البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 55 مليار جنيه في هذا الموعد    15 شهيدا في مخيم النصيرات.. ومدفعية الاحتلال تستهدف رفح الفلسطينية    الاحتلال الإسرائيلي يخوض اشتباكات في حي البرازيل برفح الفلسطينية    غضب عارم داخل حكومة تل أبيب وتهديدات بالانسحاب.. ماذا يحدث في إسرائيل؟    واشنطن تدين إطلاق كوريا الشمالية لصواريخ باليستية    عاجل.. تطورات خطيرة في إصابة علي معلول ونقله للمستشفى    تشيلسي يستضيف بورنموث في الدوري الإنجليزي.. الموعد والقنوات الناقلة    عاجل.. «رياح واضطرابات شديدة».. «الأرصاد» تحذر من طقس الساعات المقبلة    حظك اليوم برج العقرب الأحد 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سامح يسري يحتفل بزفاف ابنته.. ومصطفى قمر يغني في الفرح (صور)    5 معلومات عن عامر الصباح زوج الفنانة صابرين    عاجل.. موجة كورونا صيفية تثير الذعر في العالم.. هل تصمد اللقاحات أمامها؟    القومي للبحوث يوجه 9 نصائح للحماية من الموجة الحارة.. تجنب التدخين    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاستعراض في زفاف "صحراوي الإسماعيلية"    نصائح لمواجهة الرهبة والخوف من الامتحانات في نهاية العام الدراسي    رئيسا روسيا وكازاخستان يؤكدان مواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    بوجه شاحب وصوت يملأه الانهيار. من كانت تقصد بسمة وهبة في البث المباشر عبر صفحتها الشخصية؟    عاجل.. إصابة البلوجر كنزي مدبولي في حادث سير    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    خاص- تفاصيل إصابة علي معلول في مباراة الأهلي والترجي    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    مع استمرار موجة الحر.. الصحة تنبه من مخاطر الإجهاد الحراري وتحذر هذه الفئات    عيار 21 الآن بالسودان وسعر الذهب اليوم الاحد 19 مايو 2024    إيطاليا تصادر سيارات فيات مغربية الصنع، والسبب ملصق    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    أصل الحكاية.. «مدينة تانيس» مركز الحكم والديانة في مصر القديمة    «يلا بينا».. باسم سمرة يروج لفيلمه الجديد «اللعب مع العيال»    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    محافظ بني سويف: الرئيس السيسي حول المحافظة لمدينة صناعية كبيرة وطاقة نور    بعد الانخفاض الكبير في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد بالمصانع والأسواق    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    عماد النحاس: كولر أدار المباراة بشكل متميز.. وغربال كان متوترًا    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19 مايو 2024    صرف 90 % من المقررات التموينية لأصحاب البطاقات خلال مايو    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    رامي ربيعة: البطولة لم تحسم بعد.. ولدينا طموح مختلف للتتويج بدوري الأبطال    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    جريمة في شارع ربيع الجيزي.. شاب بين الحياة والموت ومتهمين هاربين.. ما القصة؟    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    على متنها اثنين مصريين.. غرق سفينة شحن في البحر الأسود    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي الأمريكي سيبحث مع ولي العهد السعودي الحرب في غزة    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    مصرع شخص في انقلاب سيارته داخل مصرف بالمنوفية    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناء الخالية .. وأطماع المغامرين| فاروق جويدة

كان القرار الأمريكى بإعلان مدينة القدس عاصمة لإسرائيل قرارا مشئوما لا يقل فى خطورته وآثاره عن وعد بلفور فى 1917 و الذى أعطى اليهود الحق فى إقامة وطن على أرض فلسطين .. والشىء المؤكد أن زلزال القدس سوف تكون له توابع كثيرة فى كل العواصم العربية والإسلامية وأنه بداية العاصفة التى ستحمل العالم العربى كله إلى دائرة من التقسيمات والغنائم والاستيلاء على الأراضى وإعلان قيام دول جديدة..
وسط هذه المؤامرة الكبرى بدأ الحديث عن سيناء الأرض المصرية المباركة والتى أهملتها منظومة الفساد ثم فكرت فى التنازل عنها منظومة الفشل وما بين الفساد والفشل بقيت سيناء بلا أمن أو تنمية حتى ظهرت فيها حشود الإرهاب التى مازلنا نقاومها حتى الآن.
منذ زمن بعيد وهناك أحاديث تدور فى الكواليس وخلف الغرف المغلقة عن التنازل عن قطعة من سيناء لإقامة الدولة الفلسطينية ورغم أن الفلسطينيين أنفسهم أعلنوا رفضهم الكامل للفكرة والمؤامرة إلا أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية وبعض الدوائر الغربية كانت تطرح دائما هذا السؤال: لماذا لا يكون حل إقامة الدولة الفلسطينية حلا عربيا مشتركا ويضم تنازلات فى الأرض من أكثر من دولة عربية بما فى ذلك سيناء المصرية؟!
هناك حقائق تاريخية يجب أن نعود إليها حتى نمسك بالقضية من بداياتها..
