الوصف الذى قاله السفير بسام راضى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية بأن ” الصعيد كنز مصر الكبير” فى تصريح له عقب افتتاح أكبر القلاع الصناعية ببنى سويف جاء ليؤكد مدى اهتمام القيادة السياسية والحكومة بالصعيد ويوضح حجم التنمية التى سيشهدها خلال الفترة القادمة، فليس ذلك مجرد تصريح وإنما واقع مدروس وخطط واستراتيجيات تم وضعها وتنفيذ جزء كبير منها لعلاج المشكلات التى كان يعانى منها صعيد مصر رغم امتلاكه لأكبر حجم من الموارد الطبيعية فى مصر والأيدى العاملة. فكانت تنمية الصعيد أحد أهم محاور التنمية فى البرنامج الرئاسى للرئيس عبد الفتاح السيسى وتم دراسة المشكلات بدقة ووضع حلول لها، ودراسة الإمكانيات التى يتمتع بها الصعيد. فوضع خطة للتنمية يبدأ بالبنية الأساسية والتعليم والصحة لوقف الهجرة الداخلية وتوفير فرص العمل ثم مواصلة العمل ليحصل الصعيد على حقه فى التنمية الصناعية ورفع مستوى المعيشة. كما حرص الرئيس على عقد المؤتمر الوطنى الثالث للشباب أواخر يناير 2017 بأسوان ليؤكد على اهتمام الدولة المصرية بالصعيد وبحث مشكلاته وعلاجها والاستفادة من قدراته. قبل عام 2014 كان صعيد مصر خارج خطة الدولة عدا تلك المشروعات والتى كان بعضها يعانى من أزمات مثل مجمع الألومنيوم بنجع حمادى قنا، والذى أنشأه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر 1972 نظرًا لتوفر الطاقة الكهربائية اللازمة بعد بناء السد العالي. استوعب المجمع 10 آلاف فرصة عمل، إلا أنه لم يوقف الهجرة الداخلية حتى من المحافظة التى أقيم بها نظرًا لعدم توافر فرص العمل.. وتحول الصعيد إلى منطقة طاردة للسكان، بسبب إهمال الحكومات المتعاقبة.. فضعفت التنمية وتزايدت نسبة الفقر بحسب تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء والذى تصدرت فيه كل من أسيوطوسوهاجوقناوالمنياوأسوان وبنى سويف والأقصروالفيوم قائمة المحافظات الأكثر فقرًا على مستوى الجمهورية. لم يكن إهمال الصعيد مبررًا رغم وعود الحكومات المتعاقبة عليه.. ولم يشهد الصعيد تنمية حقيقية سوى فى محافظتى الأقصر فى عهد الدكتور سمير فرج، وقنا فى عهد اللواء عادل لبيب. بقى الصعيد يعانى من الإهمال الحكومى رغم غناه بثرواته الطبيعية والبشرية.. وفى عام 2009 أعلنت الحكومة عن برنامج لها تحت اسم ” تنمية القرى الأكثر فقراً” وتصدرت قرى الصعيد البرنامج إلا أنها لم تر منه شيئا سوى بعض القرى بمحافظاتأسيوطوالمنيا. ظل الصعيد على مدى سنوات فى طى النسيان، رغم مطالبات نوابه تحت قبة البرلمان، ومناشدات المواطنين للمسئولين إلا أنها لم تجد إذنًا تسمع أو قرارات تنفذ على أرض الواقع. جاء الرئيس السيسى وهو يدرك تمامًا حجم ما يمتلكه صعيد مصر من قدرات تجعله بمثابة قاطرة التنمية الحقيقية للدولة المصرية وكنزها المهمل على مدى العصور. جاء برنامج الرئيس خلال فترة رئاسته الأولى وقد وضع الصعيد أحد أهم أولويات الدولة، وهو ما نشرناه فى أعداد 8 و15 يونيو 2014 من مجلة أكتوبر تحت عنوان “أولى خطوات الرئيس نحو تحقيق الغاية القومية للدولة: خريطة مصر الجديدة”. كان لابد من إنشاء بنية تحتية قوية وشبكة طرق قادرة على استيعاب حجم التنمية المستهدفة فى الصعيد، تم إنفاق مبلغ 4,2 مليار جنيه لصالح تطوير وإنشاء الطرق والكبارى بمدن الصعيد، بالإضافة إلى اعتماد مبلغ 3 مليارات جنيه وتطوير خدماتها وزيادة كفاءتها. ثم وقع الرئيس عبد الفتاح السيسى فى يوليو الماضى القانون رقم 157 لسنة 2018 بإنشاء الهيئة العليا لتنمية الصعيد، وذلك