تخرج من فمها الحروف والكلمات لتمزق القلب دموعها سكاكين تغرس فى الصدر.. هى أم فقدت ابنها الشاب.. ابنها الذى كان كل دنياها.. ابنها الذى كانت تعتمد على الله ثم عليه بعد مرض الأب.. تبدأ الأم حكايتها التى تمتد عبر ثلاثين عاما.. الزوج يعمل عامل بإحدى المصالح الحكومية.. الحياة على قد الحال.. فهى من أسرة محدودة الدخل.. تزوجته وكلها أمل فى حياة سعيدة.. وبالفعل شعرت بسعادة وعاشتها معه ومن الله عليها بأول مولود لها وكان ولدا.. طارت من الفرح وطار معها الزوج.. أحلام وآمال بأن يتربى ويتعلم الولد ليعيش حياة مختلفة عن حياة الأسرة كلها.. ثم من الله عليها بالابنة حمدت الله وشكرت فضله فقد أصبح لديها الولد والبنت والحياة السعيدة وإن كانت هناك بعض العقبات المادية والاقتصادية التى تواجهها الأسرة إلا أن كل هذا لم يقف فى طريق سعادتها.. كبر الولد.. حصل على دبلوم حاول بشتى الطرق أن يجد عملا.. كافح وجاهد معه الأب إلى أن وجد العمل بالفعل.. هنا ارتاحت الأم لأنه سوف يكون لها السند والمعين وخاصة بعد مرض الأب فقد ابتلاه الله بمرض السكر وضغط الدم وزاد عليها إصابته بتصلب الشرايين وأصبح غير قادر على أى عمل إضافى ومرتبه محدود والبيت والأسرة يعانون من ضيق ذات اليد بعد ارتفاع أسعار كل شىء.. وما كان يهم الأم أن يقف الابن معها ومع أبيه ويساعدهما فى مواصلة علاج أخته المسكينة المصابة بالصرع منذ الصغر.. وهى فى حاجة إلى علاج وادوية بصفة مستمرة والأب غير قادر على مواصلة توفير الدواء.. وكان الابن رجلا بمعنى الكلمة وقف بجوار أسرته لم يتخل عنها.. كان دخله لأبيه وأمه.. ولكن الأم طلبت منه ان يتزوج حتى يبنى أسرة فهى سنة الحياة وأصرت ان يعيش معها فى نفس المنزل لترى سعادته وتظل الأسرة متماسكة كالعادة.. وجد نصفه الثانى فى بنت الجيران التى طالما كان ينظر إليها بإعجاب ووافقت عليه وانتقلت لتعيش مع أسرته وزادت فرحته عندما رُزق بمولوده الأول.. ولكن بزيادة الأعباء والحمل الذى أثقل كتفيه بدأت المشاكل بينه وبين زوجته وأشعلتها نار الغيرة من الأم والأخت الذى يصرف عليهما ويساعدهما.. كان كثيرا ما يؤكد لها انه لن يتخلى عن أبيه المريض ولا أمه وأخته فهم يحتاجون إليه.. ولكن المشاكل تفاقمت والحياة أصبحت مستحيلة بينهما.. ولم يجد أمامه إلا طريقا مسدودا فقد خيرته بينها وبين أسرته التى تحتاج إليه واختار وفى لحظة غضب وقع يمين الطلاق وخرجت الزوجة من البيت لتختفى تماما وتهرب بعيدا تاركة طفلها الذى لم يكمل عامه الثالث.. تركته لأبيه فما كان من الجدة إلا أن تتحمل مسئولية الطفل.. وكان أعز عليها من ابنها نفسه.. كانت تنظر إلى فلذة كبدها وقلبها يتمزق عليه.. تحطم قلبه وأصبح شاردًا وحيدًا.. حاولت دائما أن تخفف عنه فهو السند والمعين.. لم يتخل الابن عن مسئوليته تجاه أسرته وخاصة الاب فقد زاد عليه المرض.. ولكن دوام الحال من المحال.. وتبكى الأم وتتساقط دموعها الغزيرة وكأنها شلال لا يتوقف.. فقد كانت ليلة سوداء عندما وجدت ابنها نائما جثة هامدة.. انكسر قلبها وقلب الجميع ظلت هكذا أيامًا واسابيع ولكن كان عليها أن تتماسك من أجل أسرتها ومن أجل الطفل الصغير لم يكن يبلغ فى هذه الاثناء السادسة من عمره والذى يعيش فى كنفها وكنف زوجها ويحتاج إلى مصاريف كثيرة وخاصة أن ابنها المتوفى لم يكن مؤمنا عليه فقد كان يعمل أعمالا حرة من أجل لقمة العيش ومرتب الزوج لا يسمن ولايغنى من جوع والابنة لا حول لها ولا قوة ولا تستطيع أن تعمل أى عمل بسبب إصابتها بنوبات الصرع فى أى وقت وأى مكان.. مر عامان على الأسرة الله أعلم بها وهى تجاهد من جهة والزوج من الجهة الأخرى ولكن استيقظت فجاءة على اختفاء الزوج من حياتها وحياة الحفيد والابنة جمع ملابسه وخرج ولم يعد وتركها تواجه المصير وحيدة ليس لها سند أو معين إلا الله وحده الحفيد الآن بالمرحلة الإعدادية تحتاج إلى من يقف بجواره وهى بسبب الحزن والهم أصيبت بالسكر والضغط وأصبحت فى حاجة لمن يقف بجوارها وجوار أسرتها فهل تجد من يرغب فيتصل بصفحة مواقف إنسانية.