بعد أقل من عشرة أيام على رحيل النجوم الكبار عمر الشريف وسامى العدل وحسن مصطفى.. توفى مساء الجمعة قبل الماضية المخرج والسيناريست السينمائى رأفت الميهى عن عمر ناهز 75 عاما بعد نصف قرن من الأشغال فى السينما تأليفا وإخراجا وإنتاجا. ولد الميهى فى سبتمبر1940 ودرس الأدب الانجليزى ثم درس السيناريو وكان أول فيلم يكتبه للسينما (جفت الأمطار) الذى أخرجه سيد عيسى عام 1967. وجذب الميهى الانتباه حين كتب سيناريو فيلم (غروب وشروق) الذى أخرجه كمال الشيخ عام 1970 وهو من كلاسيكيات السينما المصرية، ثم كتب ثلاثة أفلام أخرجها الشيخ وهى (شىء فى صدرى) و(الهارب) و(على من نطلق الرصاص) وهو آخر سيناريو يكتبه لغيره. وفى عام 1981 أخرج الميهى فيلمه الأول (عيون لا تنام) المقتبس عن مسرحية (رغبة تحت شجرة الدردار) للكاتب الأمريكى يوجين أونيل. كما برع الفنان الراحل فى الدراما النفسية حين كتب فيلم (أين عقلى) الذى أخرجه عاطف سالم عام 1974 وقامت ببطولته سعاد حسنى. وأثار جدلا كبيرا بفيلم (الأفوكاتو) الذى أخرجه عام 1983 وقام ببطولته عادل إمام ويسرا. وتناول الفيلم قصة محام يتحايل على القانون بشتى الوسائل. وتفوق فى أفلام الكوميديا الخيالية (الفانتازيا) التى كتبها وأخرجها ومنها (للحب قصة أخيرة) عام 1986 و(السادة الرجال) عام 1987 و(سمك لبن تمر هندى) عام 1988 و(سيداتى آنساتى) عام 1989 و(قليل من الحب.. كثير من العنف) عام 1995 و(ميت فل) عام 1996 و(تفاحة) عام 1996 و(ست الستات) عام 1997 و(علشان ربنا يحبك) عام 2000 و(شرم برم) عام 2001 . حصلت أفلامه على جوائز من عدة مهرجانات مصرية ودولية منها «كارلوفى فارى»، الذى منح فيلم (للحب قصة أخيرة) جائزة خاصة. كما نال (قليل من الحب.. كثير من العنف) الجائزة الأولى فى المهرجان القومى الخامس للأفلام الروائية فى مصر عام 1995. وأنتج الميهى أفلاما مهمة منها (يا دنيا يا غرامى) الذى أخرجه مجدى أحمد على عام 1996 وحصد الكثير من الجوائز. وأخرج الميهى المسلسل التليفزيونى (وكالة عطية) عام 2009. وفى كتابه «رأفت الميهى رجل السينما».. يقول الناقد محمد عاطف: «مسخرة تُحاكى حياتنا»، هذا هو مفهوم المخرج رأفت الميهى عن السينما، ورغم أن النقاد أطلقوا الكثير من المسميات على ما يقدمه، فتارة يقولون إنها «سينما الفانتازيا»، وتارة أخرى يسمونها «السينما الجديدة» حينما يتحدثون عن جيل جديد كانت له رؤية تهتم بتقديم ما هو غير سائد فى السينما المصرية حينما سادت أزمة سينما المقاولات، تضم مع الميهى خيرى بشارة، وداود عبد السيد، ومحمد خان، والراحل عاطف الطيب، وتارة ثالثة يُطلقون عليها سينما التجريب، أو السينما التجريبية التى يحاول من خلالها الميهى تقديم أنماط جديدة، وغير مألوفة من السرد السينمائى. أيا كانت المسميات التى تم إطلاقها على ما يقدمه الميهى من سينما تخصه وحده، فهى يصدق عليها مسمى «سينما المسخرة»، والمقصود بالمسخرة هنا السينما التى تسخر من الواقع، أو التى تعلو فوق الواقع، محاولة فى ذلك تأمله وتحليله، والسخرية منه نظرًا لعبثية هذا الواقع. سينما تقدم ما يدور حولنا بشكل يجعلنا نضحك حزنا. سينما المعايير المنقلبة فى كل شىء، والتى تؤكد لنا أن ما يدور حولنا ليس أكثر من عبث لا يمكن احتماله، وبالتالى فلا بد لنا من تأمله، لمعرفة أسباب هذا العبث الذى نحياه.