وزير التعليم يكرم الدفعة الثالثة من مدربي أنشطة «التوكاتسو» المعتمدين دوليا    «الفنية للحج»: السعودية تتخذ إجراءات مشددة ضد أصحاب التأشيرات غير النظامية    دفاع النواب: قرار مجلس الأمن دلالة إيجابية على مسار الهدنة    موعد مباريات يوم الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    موسى: عقد امتحانات الثانوية للنزلاء داخل مراكز الإصلاح يُعلي قيم حقوق الإنسان    رفقة ابنه «نور».. خالد النبوي يحتفل بالعرض الخاص لفيلم «أهل الكهف» | صور    سهرة خاصة مع عمر خيرت في «احتفالية المصري اليوم» بمناسبة الذكرى العشرين    محافظ الغربية يتابع أعمال تأهيل ورصف طريق كفور بلشاي    نصائح يجب اتباعها مع الجزار قبل ذبح الأضحية    التضامن توضح حقيقة صرف معاش تكافل وكرامة قبل عيد الأضحى 2024    متحدث «الشباب والرياضة»: سلوك معلم الجيولوجيا مخالف لتوجه وزارة التربية التعليم    دبلوماسي روسي: تفاقم الوضع في شبه الجزيرة الكورية بسبب واشنطن    «القاهرة الإخبارية»: سرعة الموافقة على مقترح وقف إطلاق النار أبرز مطالب بلينكن من نتنياهو    وزير خارجية الأردن يشدد على ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة    ملخص وأهداف مباراة أوغندا ضد الجزائر وريمونتادا محاربى الصحراء.. فيديو    تضامن الدقهلية تختتم المرحلة الثانية لتدريب "مودة" للشباب المقبلين على الزواج    متحدث "الرياضة": سلوك معلم الجيولوجيا مخالف لتوجه وزارة التربية التعليم    سيف زاهر: مصطفى فتحي كان بديلًا لمحمد صلاح ولكن!    "فضل يوم عرفة" أمسية دينية بأوقاف مطروح    Apple Intelligence .. كل ما تحتاج معرفته عن ذكاء أبل الاصطناعي الجديد    افتتاح مدرسة ماونتن فيو الدولية للتكنولوجيا التطبيقية "IATS"    إبراهيم عيسى: تشكيل الحكومة الجديدة توحي بأنها ستكون "توأم" الحكومة المستقيلة    حماس: مستعدون للتعاون مع الوسطاء للدخول في مفاوضات غير مباشرة    محمد لطفي يروج لشخصية الشربيني في فيلم ولاد رزق 3    قصواء الخلالي: الصحافة الفلسطينية قدمت 145 شهيدا حتى الآن    غدا.. "ليتنا لا ننسى" على مسرح مركز الإبداع الفني    ختام الموسم الثانى من مبادرة «طبلية مصر» بالمتحف القومي للحضارة المصرية    هل يجوز الأضحية بالدجاج والبط؟.. محمد أبو هاشم يجيب (فيديو)    «الإفتاء» توضح حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة    الأفضل للأضحية الغنم أم الإبل..الإفتاء المصرية تحسم الجدل    وزير الصحة: برنامج الزمالة المصرية يقوم بتخريج 3 آلاف طبيب سنويا    عادة خاطئة قد تصيب طلاب الثانوية العامة بأزمة خطيرة في القلب أثناء الامتحانات    تفاصيل قافلة لجامعة القاهرة في الصف تقدم العلاج والخدمات الطبية مجانا    لفقدان الوزن- تناول الليمون بهذه الطرق    لميس الحديدي تكشف عن سبب إخفائها خبر إصابتها بالسرطان    محمد ممدوح يروج لدوره في فيلم ولاد رزق 3    ميدفيديف يطالب شولتس وماكرون بالاستقالة بعد نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي    "وطني الوحيد".. جريدة المصري اليوم تكرم الكاتب مجدي الجلاد رئيس تحريرها الأسبق    رشا كمال عن حكم صلاة المرأة العيد بالمساجد والساحات: يجوز والأولى بالمنزل    موعد محاكمة ميكانيكي متهم بقتل ابن لاعب سابق شهير بالزمالك    جامعة أسيوط تطلق فعاليات ندوة "الهجرة غير الشرعية: أضرارها وأساليب مكافحتها"    «المصريين الأحرار» يُشارك احتفالات الكنيسة بعيد الأنبا أبرآم بحضور البابا تواضروس    مصر تتربع على عرش جدول ميداليات البطولة الأفريقية للسلاح للكبار    الرئيس الأوكراني يكشف حقيقة استيلاء روسيا على بلدة ريجيفكا    سفر آخر أفواج حُجاج النقابة العامة للمهندسين    ليونيل ميسي يشارك في فوز الأرجنتين على الإكوادور    "بايونيرز للتنمية" تحقق أرباح 1.17 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام    وزارة الأوقاف: أحكام وصيغ التكبير في عيد الأضحى    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    أفيجدرو لبيرمان يرفض الانضمام إلى حكومة نتنياهو    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    الدرندلي: أي مباراة للمنتخب الفترة المقبلة ستكون مهمة.. وتحفيز حسام حسن قبل مواجهة غينيا بيساو    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين الرجولة والذكورة || بقلم ثروت الخرباوي

عندما يندر الرجال في حياتنا نبحث عنهم في ذكرياتنا، وننقب عنهم في تاريخنا، فنتيه فخرا بسلطان العلماء العز بن عبد السلام، وننشده اعجابا بالامام احمد بن حنبل وهو يذود عن الأمة في فتنة خلق القرآن، وترتفع أعناقنا لعنان السماء اعجابا بعمر المختار وجهاده، ومنذ سنوات قليلة رحل عن عالمنا واحد من الرجال الذين لم يتلونوا أو يداهنوا، وكان في حياته كلها يعيش قناعاته ويضحي من أجلها بطموحاته، هذا الرجل عليه رحمة الله هو أحمد نبيل الهلالي الذي كان يُعتبر واحدا من أهم الأقطاب الوطنية الشامخة في مصر.
