أشعر بقلق شديد من تناول الكثيرين للأعمال الفنية الأخيرة سواء التى شاهدناها على شاشة التليفزيون أو المعروضة حاليًا أو فى فترة قصيرة فى دور العرض السينمائى.. كلام هؤلاء عن تجاوزات أخلاقية فى عدد غير قليل من هذه الأعمال وضرورة تشديد الرقابة أو كما طالب أحدهم بحتمية محاكمة الفنانين المسؤلين عن ظهور تلك الأعمال التى ضمت مشاهدها تجاوزات أخلاقية. ... قلقى من ذلك التناول الناقد ليس لأنى مع مشاهد تمس أخلاقنا أو تتجاوز تقاليدنا. ولكن لأن النبرة أراها تعلو «نبرة ضرورة أن يكون هناك وحى على الفنان المصرى».. وقلقى لأن علو هذه النبرة لا يصب نهائيًا فى صالح الفن ولن يثمر نهائيًا فنًا قد نجتمع على أن نقول أنه فن محترم. ... كل ذلك لأنه ببساطة هناك تجاوز للعلم وللرؤية العلمية التى يجب أن نتناول بها الظاهرة... الفن نتاج مجتمعى مرتبط بما يجرى فى أعماق أعماق «روح المجتمع» وملتصق تمامًا بالزمان الذى يخرج فيه للناس. «الروح المجتمعية فى مصر» تحتاج من نظرة علمية نرى بها حقيقة التفاعلات والصراعات وتفهم كيف تتكون الروئ وكيف تتشكل الأخلاق تبعًا لتلك الروئ ولتلك الصراعات فى مجتمعاتنا خصوصًا فى الخمس سنوات الأخيرة.. وكما أن «روح المجتمع» تحتاج للفحص العلمى من أهل علم المجتمع أيضًا «روح المصرى العادى الذى يمضى يومه جريا وراء لقمة العيش» تحتاج من العلم فحصًا نفسيًا. يجب أن نعرف بالعلم لماذا يُخرج لنا المبدعون فنًا متجاوزًا للتقاليد ويجب أن نعرف بالعلم. لماذا تلاقى هذه الأعمال قبولًا من الجمهور.. لا يجب أن نغتال الحرية هكذا دون «الاعتماد على رأى العلم».