حسام شاكر لكل إنسان علامة يتميز بها وغالبا ماتكون فى الوجه أو الرأس فيعرف الرجل بشكله الخارجى الشيخ "اللى لابس الطربوش" أوالراجل "أبو شنب طويل " أو "أبوعمه مايله " ولأن الطربوش قد تبدل به الحال فيضرب به المثل الآن على الشىء الفاقد للمعنى "دول جماعة طرابيش " بعد أن كانت له مكانة خاصه ،الأمر الذى حفزنى للكتابة عنه ؛ بعد أن وضعت يدى على رأسى أتحسس الطربوش فلم أجد التاج الذى فقد هيبته والسلطان الذى زالت دولته ، فبحثت فى كل "شرشوبه " من شراشيب الطرابيش إلى أن سقطت عينى على تاريخه ونضاله ؛ فقد عرفت مصر صناعة الطرابيش مع بداية عصر محمد علي باشا عام 1805. وكان الطربوش يعتلي الرؤوس في كبرياء، منفردا من خلال زر وشراشيب سوداء ترمز إلى الأناقة المتناهية، أو متدثرا بشال أنيق ناصع البياض، كما مر الطربوش بمراحل مختلفة خلال تعاقب حكام وسلاطين وملوك مصر إلى أن صار ارتداؤه إجباريا لكل موظفي الدولة ومنهم القضاة ورجال الجيش والبوليس وطلاب الجامعات والمدارس. حيث يعتبرونه نوعا من الوقار وبه يكتمل الزى الرسمي الخاص بمهنتهم. ولن أخفيك سرا – أيها الخالع لطربوشه المعتز بصورة أجدادك على الحائط وهم يزينون به رؤسهم – أن كرامة الطربوش من كرامة صاحبه وقد فترت العلاقات بيننا وتركيا بسبب الطربوش الذى نتهكم عليه ففى عام 1932 كان مصطفى أتاتورك يحتفل بإعلان الجمهوريه التركيه ولأن مصر دوله كبيرة فقد كان الوزير المفوض المصرى ممثلا لها فى هذا الحفل "وكان لابس طربوش معتبر" لكن يبدو أن "شراشيبه" لم تعجب أتاتورك – الذى أخذ على نفسه منذ عام 1925 إلغاء الطربوش فى تركيا- وأظن أنه أخذ العهد على نفسه بذلك خوفا من الزر "بفتح الزاى" فمنع الطربوش بزره "بكسر الزاى" فطلب من الوزير المصرى خلعه لكن الوزير رفض بشده لأنه يعتبر الطربوش ضمن الزى الرسمى المصرى، لكن أتاتورك أمر أحد عمال القصر بخلعه من على رأس الوزير، فغضب الوزير وأرسل للملك فؤاد وانتشر الخبر بين الناس ففزع الملك وأبى إلا أن تقوم تركيا بالاعتذار الرسمى على هذه الفعله وتكونت جمعيات كثيرة للدفاع عن هيبه الطربوش "وأكيد عن شراشيببه " مثل " جمعية الرفق بالطربوش " مماجعل أتاتورك يذعن مضطرا للاعتذار الرسمى عن غلطته الشنيعة . ولأنك – راجل زى حالاتى من غير طربوش وماشى بدون زر- فاحذر أن يلبسك أحد الطربوش فهناك أنواع للطرابيش : فطربوش أفندي ، وهو ما كان معروفا قبل ثورة يوليو والآخر طربوش العمة وهو ما يرتديه المشايخ وطلاب الأزهر الآن ، وطربوش الكلام الذى يضرب به المثل فى الضحك على الأشخاص "لبسته الطربوش "- الذى حذرتك من لبسه – . وإذا سألتنى ولماذا الحديث عن الطربوش فى هذا الوقت سأبادرك لأننا بدأنا فى فصل الصيف والشاب يرتدى "الكاب "كعنوان للشياكة وهو نفس مفهوم الطربوش قديماً ولكن بشكل مختلف والعجيب أن البعض يحب التصوير الفوتوغرافي مرتدياً الطربوش وعدد لابأس به لازال محتفظا بهذا الموروث مثل الشيخ حافظ سلامة ، وتذكرت فكاهة الأديب "عبد العزيز البشرى حين ذكر أنه كان يصحب ابنتيه فى نزهة، وكانتا تضعان على رأسيهما قبعتين فشاهدهما أحد أولاد البلد، فقال لصديق له كان يجالسه على المقهى: "شوف فضيلة الشيخ ملبِّس أولاده برانيط".. فسمع البشرى هذا التعليق ومضى يقول: "أمال عايزنى ألبسهم عمم" لكن فى نهاية المطاف ياصديقى الشواف أحببت أن أعيشك مع تاج انتهت دولته وسلطان ذهبت صولته، وكوكب تلألأ ثم انقشع وياحزنى عليك وعلى "شراشيبك ياغالى "