خرجت أوروبا أمس 14 نوفمبر ترفض سياسات التقشف والبطالة التي يفرضها صندوق النقد الدولي وشارك ملايين العمال في إضرابات أجتاحت جنوب أوروبا إحتجاجا على خفض الإنفاق وزيادة الضرائب التي تقول الاتحادات العمالية أنها عمقت الأزمة الاقتصادية في المنطقة. يري بعض الاقتصاديين أن برامج زيادة الضرائب وخفض الإنفاق ضرورية لخفض عجز الموازنة وترد اتحادات العمال بأن هذه السياسات أدت لأرتفاع البطالة إلي 25% في أسبانيا فقط.هذا هو حصاد سياسات التقشف في أوروبا غلاء وبطالة ونقص في الإنفاق علي الخدمات العامة. لم تقتصر الاحتجاجات علي أسبانيا والبرتغال التي شارك أكثر من 1.5 مليون في مظاهرات رفض سياسات التقشف بل أمتدت إلي اليونان وإيطاليا وبلجيكا، و من المقرر انطلاق مسيرات في بلدان أخرى. خرج المتظاهرون في البرتغال حاملين لافتات تندد بالاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي. قدمت هذه المؤسسات الثلاث خطة إنقاذ للبرتغال تبلغ قيمتها 78 مليار يورو وطالبتها في المقابل بتطبيق إجراءت تقشف صارمة. بدأت اليونان ثالث إضراب خلال شهرين، لرفض خفض الإنفاق وزيادة الضرائب حتى تحصل على دفعة مالية ضمن خطة الإنقاذ المقررة من قبل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وهو ما يلقى معارضة شعبية شديدة.كان صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي قد طالب اليونان بتطبيق هذه الاجراءات مقابل الحصول على الدفعة الجديدة من خطة الإنقاذ والتي تبلغ 31.5 مليار يورو. كما تفجرت موجة من الاحتجاجات في الأردن وإعلان المعلمين الإضراب العام منذ يوم الثلاثاء 13 نوفمبر احتجاجاً علي قرار وزير الصناعة والتجارة الذي يقضي بإجراء رفع أسعار المنتجات البترولية. ومن المضحكات المبكيات أن هذه المنتجات هي البنزين 90 والسولار واسطوانات الغاز بل وسقط شهيد في مدينة أربد خلال المواجهات وهي نفس خطة الصندوق في مصر.ومنذ يونيه الماضي تشهد السودان تظاهرات حاشدة ترفض رفع أسعار الوقود وخفض قيمة العملة وتقليص قيمة الدعم تنفيذا لتوصيات صندوق النقد الدولي . كما تشهد المدن العراقية مظاهرات رافضة لإلغاء البطاقات التموينية تنفيذا لتوصيات صندوق النقد الدولي. وينتفض العالم كله من حولنا رافضاً توصيات الصندوق من أسبانيا واليونان والبرتغال إلي الأردن والسودان والعراق.وتمدنا الخبرة العالمية بان الدول التي رفضت توصيات الصندوق مثل ماليزيا والبرازيل هي التي استطاعت العبور الاقتصادي أما الدول التي نفذت توصيات الصندوق فقد غرقت في المزيد من الديون والأزمات مثل شيلي واليونان. بينما تلهث الحكومة المصرية من أجل قرض جديد من الصندوق وتمتد المحادثات منذ أكثر من أسبوعين بين ممثلي الصندوق والحكومة المصرية حول برنامج الإصلاح الذي تلتزم مصر بتنفيذه للحصول علي القرض. بينما يبشرنا وزير المالية بقرب رفع أسعار البنزين 95 والسولار وأنابيب البوتاجاز بينما يترك تصدير الغاز للخارج وإعطائه لشركات الاستثمار بالسعر المدعم فهذه هي توجهات الصندوق التي تنفذها الحكومة. ينبه حزب التحالف الشعبي الاشتراكي منذ شهور من مخاطر القرض الذي تتفاوض الحكومة بشأنه مع صندوق النقد الدولي، ويطالب بإعلان شروط القرض وإجراء حوار مجتمعي حول القرض والبدائل المتاحة لسياسات الاقتراض الخارجي. ورغم إدعاءات الحكومة وحزب الحرية والعدالة بأن الهدف من القرض هو الحصول علي شهادة جدارة للاقتصاد المصري . ورغم تصريحات الدكتور هشام قنديل بالحفاظ علي مصالح محدودي الدخل إلا أن النتائج تأتي عكس التصريحات. لذلك يرفض الحزب أن يتحمل العمال والفلاحين تكلفة توصيات الصندوق بينما تفرط الحكومة في الإعفاءات لكبار المستثمرين. بل أن تصريحات الرئيس أوباما اليوم تطالب بتحميل الأغنياء أعباء الضرائب الجديدة بينما في مصر لا يدفع الضرائب إلا الفقراء الذين تريد الحكومة تقليص الدعم المقدم لهم وتقليل الإنفاق الحكومي للخدمات والمرافق التي يحصلون عليها وإطلاق يد القطاع الخاص للمزيد من الاحتكار والغلاء. إن المظاهرات والإضرابات التي تجتاح العالم تحذر من الخضوع لشروط الصندوق وقروضه التي تحمل الإفقار لملايين المصريين. لا لقرض صندوق النقد الدولي، نعم لنظام ضريبي عادل وضرائب تصاعدية لا لسياسات التقشف وتخفيض الدعم نعم لزيادة الاعتماد علي مواردنا الاقتصادية المهدرة.