جاء فيلم «المشخصاتى تو» الذى كتبه تامر عبد المنعم بالاشتراك محمد أبو سيف، بينما انفرد أبو سيف بإخراجه، نموذجا للفشل الفنى رباعى الأبعاد. الفيلم، الذى يعد الجزء الثانى من فيلم «المشخصاتى»، بدا ثقيل الظل رغم أنه يستهدف الإضحاك، كما كان مباشرا فى طرحه السياسى حتى ظننته فى أوقات كثيرة مجرد منشور يعلو فيه صوت الرأى على صوت الدراما، وسرعان ما ظهر بوضوح عيب فنى ثالث مزعج هو التفكك وعدم التماسك، كما أخذت المعالجة بشكل عام طابعا ساذجا وسطحيا. وبعكس الجزء الأول الذى كان بسيطا، وكان محوره حلم الممثل الصغير شلبى أن يجد فرصة للعمل، من أجل الزواج من حبيبته، فإن «المشخصاتى تو» تاهت منه الخيوط تماما، وانطلق البناء من فكرة من الواضح أنها أزعجت الرقابة، وهى قيام «جهة أمنية سيادية كبرى»، بتحويل شلبى إلى عين على تنظيم الإخوان، أثناء سجن قادته فى عصر مبارك، ثم تحويل المشخصاتى البارع فى التقليد إلى بديل أحيانا لمحمد مرسى، وأحيانا لخيرت الشاطر، وظهر أيضا كبديل لحازم صلاح أبو إسماعيل أيضا، ورغم أن المعالجة متخبطة، ومرتبكة، وأقرب ما تكون إلى الإسكتشات المنفصلة، إلا أن دخول الرقابة على الخط (ربما بالأساس أيضا بسبب ظهور تآمر السفيرة الأمريكية آن باترسون التى تظهر شخصيتها بالاسم)، أدى فى النهاية إلى مشهد أخير، ينكر فيه الأبطال شخصياتهم التى ظهروا بها، ويقولون أسماءهم الحقيقية، أى إنه حتى الرؤية السياسية التى ينحاز إليها تامر فى فيلمه المباشر، أصبحت فى النهاية مجرد نكتة أو هزار، ولا أعتقد أنه يمكن أن يكون هناك استخفاف بعقل المتفرج أكثر من ذلك. يبدأ «المشخصاتى تو» بفشل شلبى (تامر عبد المنعم) عدة مرات فى العمل، مرة مع سمير غانم على المسرح، ومرة عندما يحرق الأستديو الذى يصور فيه سمير صبرى فيلمه، ومرة ثالثة عندما يتقمص دور حسنى مبارك فى فيلم يصور فى يوم 25 يناير 2011، ولكن بداية الفيلم الحقيقية تكون عندما يتم اختطاف شلبى، والذهاب به إلى فندق 5 نجوم، وهناك يقابل محسن ممتاز (يوسف شعبان الذى يستدعى شخصية واسم رجل المخابرات الذى ظهر به فى مسلسل رأفت الهجان)، ومساعدته الجميلة «إيمى»، التى تبدو وكأنها قد خرجت من أحد أفلام جيمس بوند بملابسها وهيئتها. يسير بناء الفيلم بعد ذلك بطريقة عشوائية، حيث تظهر لقطات أرشيفية لما جرى من اقتحام السجون، وخروج قادة الإخوان، ثم وصول محمد مرسى إلى السلطة، هناك استخفاف كامل بصنعة الكوميديا، وتقديم مشاهد مكتوبة بشكل جيد، لأن الإعتماد كله على قدرة تامر عبد المنعم على التقليد، بمساعدة الماكيير محمد عشوب، ولكن ذلك لم ينقذ الفيلم من الرتابة، وثقل الظل، ورغم أن الفيلم يبدأ بلافتة تقول إنه محض خيال، وإنه يستهدف فقط الإضحاك، إلا أن كثيرا من المشاهد انزلقت إلى الاستظراف. ليست مشكلتى مع «المشخصاتى تو» فى أن تقول رأيا سياسيا، أو وجهة نظر فى أى تيار أو رئيس، المشكلة فنية بحتة، إنها السؤال الأهم فى أى فن وهو: كيف تقول؟، وفيما يتعلق بهذا السؤال فإن ما شاهدناه فى فيلم تامر عبد المنعم هو تعبير مباشر ومغرق فى السذاجة، والأدهى أنه غير مضحك أيضا. دائما أضرب مثالا بفيلم أمريكى شهير هو «الروس قادمون» الذى كان يحمل وجهة نظر سياسية، قدمت بذكاء شديد، وبطريقة مضحكة ممتعة، لأن لديهم فنا خطيرا اسمه كتابة السيناريو، أما نحن فلدينا فهلوة و نمر مصورة، وضيوف من الفنانين الذين لا تعرف بالضبط ماذا قالوا، ولا لماذا ظهروا، حتى يوسف شعبان أخذ يتعثر فى نطق الحوار، بصورة تدعو للأسى، ولا تدعو حتى إلى مجرد الابتسام.