مجرد الوعد بمعرفة أسباب المرض..لا يعنى معرفة العلاج بل قد يتحول الأمر لمسكنات تطيل من عمر المرض الذى ينشب فى جسد أى شعب قد لا يبقى حيا وعفيا للأبد.. لهذا شُرع التغيير بكل السبل المشروعة التى تحترمها القوانين والدساتير، وتأتى الانتخابات الرئاسية على قمة هذا التغيير، لعل أشهرها الانتخابات الرئاسية الأمريكية التى يحين موعدها أواخر العام القادم، وهى ليست المرة الأولى التى يبدأ فيها عرض سيرك الانتخابات الأمريكية بظهور متنافسين جدد لتحفيز الناخبين لمشاهدة العرض الرئيسى الذى يحسم باختيار الرئيس الجديد للولايات المتحدةالأمريكية، ويتوقف اتقان العرض وسخونته على درجة حرفية اللاعبين - أقصد المتنافسين - لأدوارهم. ولعل ظهور المنافس اليسارى بيرنى ساندرز (73 عاما) يجيب على التساؤل الذى بات يشغل بال الكثيرين مؤخرًا وهو: هل ستتخلى الولاياتالمتحدة عن النظام الرأسمالى الحر لصالح التيار اليسارى الذى أهمل منذ الستينيات وبدأ يبعث من جديد خلال حملة ساندرز للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة ممثلا عن الحزب الديمقراطى؟ وقد استهل ساندرز نجاحه بمناظرة تليفزيونية سببت حرجا محسوسا لدى منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون رغم ادعاءات أشهر وسائل الإعلام غير ذلك والتى ثبت عدم صدقها بعد توالى الرسائل الإلكترونية المؤيدة للمرشح المتحمس ساندرز وأثبتتها نتائج استطلاعات الرأى والتى أكدت انصراف عدد لا يستهان به نحو تأييد ساندرز، وعلى حساب هيلارى، معظمهم من الشباب الراغب فى التغيير، والذى مل السيناريو المتكرر الذى بات يحسم الانتخابات لصالح إحدى الأسر الثرية الشهيرة، ونذكر منها عائلات كلينتون وبوش وكينيدى، ويحسب لساندرز أنه عرف كيف يستثمر مشاعر الإحباط والملل التى بات يشعر بها الناخبون تجاه مرشحيهم المتكررين من الأثرياء سكان القصور، وهذا يفسر أيضا حالة التخبط التى أصابت النخبة الأمريكية بعد إعلان ساندرز لبرنامجه الانتخابى والذى انتقد فيه النظام الرأسمالى ومسئوليته عن تآكل الطبقة الوسطى وتزايد الفروق بين الطبقات، ودعوته لفرض ضرائب تصاعدية على شركات وول استريت لصالح مجانية التعليم الجامعى وإجراء تعديلات فى قانون العمل لصالح العمال وحماية المستهلكين من تعنت رجال المال والبنوك. وساندرز ليس جديدا على الساحة السياسية فهو ابن لعائلة بولندية يهودية مهاجرة، عمل فى بيع اللوحات الفنية حتى استكمل تعليمه، تزوج فى سن مبكرة ولديه ابن واحد من ثلاث زيجات، انضم لحزب الحرية وهو حزب يسارى ثم الحزب الديمقراطى، وبدأت شهرته بعد فوزه بمنصب عمدة ولاية فيرمونت ثم عضوا فى البرلمان ثم مجلس الشيوخ عام 2006، ورغم وجاهة دعوة ساندرز وبرنامجه الانتخابى فلازال الوقت مبكرا لنهاية العرض حتى نعرف المرشح الفائز والمنافس الديمقراطى المنتظر على منصب الرئاسة.