بعد إقراره من مجلس النواب، وينص القانون على “إنشاء هيئة عامة خدمية تسمى هيئة تنمية الصعيد تتمتع بالشخصية الاعتبارية وتتبع رئيس مجلس الوزراء ويكون مقرها الرئيسى القاهرة، ويجوز أن تنشئ فروعًا لها”. كما يحدد بقرار من رئيس مجلس الوزراء المناطق ذات الأولوية المستهدفة بالتنمية، وتهدف الهيئة إلى وضع خطة للإسراع بالتنمية الشاملة لمناطق الصعيد، وتكون الأولوية فى الخطط التى تضعها الهيئة للمشروعات المحققة لعائد تنموى ونسب مرتفعة من التشغيل، مع العمل على جذب الاستثمارات اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة والعوائد الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المستهدفة. لما كانت الدولة المصرية جادة فى تنمية الصعيد فقد تم ازدواج طريق (الصعيد – البحر الأحمر) بطول 180 كم بتكلفة 1156 مليون جنيه، و(قنا – سفاجا) بطول 120 كم بتكلفة 632 مليون جنيه. رفع كفاءة وتوسعة طريق (وادى النطرون – العلمين) بطول 135كم بتكلفة 1920 مليون جنيه. رفع كفاءة وتوسعة طريق (جنوبالفيوم – الواحات) بطول 125كم بتكلفة 557 مليون جنيه. إنشاء طريق (الفرافرة – عين دله) بطول 85 كم بتكلفة 412 مليون جنيه. إنشاء (وصلة المنيا – رأس غارب) بطول 55 كم بتكلفة 625 مليون جنيه، طريق جديد مزدوج 3 حارات بكل اتجاه. إنشاء 3 حارات جديدة بكل اتجاه بطريق “الشيخ فضل – رأس غارب” بطول 90 كم بتكلفة 317 مليون جنيه. توسيع حارة ثالثة (القاهرة – الفيوم) من محطة تحصيل الرسوم حتى كوبرى (أوشيم) بطول 10 كم بتكلفة 113,5 مليون جنيه. إنشاء طريق (الداخلة – شرق العوينات) بطول 10 كم بتكلفة 11,4 مليون جنيه. رفع كفاءة طريق (أسوان – أبو سمبل) بطول 100 كم. رفع كفاءة طريق (أسيوط – الخارجة) بتكلفة 53,7 مليون جنيه. ولم تقتصر أعمال تطوير خدمات الطرق والنقل على ذلك، بل شملت الأعمال أيضًا إنشاء وصلات ربط كبارى النيل بالطرق الرئيسية بشرق وغرب النيل (وصلة بنى مزار) بتكلفة 634,5 مليون جنيه. وإنشاء عدد من الكبارى لتسهيل حركة النقل منها كوبرى (دهشور – الفيوم) بتكلفة 80 مليون جنيه. عدد 2 كوبرى على مصرف المحيط وترعة الجيزاوية على امتداد وصلة (دائرى بنى سويف) بتكلفة 92 مليون جنيه. كبارى (أسيوط) على السكة الحديد بتكلفة 21 مليونا، وكبارى (أسيوط) على النيل بتكلفة 15 مليون جنيه. وعدد 2 كوبرى على مصرف المحيط وترعة الجيزاوية على امتداد وصلة (دائرى بنى سويف) بتكلفة 92 مليونا. فكانت تلك الشبكة من الطرق هى بداية التحرك الحقيقى نحو تنمية الصعيد الذى خطط له الدولة للاستفادة من كنز مصر الحقيقى فى الصعيد. تم وضع مخطط لمنطقة المثلث الذهبى لإنشاء أكبر القلاع الصناعية فى مصر بالصعيد، خاصة أن أحدث الدراسات أثبتت أن السبب الرئيسى للهجرة الداخلية (هجرة أبناء الصعيد إلى القاهرة والإسكندرية وبعض محافظات الوجه البحري) يرجع إلى أن 70% من قوة مصر الصناعية تتركز فى تلك المحافظات مما يجعلها جاذبة للأيدى العاملة لتوافر فرص العمل. عقب الانتهاء من تطوير البنية الأساسية بدأ العمل لتنمية الصعيد على عدة محاور شملت تطوير التعليم، إنشاء مدارس جديدة للتعليم العام وعمليات إحلال وتجديد بالمدارس القائمة بزيادة قدرها 400% فى العام المالى 2016/2017 عن العام المالى 2015/2016، بعدد (3258) كما تم تنفيذ عدد (1067) مدرسة، بعدد (14820) فصلا عام 2016/2017. تنفيذ عدد (10) مدارس من المشروع المصرى اليابانى فى محافظات الصعيد، من إجمالى (45) مدرسة، وجار إنشاء (18) مدرسة أخرى بمحافظات الصعيد بالتصميمات