بعد مرور سنوات من الزمان كان لزاماً تبعاً لمنطق التاريخ وخرائط الجغرافيا السياسية أن يسود نوع من التغيير القسرى للخريطة السياسية العالمية وأن تهبط أسهم البعض ويرتفع البعض الآخر فى بورصات العالم الجديد وهى سنة من سنن الحياة على كوكبنا (الأرض) ولهذا لم يعد من المستغرب أن تتطاير بعض الأسماء عاليا فى أجواء عالمنا يقابلها تراجع لآخرين والأمر كله متوقف على ما يقدمه صاحب الحظ السعيد.. وشخصيتنا فى هذا العدد تدعى محمد جواد ظريف الدبلوماسى الإيرانى وصاحب الابتسامة الدائمة والرجل الذى يجيد كل شىء تقريباً.. ملابسه ورباط عنقه ومواقفه السياسية وخياراته الإنسانية.. فهو كالساعة الأتوماتيكية الأنيقة التى لا تصل إلى جمود الآلة وشطط الآدميين .. وقد تداولت وسائل الإعلام اسمه مؤخراً وإليه ينسب الفضل فى إتمام الاتفاق النووى بين إيران من جهة والوكالة الدولية للطاقة النووية ومجموعة 5+1 من جهة أخرى مستغلاً ابتسامته الشهيرة فى كسب التأييد والثقة كما جاء فى تقرير لوكالة رويترز «أن ظريف استطاع بوجهه الباسم وإتقانه للغة الانجليزية أن يبنى علاقة وثيقة مع الدبلوماسيين الأجانب» وقد كتب ظريف نفسه فى كتابه باسم «السيد السفير» أنه «ينبغى أن تبتسم دائماً فى المساعى الدبلوماسية .. لكن لا تنسى دائما أنك تحادث عدوا»، ويروى بعض مؤيديه واقعة التهنئة التى وجهها لليهود على حسابه فى تويتر احتفالا برأس السنة اليهودية عقب شغله لمنصبه عام 2013 لترد عليه كريستين بيلوزى ابنة زعيمة الديمقراطيين بمجلس النواب الأمريكى قائلة له «سيكون العام الجديد أجمل لو أنهيت إنكار بلادك للهولوكوست» ولم تتوقع كريستين أن تتلقى ردا على رسالتها ولكن الجديد أن ظريف رد عليها فى تويتة أخرى قائلا «إن إيران لا تنكر الهولوكوست أبداً والرجل الذى أنكرها قد رحل الآن» فى إشارة للرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدى نجاد ليشعل بهذا التعليق الأجواء فى الغرب ويلقى الضوء على نوايا حكومة الرئيس حسن روحانى الجديدة آنذاك. وجدير بالذكر أن محمد جواد ظريف خونسارى من مواليد عام 1960 لأسرة محافظة من التجار، وقد ترك بلاده لاستكمال تعليمه الثانوى فى الولاياتالمتحدةالأمريكية بولاية كاليفورنيا ثم جامعة سان فرانسسكو لدراسة العلاقات الدولية عام 1981 ثم الدكتوراه فى السياسة والعلاقات الدولية وفى نفس الوقت أصبح عضواً فى الوفد الإيرانى بالأمم المتحدة، وقد عمل بين عامى 1992 و2002 كنائب لوزير الخارجية للشئون القانونية والدولية، وقد شغل ظريف العديد من الوظائف الدبلوماسية الدولية حتى اختاره الرئيس الإيرانى الحالى حسن روحانى لحمل حقيبة الخارجية. وقد نجح ظريف فى مهمته التى يؤديها مستعينا بابتسامته الشهيرة فى فتح المجال أمام اتساع النفوذ الإيرانى فى لبنان وسوريا والعراق واليمن ويتضح من كلمات الوداع التى قالها له مارتن انديك السفير الأمريكى السابق فى تل أبيب «سنفتقدك كثيرا» والتى تبعها بعد أيام زيارته للبنان لوضع باقة ورود على قبر الشهيد عماد مغنية المسئول عن تفجيرات السفارة الأمريكية عام 1983.. أنه شخص لا أحد يعرفه حقاً ولا يستطيع أحد أن يجزم بأن هذا هو كل ما يريده !