منذ عادت سيناء إلى مصر منذ أكثر من ثلاثين عاما كانت هناك خطة لإعادة تعمير سيناء بإستثمارات تتجاوز 100 مليار جنيه لم تنفق الدولة المصرية منها أكثر من 14 مليار جنيه خلال 25 عاما واقتصرت على منشآت بسيطة وإن اتجهت كل الاستثمارات إلى الشاطئ الأزرق فى شرم الشيخ والغردقة وهذا الشريط الذى اقتطعه كبار القوم ليكون ملاذا لهم من زحام القاهرة وتم توزيعه بيعا أو شراء أو إقامة ولم يصل منه شىء أى شىء إلى بقية أهل سيناء حتى إن الفنادق الكبرى كانت تستدعى موظفيها من العاصمة وترفض تعيين ابناء سيناء وهم الأحق .
بعد ان نجحت مصر فى استرداد سيناء وافق الزعيم الراحل أنور السادات من حيث المبدأ على إقامة قرى نموذجية فى قلب سيناء عددها 400 قرية تقام حولها مشروعات زراعية توزع على الجنود المصريين الخارجين من الخدمة فى القوات المسلحة بواقع خمسة أفدنة لكل مواطن، مع وضع خطة متكاملة لترحيل ثلاثة ملايين مواطن خلال ثلاث سنوات إلى سيناء وطلب من المهندس حسب الله الكفراوى وزير الإسكان فى ذلك الوقت ان يبدأ هذا المشروع بعد عودة سيناء مباشرة .
تم إنشاء ترعة السلام لإقامة مجتمع زراعى على مياه النيل وكانت تكلفة المشروع أكثر من 450 مليون جنيه وتوقف كل شىء وفكرت الدولة فى تأجير الترعة لرجال الأعمال وكان من المقدر أن يتم زراعة 500 الف فدان ولم تتجاوز المساحة 30 ألف فدان وتحولت الترعة إلى تربية الأسماك ..
حدثت تضاربات فى توزيع الأراضى على أهالى سيناء أمام محاولات لتمليك الأجانب مساحات من أراضى سيناء وتوقفت معظم مشروعات التنمية الزراعية فى أكثر المناطق خصوبة خاصة تلك التى تسقط فيها الأمطار وبقى أهالى سيناء حائرين بعقود تمليك مرت عليها عشرات السنين والدولة لا تعترف بها خاصة مع إجراءات أمنية صارمة فى دخول سيناء او الخروج منها.
فى الوقت الذى أهمل فيه النظام السابق تنمية سيناء اكثر من ثلاثين عاما دارت خلالها مؤامرات كثيرة حول انتزاع جزء منها لإقامة مشروع الدولة الفلسطينية ومع قدوم دولة الإخوان والمؤامرة الكبرى فى الإفراج عن مئات الإرهابيين من السجون وترحيلهم إلى سيناء بدأت حشود الإرهاب تتسلل إلى قلب سيناء وشجعها على ذلك عام كامل من التسيب والانفلات والتآمر تم فيه تهريب كميات كبيرة من الأسلحة والأموال مع دعم خارجى فى تهريب الأموال ودخول الإرهابيين ووجدت مصر نفسها تعيد تحرير سيناء لينتقل الجيش بكامل إمكانياته ويخوض معركة ضارية ضد الإرهاب خسرت فيها مصر نخبة من أعز شبابها دفاعا عن الأرض وتحريرا لها من حشود الإرهاب وتوابعه.
حين بدأ الجيش المصرى إعادة تحرير سيناء من الإرهاب أمر الرئيس عبد الفتاح السيسى بتخصيص 10 مليارات جنيه للبدء فى مشروعات لتنمية سيناء خاصة مشروعات الطرق والمياه والخدمات لأهالى سيناء وكان هذا المبلغ بداية جديدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد ثلاثين عاما من الإهمال والتآمر.
على الجانب الآخر كان إنشاء الأنفاق الضخمة التى تربط سيناء بالوطن الأم قد تكلفت مبالغ مالية طائلة وهى نقطة البداية لعودة سيناء الحقيقية إلى مصر مع استكمال المشروعات الكبرى فى قناة السويس وما يترتب عليه من إنجازات فى أكثر من مجال فى الزراعة والصناعة والتجارة والتعاون مع دول العالم لإنشاء مجتمع جديد على ضفتى القناة سوف يمتد إلى سيناء وتكمل رحلة البناء والتنمية.
حركت مذبحة مسجد الروضة كل أحزان سيناء مرة أخرى وبدأ العالم ينظر إلى هذه الأرض الخالية التى سكنها الإرهاب وعششت فيها حشود الموت وانطلقت تصريحات تتحدث عن وطن للفلسطينيين فى هذه الأرض الخالية وكان أسوأ ما فى هذه التصريحات ما جاء على لسان وزيرة المساواة الاجتماعية فى إسرائيل جيلا جملئيل بأن سيناء هى المكان الوحيد المناسب لإقامة الدولة الفلسطينية من اجل إحلال السلام فى المنطقة والغريب أن تعلن الوزيرة الإسرائيلية هذا الكلام من القاهرة حيث كانت تشارك فى مؤتمر دولى وخرجت من القاهرة ردود أفعال كثيرة على لسان المسئولين كان أهمها ما صرح به سامح شكرى وزير الخارجية أن مثل هذا الكلام شىء مرفوض تماما وأن مصر لن تفرط فى حبة رمل واحدة من تراب سيناء ..
