في تحد جديد للمجتمع الدولى الذى يبحث منذ أكثر من شهر طريقة معاقبة كوريا الشمالية بعد تجربتها النووية الرابعة فى السادس من يناير الماضى، وبالرغم من تحذيرات الولاياتالمتحدة وحليفتيها اليابان وكوريا الجنوبية المسبقة ل «بيونج يانج» من أنها ستدفع ثمنا باهظا جدا إذا ما أقدمت على هذه الخطوة، جاء إعلان كوريا الشمالية الأسبوع الماضى عن إطلاق صاروخ بعيد المدى، يعتقد أنه غطاء لاختبار صاروخ بالستى عابر للقارات، ليثير التساؤلات حول قدرات بيونج يانج، ومدى جدوى تشديد العقوبات المفروضة عليها. وأعلنت كوريا الشمالية، أن عملية الإطلاق نجحت فى وضع قمر اصطناعى فى مدار حول الأرض، ووصفت الإدارة الوطنية لتطوير الفضاء عملية الإطلاق بأنها «حدث تاريخى فى قدرة البلاد العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والدفاعية من خلال ممارسة الحق المشروع فى استخدام الفضاء للأغراض المستقلة والسلمية». ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية المستقلة عن سفارة كوريا الشمالية فى موسكو فى بيان أن بيونج يانج تنوى الاستمرار فى إطلاق الصواريخ التى تحمل أقماراً اصطناعية إلى الفضاء، وهو ما يعد استفزازا للولايات المتحدة وحلفائها الذين يرون فى برنامج كوريا الشمالية الفضائى غطاء لبرنامج لتطوير صواريخ بالستية عابرة للقارات، يمكنها الوصول إلى الولاياتالمتحدة، خاصة أن بيونج يانج دائما ما تدعى أنها قادرة بالفعل على ضرب أراضى الولاياتالمتحدة، لكن معظم الخبراء يشككون فى ذلك معربين عن اعتقادهم أن كوريا الشمالية يلزمها وقت كى تطور قدرات ذات مصداقية يمكنها من توجيه ضربة عابرة للقارات. ويقول مراقبون إن بيونج يانج تهدف من وراء تجربتها النووية الرابعة، وعملية إطلاق الصاروخ، إلى دفع الولاياتالمتحدة إلى طاولة المفاوضات، حيث يأمل النظام الكورى الشمالى فى الحصول على بعض التنازلات. بينما يرى آخرون أن الهدف ربما يكون رغبة الزعيم الكورى الشمالى كيم يونج أون فى إدعاء بعض النجاحات قبل المؤتمر السابع لحزب العمال الحاكم فى مايو القادم حيث يريد الظهور بمظهر القائد القوى للبلاد. ومن جهته، هدد مجلس الأمن فى اجتماع طارئ، باعتماد قرار جديد، يفرض عقوبات جديدة على بيونج يانج، رداً على عملية الإطلاق الأخيرة، التى اعتبرها «انتهاكا خطيرا» لقرارات الأممالمتحدة، حيث تحظر المنظمة الدولية على كوريا الشمالية تطوير أى برنامج نووى أو باليستى. وبالإضافة إلى اتفاق الولاياتالمتحدة وحليفتيها اليابان وكوريا الجنوبية على ضرورة فرض عقوبات إضافية، غير عقوبات الأممالمتحدة، لتلقين كوريا الشماليّة درساً صارماً، أعلنت واشطن وسيول بدء المفاوضات الخاصة بنشر نظام الدفاع الصاروخى الأمريكى «ثاد» فى شبه الجزيرة الكورية « فى أقرب وقت ممكن»، للتصدى لما ترياه تهديداً من الشمال. هذا فى الوقت الذى أكد فيه خبراء فى الأممالمتحدة فى تقرير سرى أطلعت عليه وكالة فرانس برس، أن سلاح العقوبات الدولية ليس مجديا فى ثنى كوريا الشمالية عن المضى قدما فى تطوير برامجها النووية والباليستية، حيث قال الخبراء فى تقريرهم إنهم وبعد مرور عشر سنوات على إجراء كوريا الشمالية تجربتها النووية الأولى «لم يجدوا أى مؤشر على أن لدى هذا البلد النية فى التخلى عن برامجه النووية والباليستية». وأضاف التقرير أن كوريا الشمالية «تنجح فى الالتفاف على العقوبات وتواصل استخدام النظام المالى العالمى والخطوط الجوية والطرق البحرية للحصول على مؤن محظورة. ومن ناحية أخرى، فإن نشر نظام الدفاع الصاروخى الأمريكى فى شبه الجزيرة الكورية يهدد بإغضاب الصين، فبالرغم من إعراب بكين، الحليفة الرئيسية لكوريا الشمالية، عن أسفها لإصرار بيونج يانج على استخدام تكنولوجيا الصواريخ البالستية، إلا أنها عبرت عن «القلق الشديد» من النظام الدفاعى الذى قد تخترق أجهزة الرادار الخاصة به أراضيها، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا شونيينج: «حين يسعى بلد ما إلى ضمان أمنه، عليه ألا يهدد المصالح الأمنية لدول أخرى» مضيفة أن خطوات كهذه يمكن أن تضر باستقرار المنطقة. ولا يمكن المجازفة بإغضاب الصين حيث ترى معظم التحليلات أن أيا من الحل العسكرى أو الدبلوماسى لن ينفع مع بيونج يانج وأن الحل بيد الصين، وفى هذا الإطار، رأت صحيفة «التليجراف» البريطانية أنه من الوسائل التى تمتلكها الصين لكبح طموحات الرئيس كيم يونج أون فرض حظر اقتصادى وقطع المساعدات التى تقدمها له.