في واحد من أكبر الانتصارات التى حققتها طالبان منذ 2001، وبعد 14 عاما من الحرب الأمريكية فى أفغانستان، استطاعت الحركة المتشددة السيطرة على مدينة قندوز، وهو ما وصفته صحيفة «نيويورك تايمز» بالفوز المفاجىء الذى منح الجماعة الارهابية مكاسب سياسية وعسكرية. ونجح مسلحو الحركة فى اجتياح مدينة قندوز الأفغانية، وسيطروا على أجزاء كبيرة منها، فى هجوم مفاجىء وشامل استمر أكثر من 12 ساعة، وهو ما تزامن مع مرور سنة على حكم الرئيس الأفغانى أشرف غنى، وجاء قبل أسبوع من عودة قائد الجيش الأمريكى بأفغانستان، الجنرال جون كامبل، لواشنطن، والإدلاء بشهادته أمام الكونجرس عن الحرب هناك وطبيعة مشاركة قواته فيها. ورغم استعادة الحكومة الأفغانية للمدينة، فإن مراقبين يرون أن سيطرة الحركة على المدينة ضربت أكثر من عصفور بحجر واحد، منها عودة أفغانستان للأجندة الدولية، وعودة الحركة لدائرة الأضواء، كما كشفت ضعف القوات الحكومية، وهو ما يعد ضربة للوجود الأمريكى. كما يرى مراقبون للشأن الأفغانى أن سيطرة حركة طالبان على قندوز، خامس أكبر مدينة بالبلاد وإحدى أغنى وأكثر المدن الاستراتيجية كونها بوابة أفغانستان على آسيا الوسطى، سيشكل حافزا للحركة لاستعادة زخمها فى كافة أرجاء البلاد، ويؤثر على مباحثات السلام. وقالت صحيفة «الاندبندنت» البريطانية إنه بعد 14 عاما من الإطاحة بحركة طالبان المتشددة من السلطة فى أعقاب هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001، بدا واضحا أن الحركة عادت ليس فقط فى جنوبأفغانستان حيث لم تتوقف هجماتها على القوات الغربية والأفغانية، ولكن أيضا فى الشمال، مضيفة أنه منذ سحب الناتو آخر قواته المقاتلة نمت قوة الحركة فى البلاد بشكل مطرد. أما صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فقالت إن سقوط قندوز، وهى عاصمة إقليم قندوز ومركز شمالى مهم يضم أكثر من 300 ألف نسمة، فضلا عن أنها واحدة من المراكز التى شهدت زيادة عدد القوات الأمريكية منذ خمس سنوات، يشكل تحديًّا مباشرًا لتأكيدات المسئولين الأمريكيين والأفغان بشأن قدرة قوات الأمن الأفغانية على السيطرة على المدن المهمة فى البلاد. أما الكاتب الأمريكى ريان جريم فقد افتتح تحليله للموقف الراهن فى أفغانستان بموقع «هوف بوست» بسؤال: لماذا ستسقط أفغانستان فى أيدى طالبان مرة أخرى؟ ويرى جريم أن الأيام الماضية شهدت تحولا حقيقيا فى أفغانستان بعدما بدأت حركة طالبان حركة موسعة لاستعادة السيطرة على أفغانستان انطلاقا من مدينة قندوز فى عمليات عسكرية فشلت القوات الأفغانية الحكومية والمدعومة من الجيش الأمريكى فى صدها. ويضيف جريم أنه بدا واضحا غياب التنسيق بين القوات الأمريكية بعد ذلك القصف الأمريكى لمستشفى قندوز والذى أسفر عن مقتل العشرات، وهو ما زاد من الاحتقان والغضب من قبل المدنيين تجاه القوات الأمريكية، فى الوقت الذى تعجز فيه الإدارة الأمريكية عن تحسين الأداء الحكومى وتضييق الخناق على الفساد والفاسدين، وهو ما اكتسبت طالبان بسببه فى البداية تعاطف الأهالى الغاضبين من فساد المسئولين. وفى نفس السياق، قالت ممثلة اليسار فى لجنة الدفاع بالبرلمان الألمانى كريستينا بوخهولتس، إن سقوط قندوز عكس تراجع التأييد للحكومة وللوجود العسكرى فى أفغانستان، وإن تطورات الأوضاع بقندوز أظهرت فشلا كاملا لاستراتيجية الناتو فى تحقيق السلام بأفغانستان من خلال إرسال مئات الجنود والطائرات المقاتلة والتدمير بالقنابل، معتبرة أن سقوط قندوز وتنفيذ غارات لاستعادتها أدى لتفاقم الوضع الإنسانى، حيث أثارت الضربة الجوية للجيش الأمريكى لمستشفى قندوز التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود والتى اسفرت عن مقتل 22 شخصًا، إدانات وانتقادات دولية، وهو ما اضطر الجيش الأمريكى إلى الاعتراف بالخطأ والتعهد بمحاسبة المسئولين عنه، وفى شهادته أمام لجنة القوات المسلحة فى مجلس الشيوخ الأمريكى، قال الجنرال جون كامبل إن قصف المستشفى كان بالخطأ، وأضاف كامبل أن تصاعد وتيرة هجمات طالبان قد يستدعى نشر عدد أكبر مما هو مقرر من الجنود الأمريكيين فى أفغانستان العام القادم.