في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، استضاف الصالون الثقافي في بيت السناري بيت الثقافة والفنون والعلوم التابع لمكتبة الاسكندرية يوم الاثنين الماضي الموافق 26 يناير 2015م لقاءً مفتوحًا لمناقشة كتاب "مصر الثورة وشعارات شبابها" للدكتور نادر سراج الخبير اللبناني الدولي في مجال اللسانيات، وبحضور السفير اللبناني في القاهرة خالد زيادة، والسفير الألماني هانز يورج هابر، والدكتور عمار علي حسن الكاتب والمحلل السياسي المصري، وذلك بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، والمعهد الألماني للأبحاث الشرقية. بدأ اللقاء بدعوة الدكتور خالد عزب رئيس قطاع المشروعات بمكتبة الإسكندرية للمؤلف بعرض أهم ما يتناوله الكتاب والذي بدأ حديثه بطرح تساؤل، وهو لماذا يهتم باحث لبناني بالهتافات المصرية لا سيما وأن الفروق بين المفردات المعبرة أو مدلول اللفظة الواحدة تمثل اختلافا كبيرا بين بلدان الوطن العربي؟ استهل الدكتور نادر سراج إجابته أنه ينتمي إلى جيل نهل من الثقافة المصرية فكان يقرأ سلسلة السندباد بينما اعتاد والده أن يقرأ مجلة آخر ساعة والمصور ووالدته كانت تقرأ مجلة حواء، كما أشار إلى الريادة المصرية بشكل عام في مجالات الإعلام والثقافة والفن وشعوره بأنه مدين لمصر، ثم استطرد بالحديث عن كتابه والهدف الذي أراد تحقيقه بدراسة وتحليل شعارات الثورة المصرية، حيث أشار إلى أنه أنجز هذا الكتاب برفقة فريق عمل من الشباب، نزلوا إلى أرض الواقع وتمعنوا في اختيار الشعارات والبحث عن أصولها ومدلولاتها اللغوية، وأكد سراج أن علينا كباحثين عرب أن ننزل من أبراجنا العاجية إلى الشارع حتى نتمكن من دراسة وحل مشاكلنا المستعصية، وشدد سراج على أنه لم يؤرخ للحراك السياسي في مصر ولم يتناول الجوانب الأيدولوجية، ولكنه فقط تناول الشعارات من الباب اللساني. وفي ختام كلمته قال سراج أن مصر لها دين علينا جميعًا نحن العرب، فقد ثقفتنا عندما لم يكن لدينا وسائل تثقيف جماهيرية، بإذاعتها ووسائل إعلامها المختلفة، وهذا الكتاب هو رسالة حب من لبنان للشعب المصري. وفي كلمته، وجه الدكتور عمار علي حسن الشكر إلى مكتبة الإسكندرية وبيت السناري على استضافته لهذا اللقاء المهم لمناقشة كتاب جيد يتناول حدثاً مهماً هو ثورة المصريين في 25 يناير 2011م، التي نعيش اليوم ذكراها الرابعة. ثم ذكر رأيه في الكتاب، موضحًا أن الدكتور نادر سراج أراد أن يسجل لنا شعارات الثورة المصرية بتحليل لساني عميق، سواء في تعبيراتها اللفظية أو الجسدية أو الرمزية. كما أشار عمار علي حسن إلى أن من الأشياء التي لاحظها أي متابع لشعارات الأيام الأولى للثورة في ميدان التحرير، أنه لم تكن هناك قوة واحدة مسيطرة على الميدان دون غيرها، حيث يؤكد ذلك تباين المواد المصنوع منها اللافتات والخطوط المكتوب بها، وعفوية المطالب والشعارات التي أطلقها الثوار في الميدان. وفي كلمة مختصرة، أشاد سيادة السفير خالد زيادة، سفير لبنان في مصر، بهذا اللقاء المثمر، الذي يمثل إشارة إيجابية، وأوضح أنه يتمنى أن تستمر دائمًا مثل هذه الندوات في القاهرة وبيروت، ندوات لكتاب وباحثين مصريين في لبنان، وأخرى للبنانيين في مصر بشكل دوري ومستمر. كما تحدث السيد ستيفان ليدر من المعهد الألماني للدراسات الشرقية ببيروت عن دعم المعهد لتلك الدراسة انطلاقًا من الاهتمام بالثورة المصرية، ولفت النظر إلى هذه الظواهر من الناحية الثقافية فضلًا عن السياسية، ورصد انفعالات المصريين لحظة التحرك، وهل هي موروث يتم اعادة انتاجه أم انها مجرد شعارات عفوية، كما أشار إلى ان المرافقة العالمية لهذه اللحظة جاءت كنوع من التعاطف مع الحراك السياسي السلمي، واختتم حديثه بالإشادة بقيمة الكتاب التوثيقية ووصفه بأنه نتاج لبحث ميداني عظيم، كما تقدم بالشكر للدكتور نادر وفريق عمله. كتاب "مصر الثورة وشعارات شبابها" من تأليف المفكر اللبناني الدكتور نادر سراج، ويتناول الكتاب الشعار أو الهتاف بنية بلاغية تساعد الباحث في معرفة وجهات نظر الذين أنتجوا هذا الشعار أو ذاك وأحاسيسهم المباشرة وتطلعاتهم الحياتية. والغاية من دراسة الشعارات والهتافات هي تفكيك عناصرها واكتشاف دلالاتها من خلال إخضاعها لأدوات التحليل اللسانية. وقد عكف هذا الكتاب على دراسة 1700 شعار مهتوف ومكتوب، علاوة على الكتابات الجدارية والرسوم الغرافيتية والنكات، فتناولها بالتصنيف والتحليل. ويتميز هذا الكتاب عن الكتب الأخرى التي صبت اهتمامها على خلفية الثورات العربية ومساراتها، في أنه درس الشعارات السياسية من وجهة نظر لسانية وظيفية. والدكتور نادر سراج مؤلف الكتاب حائز على الدكتوراه في اللسانيات من جامعة السوربون الجديدة – باريس، وعضو الجمعية الدولية للسانيات الوظيفية SILF، وعضو الهيئة الإدارية لاتحاد المترجمين العرب. وأستاذ اللسانيات الاجتماعية في جامعات لبنان والخارج. له عشرة كتب بالعربية والفرنسية؛ نال جائزة أهم كتاب عربي لعام 2013 من "مؤسسة الفكر العربي" عن كتابه "الشباب ولغة العصر".