بين عشية وضحاها أصبحت مشكلة اللاجئين السوريين محور اهتمام الرأى العام العالمى خاصة بعد الصدمة العالمية التى شكلتها صورة الطفل السورى «إيلان كردى» اللاجئ الذى مات غرقا خلال محاولة أسرته مغادرة تركيا إلى اليونان، وهو ما حرك مشاعر الرأى العام والمجتمع الدولى وحث الكثير من السياسيين لتغيير مواقفهم تجاه أزمة اللاجئين السوريين. رصدت صحيفة الإندبندنت البريطانية تغير موقف رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون تجاه المهاجرين، وكان كاميرون يرفض المهاجرين لأوروبا، نظرًا لأن سياسة قبولهم لن تحل أى مشكلة، كما دعا إلى تحجيم الهجرة إلى أقصى حد، ثم سرعان ما تغير رأيه لكى يصف اللاجئين بالأزمة الإنسانية، والتعهد بقبول آلاف اللاجئين السوريين، وعلقت الصحيفة بالقول إن صورة الطفل السورى إيلان تسببت فى ضغط شعبى على كاميرون لقبول اللاجئين، مشيرة إلى أن عدد الموقعين على عريضة تقدمت بها ناشطة للبرلمان البريطانى تطلب فيها قبول المزيد من طالبى اللجوء وزيادة الدعم للمهاجرين بلغ 436,564 أى ثلاثة اضعاف الرقم المطلوب لينظر فيها مجلس العموم. كما شهدت الأيام الماضية انفراجة أتاحتها ألمانيا أمام اللاجئين السوريين، حيث جمدت ألمانيا العمل باتفاقية دبلن التى تنص على أن اللاجئين يجب أن يسجلوا أنفسهم ويقدموا طلب اللجوء فى الدول التى يدخلون منها أراضى الاتحاد الأوروبى، حيث تم وقف إجراءات ترحيل السوريين إلى الدول التى سبق أن دخلوا إليها. وبالتزامن مع تدفق الآلاف إلى ألمانيا، أعلنت برلين أنها تتوقع وصول 800 ألف لاجئ ومهاجر هذا العام، وحثت الدول الأخرى الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى على فتح حدودها. من جهته أعلن الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند أن بلاده ستستقبل 24 ألف لاجئ خلال العامين المقبلين، داعيًا الى عقد مؤتمر دولى فى فرنسا بشأن مشكلة اللاجئين، فى حين عرض رئيس وزراء فنلندا منزله الخاص على طالبى اللجوء، ودعا كل الفنلنديين لإظهار التضامن مع اللاجئين المتجهين إلى أوروبا هربا من الحرب والفقر. وفى تناقض تام مع تقارير نشرت تفيد برفض رئيس الوزراء الأسترالى تونى ابوت قبول لاجئين سوريين، أعلن استعداد بلاده لاستقبال المزيد من اللاجئين السوريين من المخيمات على الحدود بين سوريا والعراق واستعدادها أيضًا لتقديم المزيد من المساعدات المالية للاجئين. وعلى الجانب الآخر، وبعيدًا عن التعاطف الإنسانى مع المأساة التى حركتها جثث السوريين التى تراكمت على شواطئ أوروبا، ظهر التباين فى مواقف الدول الأوروبية من اللاجئين السوريين، فبينما أسرعت عدد من الدول بتسهيل إجراءات استيعاب اللاجئين، رفضت دول أخرى استقبالهم، وقاومت مقترحات أوروبية للموافقة على خطة موحدة بشأن المهاجرين، بل شددت من سياستها الخاصة باللجوء، حيث أعلنت الحكومة المجرية أنها ستنشر المزيد من قوات الشرطة على طول حدودها الجنوبية بعد 15 سبتمبر للحد من تدفق اللاجئين، وأنها تنتظر فقط مصادقة البرلمان على مقترحها بإرسال الجيش أيضًا، كما أعرب سياسيون ألمان وأوروبيون عن قلق متزايد من الأعداد القياسية للوافدين، محذرين من أن هذا التدفق سيؤدى إلى مشاكل سياسية ولوجستية على حد سواء. وقد حثت لجنة الأممالمتحدة لحماية حقوق العمال والمهاجرين دول اوروبا على بذل المزيد من الجهد لمعالجة واحدة من أسوأ أزمات النزوح وأكثرها مأساوية، وانتقد تحقيق أجرته الأممالمتحدة فى الحرب الدائرة بسوريا ما وصفه بإخفاق العالم فى حماية اللاجئين السوريين، وفى هذا السياق قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن القبض على اللاجئين على حدود الدول الأوروبية جذب انتباه العالم، حيث تكدسهم على محطات القطار وتسلق السياج الحدودى، بالإضافة إلى غرق الأطفال الصغار على الشواطئ، وتضيف الصحيفة أنه لم يكن سرا تصاعد موجة اللاجئين السوريين فآجلا أو عاجلا كانت ستنفجر، وتتحول من الشرق الاوسط إلى أوروبا، ومع ذلك لم تفعل العواصم الأوروبية شيئًا يذكر لوقف أو تخفيف الكارثة التى أصابت المدنيين السوريين. حيث فشلت دول الاتحاد الاوروبى حتى الآن فى تبنى سياسات فاعلة للتعامل مع الأزمة، بالإضافة إلى فشلها فى التعاطى مع تداعياتها، فما زال اللاجئون يعانون من سوء المعاملة فى دول جنوب أوروبا بوابة عبور اللاجئين إلى بقية دول الاتحاد الاوروبى، حيث تقوم السلطات فى المجر واليونان وبلغاريا بدفع اللاجئين إلى بقية دول الاتحاد الأوروبى، مستخدمة التعذيب وغيره من أساليب المعاملة الحاطة من الكرامة لما يجعل اللاجئين عرضة لعصابات التهريب فى اليونان وبلغاريا، واللتين لا ترتبطان جغرافيا بأى دولة عضو فى اتفاقية شنجن.