عرفت الأستاذ القدوة أحمد نبيل الهلالي في النصف الأول من الثمانينات في احدى قضايا الجماعات الاسلامية، وكان كل الذي يدور في مخيلتي إذ ذاك هو ان هذا الرجل الذي نشأ في كنف الحركة الشيوعية المصرية حتى أصبح رمزاً من رموزها وعلماً من أعلامها كيف له ان يقف مدافعاً عن فريق يُعدُّ من أكثر الاسلاميين تطرفاً!! وكان وجه العجب الذي اعتراني وملأ جوانحي هو تاريخ هذا الرجل الغريب الذي كنت أعتبره أعجوبة من الأعاجيب ذلك ان نبيل الهلالي كان ابناً لنجيب الهلالي باشا الذي كان رئيساً لوزراء مصر قبل ثورة يوليو، ليس هذا فحسب ولكن أباه أيضاً كان أحد الرموز الرأسمالية ابان ذلك العهد، وان حفظ له هذا الأب بحسبه كان من كبار رجال القانون تربية منضبطة، كما كفل له تعليما مرتفعا في قيمته، ولم لا والأب كان من أفضل من تولى وزارة المعارف في مصر، ورغم ان هذا الابن كان في طفولته كما حكى لي يلتف من حوله الخدم ويستجيب لرغباته الجميع، الا ان أحداً لم ينتبه الى ان حالة الصمت التي كانت تلازمه ما هي الا لحظات تأمل يغوص خلالها في أفكار ورؤى تستعصي على كبار المفكرين، وأشد ما كان يقض مضجع هذا الصبى هو ذلك التفاوت الرهيب بين أصحاب الثروة والسلطة، وهؤلاء الفقراء البسطاء الذين تموج بهم الحياة من حوله في مصر، ولطالما أصابته العديد من الأمراض في طفولته الباكرة ولكأنما كان هذا الجسد النحيل يرفض الظلم الاجتماعي الصارخ الذي كان ومازال سمة من سمات الحياة المصرية.
لم ينتبه الأب السياسي والقانوني الأريب الى ان ابنه سيسير حتماً في طريق مختلف وسيظل عمره كله يحمل بين جوانحه آلام هؤلاء الفقراء الحفاة الذين يقتاتون الفتات ويكتسون الأثمال البالية، وفي كلية الحقوق كان الطريق الآخر الذي اختاره نبيل الهلالي، طريق الجهاد من أجل الفقراء ومن أجل طبقة العمال الكادحين، نفد الهلالي الى عمق الحركة الشيوعية المصرية مجاهداً ومفكراً ومنظراً وحركياً، ومن أجل مبادئه عرفته السجون القاحلة المظلمة الكئيبة حيث زُج به خلف قضبانها على مدار عمره حتى أحداث سبتمبر 1981، ولم يكن من المستغرب ان يطلق عليه الجميع لقب «قديس الحركة الوطنية في مصر» وقد عرفته يعيش فكرته وكأنها هو، وقد درج منذ نعومة أظفاره على قيم ومبادئ قلما توافرت في رجل واحد، فمع نسبه الرفيع الا أنه كان قمة في البساطة والتواضع وكأنه خرج من بيت ريفي فقير، وكأنه كان ابناً لعامل أو فلاح بسيط ولم يكن ابناً لرئيس وزراء مصر، ولذلك لم يأخذ العجب رفقاؤه حينما تنازل عن الثروة التي آلت اليه من أبيه، فمثل هذا الرجل لم يُخلق لكي يكتنز أو ينفق ولكنه خُلق لكي يجاهر بنصرة مبادئه التي آمن بها، فلم ينافق أو يتنازل، ولم يفرط في مبادئه ولم يبخل طوال عمره مع تلاميذه ولم يبع أصحابه كما فعل آخرون يرتدون ثياب الفضيلة ويتدثرون بالاسلام، وكان مكتبه مفتوحاً لجميع الفقراء مجاناً حيث كان يترافع وينافح عن حقوق العمال بلا أتعاب بل ودون حتى ان يتقاضى مصاريف الدعوى، كان هذا الرجل صادقاً وصدوقاً ظاهره كباطنه ومظهره كمخبره، رحم الله أحمد نبيل الهلالي فقد مات وتركنا نبحث عن رجال يبيعون دنياهم من أجل فكرتهم، فلم نجد الا رجالا باعوا أوطانهم من أجل ان يحكموها، وعندما فشلوا سعوا لحرقها، وقتئذ عرفنا ان هناك فارقا بين الرجولة والذكورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.