الهندسية المواكبة للنموذج اليابانى من إجمالى (55) مدرسة. تم إنشاء مدارس للمتفوقين فى العلوم والتكنولوجيا (Stem) بمحافظات الصعيد، فى كل من محافظة أسيوط، والأقصر، والبحر الأحمر، وبنى سويف، وقنا، بدأت الدراسة بها فى العام الدراسى2017/2018. فى مجال مياه الشرب والصرف الصحى، تم إنشاء 294 مشروعًا لمياه الشرب والصرف الصحى بتكلفة 50 مليار جنيه خلال السنوات الأربع الماضية. تم تنفيذ مشروعات فى مجال الإسكان بتكلفة بلغت 21 مليار جنيه. تم الانتهاء من مشروع تطوير منطقة السماكين بمدينة المنشأة بمحافظة سوهاج، بتكلفة 28,13 مليون جنيه، وبه 207 وحدات سكنية لتسكين ألف نسمة، ومشروع تطوير منطقة الترعة الضمرانية بنجع حمادى بمحافظة قنا، وبه 260 وحدة سكنية ومحلات تجارية بالدور الأرضي، ويجرى الانتهاء من مشروع تطوير منطقة عشش محفوظ بمحافظة المنيا، بتكلفة 103 ملايين جنيه، وبه 859 وحدة سكنية + 89 وحدة تجارية، لتسكين 2220 نسمة، ويجرى تنفيذ مشروع تطوير مناطق التوهة وشرق محطة المياه وجنوب مصنع السكر ونجع فيران بمدينة قوص بمحافظة قنا، والمرحلة الثانية من مشروع تطوير منطقة الصحابى بمدينة أسوان بمحافظة أسوان، وبه 576 وحدة، ومشروع إزالة المناطق المهددة للحياة بمحافظة أسوان، ومشروع تطوير سوق شارع الجيش بمدينة أسوان بمحافظة أسوان. وبعد الانتهاء من توفير السكن اللائق وفرص التعليم والرعاية الصحية وتوفير مياه الشرب والصرف الصحى وشبكات الطرق بدأت الدولة تنفيذ مشروعها الضخم (المثلث الذهبي) والذى يوفر 500 ألف فرصة عمل مباشرة بالإضافة إلى إقامة 100 مشروع تم توفير الطاقة الكهربائية اللازمة له من محطة كهرباء بنى سويف بقدرة 4800 ميجاوات بإجمالى استثمارات 2 مليار يورو، وكذلك محطة كهرباء غرب أسيوط بإجمالى قدرة يبلغ 1000 ميجاوات وبتكلفة استثمارية بلغت 746 مليون دولار، وعدد من وحدات إنتاج الطاقة الكهربائية المتنقلة بمحافظاتسوهاجوأسيوطوالمنيا وتم دخول هذه الوحدات إلى الخدمة تباعًا منذ مايو 2015، وقناطرأسيوط التى تنتج محطتها الكهرومائية 240 مليون كيلو وات ساعة. يتم إنشاء المشروع، فى مدن “سفاجا والقصير وقنا”، على مساحة 2.2 مليون فدان، بحيث تصبح منطقة اقتصادية ذات طبيعة خاصة وفق القرار الرئاسي. وتمتد من نهر النيل عند ثنية قنا وحتى ساحل البحر الأحمر ووفق دراسات أجرتها عدة وزارات، فإن المنطقة تحوى العديد من الخامات المعدنية الفلزية مثل الذهب والكروم والحديد واليورانيوم والخامات المعدنية اللافلزية مثل التلك والأسبستوس والمنجنيز والطفلة الزيتية والفوسفور، بالإضافة إلى الخامات الأولية التى تدخل فى صناعة مواد البناء، وكذلك الكوارتز والفلسبار اللذان يدخلان فى صناعة السيراميك، وفق الدراسة التى تم تسليمها فى ديسمبر قبل الماضى إلى مجلس الوزراء والتى ستؤول حاليا إلى المنطقة الاقتصادية الجديدة للمثلث الذهبى والتى صدر قرار رئاسى بتشكيلها. تقام 9 تجمعات صناعية قريبة من محافظة قنا، إلى جانب استخراج الذهب من أكثر من 100 موقع واعدة فى استخراج المعدن الأصفر، وكذلك مشروعات استخراج مادة الفوسفات قرب ساحل البحر الأحمر فى الشرق حتى نهر النيل بالغرب والتى تصدر بكميات للخارج. ليتحول الصعيد من منطقة طاردة للسكان إلى منطقة جاذبة للسكان وهو ما تسعى الدولة المصرية لتنفيذه على أرض الواقع فكان افتتاح الرئيس لمصنع أسمنت العريش ببنى سويف ومصنع الرخام باكورة القلاع الصناعية بالصعيد يعقبه افتتاح عدد من القلاع الصناعية الأخرى فى قناوأسيوطوالمنياوسوهاجوأسوان.