منذ أقل من عامين كان كل أملنا أن نعيش فى أمان، ألا تسيطر علينا جماعة تعيدنا قرونا إلى الوراء، كان كل أملنا أن نستعيد مصر التى نعرفها ونعشق ترابها، كنا على استعداد أن ندفع أى ثمن حتى لا يعيش أبناؤنا وأحفادنا فى بلد أصبح غريبًا عنا، حين صعدت وجوه وتحكمت فى مصائره نماذج من البشر كنا لا نعلم عنها شيئا. ثم حدثت المعجزة حين خرج الشعب المصرى الذى جُبل على الصبر والانتظار، خرج وقد نفض عن نفسه السلبية ليعلن للعالم أنه لن يسمح لهذا الفصيل أن يحكمه بعد اليوم، وسانده جيشه العظيم وحقق رغبته بكل بسالة. ولم يكتف الشعب بهذا، بل طالب قائد جيشه أن يتحمل مسئوليته ويمسك بزمام البلد فى تلك الفترة الفارقة.. والباقى نعلمه جميعا. جاء الرجل وهو لا يحمل عصا سحرية، بل جاء يحمل وطنية وحبًا لهذا البلد وإخلاصًا وأملًا فى مستقبل أبنائه، جاء والمخاطر تحيطه وتحيط أسرته والكثيرين من حوله. ذهب إلى بلاد تجمعنا بها مصالح استراتيجية واقتصادية، كنا نقول كيف يعرض نفسه للخطر؟ لكنه كان يذهب ويعود محملا بالآمال ودفعات للمستقبل، حقق مشروعات ضخمة غيرت وجه البلد فى فترة قياسية، حافظ على استقرار هذا البلد وحاصر الإرهاب الذى لم يترك مدينة أو محافظة إلا وغرس أنيابه، سار خطوات طموحة وواسعة أذهلتنا! صحيح أن أحلامنا كانت كبيرة، لكن مشاكلنا وقلة إمكاناتنا كانت أكبر، والحقيقة أن المصريين البسطاء والفقراء كانوا أكثر صبرا وأكثر وطنية من كثيرين أراهم اليوم وأنا أشعر بأسف شديد لما آل إليه حال الوطنية فى بلدنا! فحين ألقى الرئيس خطابه الأخير يوم الأربعاء الماضى فى مسرح الجلاء بمناسبة انطلاق استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030، كان حقيقة منفعلا بل ثائرا، ولديه كل الحق، فأنا لا أستطيع أن أصدق أن هناك من لا يدرك حجم المشاكل المستعصية فى مصر، ومن لا يدرك أننا نمر بأزمة حقيقية، وأن ما نعانيه اليوم هو نتاج سنوات طوال من الإهمال والفساد والأمراض المزمنة، ثم يأتى الرجل بكل شجاعة ليتحملها، وبدلا من أن يتحمل كل منا مسئوليته نجد فرقة البوم الذى ينعق فى سماء بلدنا ليتصيد للرجل ويجتزئ عباراته ليدللوا على فساد نواياهم ويتركوا كل إنجازاته ليتحدثوا فى تفاهات! كنت سأحترم جدا آراءهم لو كان بها حس وطنى، لكنها كلها صدرت من وسائل تابعة لأصحاب المصالح الذين امتصوا دم هذا الشعب ثم يريدون المزيد، بل كنت سأقدرها لو كانت انتقادات حقيقية فى نقاط تستحق الانتقاد، ونحن بالفعل مازال لدينا ما يستحق الانتقاد، لكن شتان ما بين نقد وطنى بناء من أجل مصلحة هذا البلد، وانتقادات سطحية تريد أن تحبط هذا الشعب الصابر بهدف إيجاد هوة بينه وبين رئيسه. فى مثل هذه المناسبات علينا أن نفرق جيدا بين من يبحث ويعمل بالفعل لمصلحة هذا البلد، وبين من يعمل لمصلحة فئة تريد أن تستحوذ على خيراته وتسعى لهدم الدولة المصرية.. وعلينا أيضا ألا ننسى أبدا ماذا أعطى هذا الرجل حتى وإن لم يكن قد قدم كل ما نريده منه بعد!