إن إسرائيل اعتادت ان تسرب مثل هذه التصريحات فى صورة أخبار او قصص وحكايات رغم أنها تعلم أن هذه القضية غير مطروحة على الإطلاق وانه لا يوجد مسئول مصرى واحد يمكن أن يقبل مثل هذه المؤامرات .. ولكن السؤال هنا ماذا نفعل حتى نقطع الشك باليقين .. ما هو المطلوب من الدولة المصرية حتى تغلق الباب على هذه الأفكار الشريرة والمؤامرات الدنيئة؟
اولا : من حيث الأمن لاشك أن وجود الجيش المصرى بكل إمكاناته العسكرية على أرض سيناء هو مصدر الأمن والحماية وسوف تنتهى على يديه فى فترة وجيزة نهاية هذا التنظيم الدموى الداعشى القاتل .. لقد كانت تضحيات شبابنا فى معركة التحرير ضد الإرهاب لا تقل فى روعتها عن تحرير سيناء فى حرب اكتوبر 73 وسوف يكتب التاريخ لشهداء التحرير ضد الإرهاب ملحمة حول هذه الدماء الذكية الطاهرة.
ثانيا : إن الدولة المصرية الآن أدركت بعمق كل أخطاء الماضى ما بين الإهمال والتآمر هناك نظام أهمل تنمية سيناء وكان الثمن هذه الخفافيش التى استولت عليها وهناك نظام تآمر حين ترك آلاف المساجين ينطلقون إليها ويسكنون ترابها المقدس وما بين العهدين قصة معاناة طويلة لأهالى سيناء الذين عاشوا كل هذه التجارب الدامية إن الدولة الآن تحاول علاج أخطاء الماضى وهى كبيرة ولكن المطلوب جدية أكثر لإقامة تنمية حقيقية لم يكن منطقيا أن تحمل سيارات الإسعاف المصابين فى مسجد الروضة إلى مستشفيات بورسعيد والإسماعيلية لعدم وجود مستشفيات مناسبة فى شمال سيناء ولا يعقل أن يكون مستوى المعيشة لهؤلاء الضحايا بهذه الصورة المأساوية.. وقبل هذا كله فإن الخدمات الصحية ضرورة إنسانية بكل المقاييس.
ثالثا : لابد أن تستعيد الدولة مشروعات تنمية سيناء التى بدأت منذ ثلاثين عاما مثل استصلاح 500 ألف فدان على مياه ترعة السلام أو سلسلة الطرق أو المنشآت فى الأماكن السياحية وتوفير فرص العمالة للشباب خاصة أبناء سيناء .. إن الأنفاق التى ربطت سيناء بالوطن الأم ومشروعات التنمية فى قناة السويس وسلسلة الطرق والكهرباء كل ذلك سوف يفتح أبوابا للاستثمار الحقيقى فى سيناء وبعد انتهاء مأساة الإرهاب ينبغى أن تفتح سيناء أبوابها لشباب مصر وقد كان من المقدر يوما انتقال ثلاثة ملايين مواطن للحياة فى سيناء كمرحلة أولى ولا يعقل أن تبقى سيناء بتعداد سكانها الذى لا يزيد كثيرا على 300 ألف نسمة هم سكان اصغر أحياء القاهرة.
رابعا : لابد أن تضع الدولة نهاية لمنظومة امتلاك الأراضى فى سيناء خاصة هؤلاء الذين يحملون عقود ملكية موثقة منذ عشرات السنين من واجب الدولة أن تضع ضمانات الحماية للأراضى ضد تملك الأجانب ولكن يجب أن تشجع أهالى سيناء على الإنتاج والزراعة والاستثمار لأن بقاء البشر على الأرض هو مصدر الحماية الحقيقى ..
الخلاصة إن سيناء عانت كثيرا وان سكانها دفعوا ثمنا للاحتلال ودفعوا ثمنا لمقاومته ثم دفعوا أثمانا للإهمال والمؤامرات ضد هذه القطعة العزيزة من ترابنا، وأهالى سيناء دافعوا عنها بجانب جيش مصر العظيم والآن لابد أن نعترف بأن أمن سيناء الحقيقى فى إعادة تنميتها واستثمار مواردها وانتقال الملايين من شبابنا إليها .. يجب أن نتعلم من دروس الماضى حين تركناها خالية فسكنتها الخفافيش وأصبحت مطمعا للمغامرين وقطاع الطرق.
يجب أن ندرك أن سيناء ليست بعيدة عن مرمى ما يجرى من المؤامرات حول الأرض العربية وينبغى أن ندرك أننا لسنا خارج حدود المؤامرة إذا لم نكن فى القلب منها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.