إن ما تفعله بنا الأقدار لأمر يفوق الخيال.. بأن يتزامن صدور قرار تعيينى رئيسا لتحرير مجلة «أكتوبر» التى حملت اسم العبور الأول لمصر من الانكسار إلى النصر مواكبا للعبور الثالث لمصر أيضًا.. ممثلا فى افتتاح قناة السويس الجديدة التى كانت حلما من أحلام المصريين لتصبح حقيقة وتمثل إنجازًا جديدًا فى تاريخ مصر والمصريين.. إن الحلم الذى فجره الرئيس عبد الفتاح السيسى بإعلانه منذ عام عن مشروع إنشاء قناة السويس الجديدة قد أثلج صدور المصريين والتفوا حول الرئيس ينتظرون الحلم الجديد الذى سيفتح أبواب الخير لمصر والمصريين، ولم يكن انتظارهم سلبيًا بقدر ما فاقت إيجابيته كل التوقعات عندما تم الإعلان عن الدعوة لشهادة الاستثمار الداعمة للمشروع والتى لاقت إقبالًا غير مسبوق من كل جموع الشعب المصرى فقيره قبل غنيه.. الكل يريد أن يساهم فى تحقيق الحلم العملاق.عندما أطلق الرئيس إشارة البدء فى تنفيذ مشروع القناة الجديدة كلنا يذكر إرادة التحدى التى جاءت فى توجيهاته للقائمين على تنفيذ المشروع بأن تكون المدة (سنة واحدة).. ورأينا وسمعنا وقرأنا تعليقات الكارهين والحاقدين: إنه من المستحيل، بل ومن رابع المستحيلات أن يتم تنفيذ هذا المشروع العملاق فى المدة الزمنية التى حددها الرئيس. ولكن اسم (قناة السويس) جاء ليعطى دفعة كبرى لمئات الآلاف من المصريين وعشرات الشركات التى عملت فى إنشاء وحفر مشروع القناة الجديدة وكان لديهم إرادة لتحقيق الحلم.. وكان أمام كل المصريين رؤية لمستقبل جديد واعد يلتفون حوله ويحققون رغباتهم الواضحة فى أن تتوحد إرادتهم .. شعبًا وحكومة وجيشًا من أجل إنجاز هذا المشروع العملاق الذى ينقل مصر إلى مكانة اقتصادية متميزة بين العالم كله. وكانت الإرادة المصرية المعهودة واضحة فى خطوات تنفيذ المشروع.. فنحن المصريين منذ زمن لم نلتف حول حلم كبير مثل هذا المشروع العملاق الذى جسدته إرادة رئيس وشعب.. فلا جدال أن مشروع قناة السويس الجديد هو أكبر المشاريع القومية التى التف حولها الشعب المصرى بإرادة غير مسبوقة تُذكرنا بالتفاف المصريين حول مشروع بناء (السد العالى). فعندما أعطى الرئيس عبد الفتاح السيسى إشارة البدء للمشروع.. هرولت سواعد المصريين نحو بناء مستقبل مصر الجديد.. والتفوا حول مشروع وطنى قومى سوف يعود عليهم وعلى مصر بكل الخير والنماء.. وليصبح قاطرة الاقتصاد خلال المرحلة المقبلة.. وبتنفيذه فقد جعل من قناة السويس والمنطقة كلها مركزًا لوجستيا عالميا. وتأتى أهمية أى مشروع قومى فى أنه يجمع كل المصريين بصرف النظر عن الأيديولوجيات.. فلا أحد عاقل يمكنه الاعتراض على مشروع يحقق فرص العمالة أو زيادة موارد الدولة وجذب رءوس الأموال بما يحقق رصيدًا من العملات الأجنبية ويدعم قنوات الاقتصاد فى الدولة. ومن هنا أستطيع التأكيد أن مشروع قناة السويس الجديدة هو مشروع المستقبل.. واضح الأهداف ومحدد الملامح يهدف إلى تنمية الحياة الاجتماعية لدى الطبقة الوسطى أولا.. وإيجاد فرص عمل للشباب توفرها الكيانات الاقتصادية المتعددة التى ستتواجد حول المشروع إضافة إلى تعظيم الثروات الطبيعية لمناطق سيناء والاستفادة المتعددة من ثرواتها. فعلا جدال أن مشروع قناة السويس الجديدة له من التداعيات الاقتصادية والاستثمارية التى شأنها المساهمة الفاعلة فى تعزيز الأمن القومى من ناحية، والأمن الاجتماعى من ناحية أخرى من خلال توفير حوالى مليون فرصة عمل من خلال الحركة الاقتصادية التى سوف تنشأ عبر المشروعات المتزامنة مع افتتاح القناة. ولا شك أيضًا أن تحويل قناة السويس من كونها معبرًا مائيًا تجاريًا إلى منطقة بحرية عالمية ولوجيستية تحوى كيانات صناعية وعمرانية جديدة تُعد قيمة مضافة إلى الاقتصاد القومى المصرى بما يحقق تغييرًا للحياة وأنماطها ليس فى منطقة القناة وحدها.. وإنما على امتداد مصر والعالم. واذا كانت قناة السويس الجديدة والتى كانت حلم المصريين الذى تحقق على أرض الواقع قد أصبحت الآن هى فرحة مصر الكبرى التى نعيشها بكل الفخر والإعزاز فإنها تمثل فى حياتنا وتاريخنا العبور الثالث لأم الدنيا.. وسبقها إلى ذلك العبور الأول ممثلًا فى إرادة المصريين التى صنعت معجزة الانتصار فى حرب 73 والتى حولت حالة الانكسار التى عشناها لسنوات إلى حالة من الزهو والفخار.. وأيضًا العبور الثانى وجاء من خلال إرادة المصريين التى صنعت ثورة 30 يونيو لتنتقل من حالة اللاوعى التى عشناها فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية إلى صحوة المصريين والتفافهم حول رئيس حقق لهم حلم الخلاص من الكابوس الجاثم على صدورهم.