تناول محمد صابر، في برنامجه «أمجادنا» على قناة «أمجاد»، قصة العالم الكبير العز بن عبدالسلام، وكشف أسرار نشأته وأسباب ثباته على الحق. وقال «صابر» إن «عز الدين»، لم «يطلب العلم إلا على كبر، وكان فقيرا في بداية حياته، ووقتها العلماء كان لهم قدر وقيمة في نفوس العامة، وكان يسعى لطلب العلم والعمل». وكان «العز بن عبدالسلام»، قد برز في زمن الحروب الصليبية وعاصر الدول الإسلامية المنشقة عن الخلافة العباسية في آخر عهدها، وأبرز نشاطاته دعوته القوية لمواجهة الغزو المغولي التتري، وشحذه لهمم الحكام ليقودوا الحرب على الغزاة، خصوصا قطز قائد جيوش السلطان عز الدين أيبك. وروى محمد صابر قصة لم يعرفها الكثير عن العز بن عبدالسلام، قائلا: «عندما كان العز بن عبد السلام في دمشق كان الحاكم رجلاً يقال له: "الملك الصالح إسماعيل" من بني أيوب، فولّى العز خطابة الجامع الأموي، وبعد فترة قام الملك الصالح إسماعيل هذا بالتحالف مع الصليبيين، فحالفهم وسلّم لهم بعض الحصون، وذلك من أجل أن يستعين بهم على قتال الملك الصالح أيوب في مصر، فثارت ثورة الشيخ (بن عبدالسلام) ووقف على المنابر، وأنكر بشدة على السلطان الصالح إسماعيل، ويُعلنها مدوية أن المدن الإسلامية ليست ملكًا شخصيا له، حتى يتنازل عنها للصليبيين، لعلمه اليقين أنه سيواجه بها المصريين». واشتهر «بن عبدالسلام»، ببائع الملوك، فعندما وصل إلى مصر سنة 639ه، رحّب به الملك الصالح نجم الدين أيوب وأكرم مثواه، ثم ولاّه الخطابة والقضاء. وكان أول ما لاحظه العزّ بعد توليه القضاء قيام الأمراء المماليك، وهم مملوكون لغيرهم، بالبيع والشراء وقبض الأثمان والتزوّج من الحرائر، وهو ما يتعارض في نظره مع الشرع، لأنهم في الأصل عبيد لا يحق لهم ما يحق للأحرار. فامتنع أن يمضي لهم بيعاً أو شراء، فتألّبوا عليه وشكوه إلى الملك الصالح الذي لم تعجبه بدوره فتوى العزّ، فأمره أن يعْدل عن فتواه، فلم يأتمر بأمره، بل طلب من الملك ألا يتدخل في القضاء إذ هو ليس من شأن السلطان، وأدّى به أنكاره لتدخّل السلطان في القضاء أن قام فجمع أمتعته ووضعها علي حماره ثم قال: «ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها»[6]؟ إشارة منه إلى الآية القرآنية. ويرْوى أنّه تجمّع أهل مصر حوله، واستعدّ العلماء والصلحاء للرحيل معه، فخرج الملك الصالح يترضّاه، وطلب منه أن يعود وينفذ حكم الشرع. فاقترح العزّ بن عبدالسلام على الأمراء المماليك أن يعقد لهم مجلساً وينادي عليكم (بالبيع) لبيت مال المسلمين. وعندما نصحه أحد أبنائه بأن لا يتعرّض للأمراء خشية بطشهم، ردّ عليه بقوله: «أأبوك أقلّ من أن يُقتل في سبيل الله؟».
