى يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطينى على يد سلطات الاحتلال الاسرائيلى ومايجرى من إهمال متعمد لحقوقه المشروعة وعلى رأسها حقه فى تقرير المصير وحقه فى إقامة دولته المستقلة . وأشارت السفيرة وفاء بسيم الى أن التقرير الصادر مؤخرا عن لجنة تقصى الحقائق المشكلة من قبل مجلس حقوق الإنسان لتحرى اثر الاستيطان الاسرائيلى على أوضاع حقوق الإنسان للفلسطينيين هو أبلغ دليل على قسوة وفداحة الانتهاكات الممنهجة والجسيمة التى يتعرض لها الفلسطينيون . وقالت بسيم إن مصر لديها المزيد من القلق تجاه التدهور الخطير للأوضاع فى سوريا ، مؤكدة رفض مصر القاطع لاستخدام العنف فى أية صورة كانت ضد المدنيين وجددت المطالبة للحكومة السورية بالاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب السورى ووقف كافة انتهاكات حقوق الانسان باعتبار ان ذلك يمثل المدخل الحقيقى والوحيد للخروج من الازمة الحالية . وأعرب بسيم عن القلق إزاء ماتتعرض له الجاليات المسلمة والمهاجرون والأقليات فى بعض مناطق العالم من تمييز وانتهاكات لحقوقهم الأساسية بما فى ذلك الانتهاكات التى تتعلق بالاساءة للاديان وللرموز الدينية وبما يستدعى اتخاذ خطوات عاجلة على المستويين المحلى والدولى لمواجهة تيارات التطرف والتمييز والعنصرية وكراهية الأجانب بكل حسم وفى كافة صورها مع العمل فى ذات الوقت على احترام الهويات والخصوصيات الثقافية والمجتمعية وتعميق قيم التسامح المتبادل والحوار . وجددت بسيم التأكيد على أهمية عدم الانجراف عند التعامل مع الموضوعات المختلفة المدرجة على أجندة حقوق الإنسان الدولية بتركيز الاهتمام على قضايا حقوق الإنسان المرتبطة بالحقوق السياسية والمدنية للافراد والشعوب على حساب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتى تمثل أولوية خاصة للدول النامية . وأكدت بسيم على ضرورة أن يكون منهج العمل الدولى بشكل عام موضوعيا ويتأسس على احترام مبادئ القانون الدولى لحقوق الانسان والقانون الدولى الانسانى مع الابتعاد عن تسييس قضايا حقوق الانسان وتفادى الانتقائية وازدواجية المعايير التى قيدت من قبل عمل لجنة حقوق الإنسان بالأممالمتحدة .