بدأ العد التنازلى بين أطراف اللعبة السياسية فى معركة الرئاسة الأمريكية ..ابتدا المشوار بين أطراف اللعبة ومركز ثقلهم لعرض برامجهم على 51 ولاية. ولأنها انتخابات بطعم مختلف نتابعها ويتابعها العالم، المفارقة أن أبرز المرشحين للحصول على المقعد الرئاسى والاستمتاع بالمدفاة الشهيرة فى المكتب البيضاوى تنحصر بين الحزب الديمقراطى ورمزه الحمار،والحزب الجمهورى ورمزه الفيل، وفى حالات نادرة يكون هناك مرشح مستقل، آخرهم «روس بيرو» الملياردير الأمريكى الذى فشل فى انتخابات عام 1992 ...والسباق الرئاسى الذى يتنافس عليه الحزبان يتوقع أن يسفر عن دخول لاعبين جدد لتلك المعركة. وهيلارى كلينتون ألمع محامية أنجبتها شيكاغو، تلك الولاية التى ارتبط تاريخها بالجريمة والعشوائيات والتى تحولت الآن إلى متحف العمران فى العالم .. هذه الولاية التى جسدت السينيما الأمريكية منها وعنها كثير من القصص الإجرامية والمغامرات حول العلاقات بين أفراد تلك الولاية، ومن هنا برزت مواهب هيلارى كلينتون القانونية خاصة فى الدفاع عن المتهمين فى الولاية التى تعتز بأنها مسقط رأسها. ومعركة الرئاسة الأمريكية هى كشف الحساب لسياسات العالم فى السنوات المفصلية ،فهى لاتهم الناخب والمرشح فقط ..ولكنها تتفاعل وتنشىء مراكز قانونية وسياسية للتكتلات الاستراتيجية، وهى فى نفس الوقت تتزامن غالبا مع الانتخابات النيابية وحكام الولايات وقضاتها..حيث يرسمون خريطة الطريق. ونظام الحكم يقوم على التوازن بين السلطات ..فإذا طغت السلطة التشريعية يوصف بأنه نظام حكومة الكونجرس.. والمرشح للرئاسة لا يخاطب عواطف الناخب وقلبه لكنه يخاطب قبل ذلك (صحته وجيبه)، فلابد أن يكون له برنامج مبتكر يقوم بصياغته خبراء فى كل المجالات من كوادر الحزب، وهيلارى كلينتون التى دخلت العمل السياسى من بوابة زوجها لكنها بذكائها استطاعت أن تجد لها مكانًا ومكانة من خلال معارك كثيرة..لكى تكون مؤهلة لمنصب سياسى خاص بها،وهى الآن تقول إنها الأقوى بين مرشحى الرئاسة لأنها أصبحت سيدة دولة ..فبدأت بترشيح نفسها عن ولاية نيويورك خلفا « لباتريك مونتنيان «الذى اعتزل السياسة ،لكنها صدمت فى الولاية الثانية لزوجها بما أثير حول مغامراته النسائية (مونيكا لوينسكى)، وهيلارى كانت تطمع فى مقعد زوجها فقد قالت للصحافة بعد فترة الرئاسة الأولى لزوجها بيل كلينتون إن غالبية الأمريكيين يشاركونها فخرها بالعمل الذى يقوم به رئيس الولاياتالمتحدة من أجل البلاد.. لكنها فى الحقيقة كانت تحتقره كأنثى لأنه اساء بغبائه إلى منصبه وزوجته وابنته.. ومع ذلك استطاعت ان تتخطى كل العقبات وتحولها إلى شعبية غير مسبوقة لها كزوجة وأم فرسمت لدى المواطن الأمريكى صورتها كزوجة ضعيفة مثل زوجة سى السيد «الست امينة»وبدت كانها مقهورة .. فأثارت عطف الشعب الأمريكى ..وهناك نكتة فى أمريكا تتردد ان هيلارى وبيل كلينتون ذهبا إلى محطة للوقود فى مسقط رأسها شيكاغو وشاهدا عاملا بمحطة الوقود كان صديقا لهيلارى فى مرحلة الصبا .. فقال بيل كلينتون لزوجته هيلارى لو لم أتزوجك لكنتى الآن عاملة فى هذه المحطة مع هذا العامل،ولكنها ردت عليه كصفعة على وجهه وقالت له (لو تزوجته لكان اليوم رئيس الولاياتالمتحدة فأنا دائما احب ان العب دور البطولة) هذا عن المرأة الحمار أو المرأة الناعمة. أما الحزب الجمهورى فإن قادته وجمهوره يأملون أن يدمر المتنافسان الرئيسيان «ترامب»، و«كروز» أحدهما الآخر لتسهيل صعود «ماركو روبيو» سلم المنافسة لإنقاذ الحزب من هزيمة متوقعة فى نوفمبر المقبل ..وخبراء الحزب يستعينون باستطلاعات الرأى وخبراء الانتخابات البرلمانية فى مجلس العموم البريطانى ..خاصة بعد المشاكل التى حدثت للحزب من الفيل الحنجورى «رونالد ترامب» الغريب الأطوار والأشكال. صحيفة نيويورك تايمز أيدت فى افتتاحية أخيرة هيلارى كلينتون وعددت تاريخها ..اما منافسها فى الحزب الديمقراطى «ساندرز»الذى يقدم نفسه على أنه ديمقراطى اشتراكى لا يملك مؤهلات الحكم أو خبرته، وقال عن ترامب إنه رجل أعمال بلا خبره ولا يرغب فى تعلم السياسة، إنما يعتمد على الغاضبين من الناخبين الذين يعتنقون عقيدة التصويت العقابى للحكام.. وأغلبهم من المهاجرين من المكسيكوأمريكا اللاتينية، فضلا عن منع المسلمين من دخول البلاد ومراقبة المساجد، وكرهه للنساء والادعاء بأنه مسيحى ملتزم.. وعنما سئل عن نص يفضله فى الكتاب المقدس عجز عن الإجابة. صحيح أن بداية الحملة الرئاسية ساخنة دعائيا، والفرق بين المتنافسين لا يذكر، لكنها انتخابات باردة أيديولوجيا وسياسيا، وهذا هو دور كوادر الحزبين لإشعال نار المنافسة وسخونتها، فهم أصحاب مسرح العرائس القادرون على تحريك أبطال المسرحية الرئاسية بصوره تليق بالتاريخ الديمقراطى لأمريكا. وقد سئل مواطن أمريكى عن رأيه فيما يقدمه الحزبين الأكبر فردًا قائلا: إذا كان الحزب الديمقراطى وجبته تشبه الوجبات التى تقدم فى الطائرات، والثانى أى الحزب الجمهورى وجبته تشبه ما يقدم فى المستشفيات.. فالوجبتان تسدان النفس!! على كل الأحوال علينا أن نستعد لمتابعة ومشاهدة مباراة انتخابية وأحداث متجددة بين حزبى الحمار والفيل فى بلاد العم سام.