بعد حادث إطلاق النار على المركز الاجتماعى للمعاقين الواقع فى مدينة سان يبرناردينو بولاية كاليفورنيا والذى أسفر عن مقتل 14 شخصا وإصابة 21 آخرين، سيطرت على الشارع الأمريكى حالة من الفزع والرعب والخوف مما هو قادم، خاصة أن الأسباب التى دعت الزوجين المسلمين، وهما الأمريكى سيد فاروق، وزوجته تاشفين مالك، من ذوى الأصول الباكستانية إلى إطلاق النار مازالت غامضة. وكان ديفد برودويتش، مدير مكتب التحقيق الفيدرالى (إف بى آى) فى كاليفورنيا، قد صرح بعد مرور 48 ساعة على الحادث أنهم يحققون فيه على أنه عمل إرهابى، مضيفًا أنه بات لدى الأجهزة الأمنية أدلة كافية لتأكيد هذا الأمر، إلا أنه فى الوقت نفسه هناك بعض المعلومات المتواترة، والتى لم يتطرق إليها مدير (إف بى آى) تؤكد أن شهود عيان رأوا فاروق الذى كان يعمل فى نفس المركز قد ترك الحفل فى حالة من الغضب الشديد على إثر مشادة وخلاف مع بعض من زملائه العاملين معه فى المركز قبل أن يعود مرة أخرى هو وزوجته للقيام بهذه المذبحة. ومع استمرار التحقيق لسبر أغوار دوافع منفذى هجوم كاليفورنيا،الزوجين اللذين لقيا حتفهما بعد تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بعد الحادث بساعات، تبقى مساحة الشك واليقين متداخلة بشكل كبير حول تفاصيل هذا الحادث، حيث تشير المعلومات الأولية إلى أن فاروق، 28 عاما، كان على تواصل مع تنظيمين مسلحين على الأقل خارج الولاياتالمتحدة، أحدهما جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة فى سوريا، أما تاشفين، 27 عاما، فكانت قد نشرت فى حسابها على «فيسبوك» قبل العملية بدقائق تدوينات عبرت فيها عن ولائها لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» أبو بكر البغدادى، وفى الوقت نفسه أذاعت «وكالة أعماق» و«إذاعة البيان» المسئولتان عن بث أخبار داعش على الإنترنت، بيانا يؤكد مسئوليتها عن الحادث، وأن المهاجمين من أنصار التنظيم، ورغم ذلك جاءت تصريحات من مصادر حكومية أمريكية تؤكد أنه لا يوجد دليل حتى الآن على أن الهجوم نفذ بناءً على أوامر داعش. ومن ناحية أخرى، أحيا حادث سان يبرناردينو النقاش حول العديد من القضايا التى أثارت اهتمام المجتمع الأمريكى فى السنوات الأخيرة ومنها قضية المراقبة حيث يدور جدل منذ وقت طويل بين جهاز الأمن الوطنى (إن . إس . إيه) ونشطاء مدافعين عن الخصوصية والحقوق المدنية بسبب مراقبة بيانات الاتصالات الخاصة بالهواتف المحمولة، والآن ينادى العديد من الساسة المنتمين للحزب الجمهورى بوضع تشريع يقضى بإلزام مواقع التواصل الاجتماعى مثل فيسبوك وتويتر بإخطار الحكومة بشأن الكتابات التى تبدو مروجة لنشاط إرهابى. كما تصاعدت المطالبات بإضعاف تشفير الاتصالات الهاتفية لتسهيل تنصت الحكومة عليها، وقوبلت هذه الفكرة بمعارضة شديدة من شركات التكنولوجيا والمدافعين عن حقوق الخصوصية الذين حذروا من أن إضعاف التشفير سيعرض البيانات للوقوع فى يد قراصنة إنترنت ويقوض سلامة الشبكة العنكبوتية. كما أعاد الحادث الجدل حول قوانين الأسلحة النارية فى الولاياتالمتحدة، حيث يطالب أغلب الأمريكيين بتشديد الضوابط المفروضة على اقتناء الأسلحة النارية وتعديل مادة فى الدستور خاصة بهذا الشأن، وهى المادة التى تنص على حق المواطن فى حمل السلاح.