فى إطار جهود وزارة المالية لمكافحة التهرب الضريبي، الذى يترتب عليه ضياع مليارات الجنيهات على الخزانة العامة، وقع رئيسا مصلحتى الضرائب العامة والضرائب العقارية بروتوكول تعاون لتنظيم تبادل البيانات والمعلومات بين المصلحتين للمساعدة فى إعداد قاعدة بيانات لحصر المجتمع الضريبى، بما يترتب عليه من تحديد أكثر للمطالبين بدفع الضريبة وبالتالى تقليل الخسائر الناجمة عن التهرب الضريبى. فالتحرك لمكافحة التهرب، فى رأى د. فرج عبدالفتاح، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، يمكن أن تكون المدخل الرئيسى لمعالجة الخلل فى الموازنة العامة الناتج عن وجود فجوة كبيرة بين الإيرادات والنفقات العامة، وبالتالى فإن مكافحة التهرب الضريبى يترتب عليه بالضرورة زيادة الإيرادات، ويمكن أن يتحقق ضبط المجتمع الضريبى من خلال إعادة الحصر للمجتمع الضريبى ككل. «الحصر»، كما أكد د. عبد الفتاح، هو الآلية الصحيحة لمحاصرة التهرب، حيث إنه يشمل الخاضع للضريبة وغير الخاضع لها، وأن المقصود بهذا الحصر هو الوقوف على المطالبين بدفع الضريبة قانونيا ويتهربون من دفعها، وبالتالى فإن الحصر الجيد يكشف للجهات الضريبية المختلفة الممولين الذين يخضعون لقوانين الضرائب ويتهربون بمخالفة القانون من دفع الضريبة المستحقة عليهم. كما أن «حصر المجتمع الضريبى»، فى رأى د. هويدا عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، هو البداية الصحيحة لمحاصرة التهرب الضريبى الذى يأخذ صورًا عديدة، أهمها، أن يكون الممول غير مسجل بالأساس بمصلحة الضرائب (الاقتصاد غير الرسمي)، وأن يدعى الممول صادرات كاذبة وأن يلجأ إلى التهريب لعدم دفع الجمارك وأن يلجأ إلى آليات تغيير النشاط للاستفادة من الاعفاءات وأن يحرص على التلاعب فى البيانات والحسابات للتهرب من الضريبة، بل قد يقوم الممول بجمع ضرائب من المستهلكين ولا يقوم بسدادها. وذكرت د. هويدا أن التهرب هو خروج صريح عن نص قانونى، ومن ثم فإن الحكومة مطالبة بضرورة اتخاذ كل التدابير التى من شأنها حصر المجتمع الضريبى لتطبيق القانون على الجميع بما يترتب عليه تحقيق حصيلة معتبرة تساعد على تمويل الجزء الأكبر من النفقات العامة، وفى ذات الوقت تحقيق العدالة الاجتماعية التى هى الهدف الثانى للضرائب، وذلك من خلال التأكيد على أن جميع المكلفين بالضريبة يلتزمون بالقانون ويقومون بالسداد، وإلا فإن العقوبات هى البدايل الآخر. يشار إلى أن «خطة مكافحة التهرب الضريبي»، وفقا ل عبد المنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، تشمل توقيع عدد من بروتوكولات التعاون بين مصلحة الضرائب والجهات العامة والخاصة، التى يتوافر لديها معلومات دقيقة عن التعاملات المالية بالمجتمع، فمثلا لحصر نشاط أصحاب المهن الحرة من المحاميين والأطباء والفنانين وغيرهم تخطط المصلحة لتوقيع بروتوكولات تعاون مع الشهر العقارى والنقابات المهنية المختلفة، والتعاون مع منظمات الأعمال كاتحادى الغرف التجارية والصناعية لإمداد المصلحة بجميع المعلومات والبيانات عن التعاملات بالأسواق التجارية. وتخطط مصلحة الضرائب لتضييق الخناق على المتهربين، الذين يتهربون من دفع الضرائب المستحقة عليهم سواء كان ذلك كليا أو جزئيا، وذلك من خلال العمل على توقيع بروتوكول تعاون مع مصلحة الجمارك لتبادل المعلومات الخاصة بعمليات الاستيراد والتصدير، بما يمكن المصلحة من الوقوف على حركة الصادرات والواردات فى السوق. فيما وصف عبد المنعم مطر بروتوكول التعاون مع الضرائب العقارية بأنه آلية لدعم جهود المصلحتين الرامية لتنمية الموارد الضريبية باعتبارها من الموارد الأساسية للخزانة العامة، علاوة على كونه وسيلة لضمان انتظام عمليات حصر وربط وتحصيل الضريبة وزيادة كفاءتها، التى ستنعكس بدورها إيجابيا على الحصيلة الضريبية، الأمر الذى يسهم فى تدبير موارد للدولة، ويحسن من قدرتها على الاضطلاع بدورها التنموى وتقديم الخدمات للمواطنين. ويساعد البرتوكول على إنشاء قاعدة من البيانات والمعلومات النوعية والدقيقة عن النشاط الاقتصادى خاصة أن مصلحتى الضرائب العقارية والضرائب المصرية تتوافر لديهما قاعدة بيانات ضخمة عن الثروة العقارية بمصر، بما يدعم المنظومة الضريبية وبصفة خاصة فى مجال حصر المجتمع الضريبى ومكافحة التهرب والحد من ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي، وأن البروتوكول يهدف أيضا إلى التعاون فى إجراء حصر دقيق للمجتمع الضريبي، وإنشاء قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة للمصلحتين، وتعظيم حصيلة المصلحتين والحد من ظاهرة التهرب. بموجب هذا البرتوكول، بحسب د. سامية حسين رئيس مصلحة الضرائب العقارية، يتم تشكيل مجموعة عمل مشتركة من خبراء وفنيى المصلحتين لبدء تبادل المعلومات، بحيث يتولى الفنيون المحددون من المصلحتين توضيح ما لدى كل مصلحة من بيانات ومعلومات على قواعد البيانات لديها وتحديد احتياجات كل طرف من الآخر، وتتولى مجموعة عمل الحاسب الآلى التى تضم خبراء من المصلحتين تقديم مقترحات لبدء الربط الإلكترونى بين المصلحتين والاتفاق على النواحى الفنية اللازمة، لذلك مثل برامج تكنولوجيا المعلومات المتوافرة بكل مصلحة وتسهيل مهام الطرفين حتى تمام الربط الشبكى الإلكترونى. ويؤكد البروتوكول، كما قالت د. حسين، إن جميع البيانات، التى سيتم تبادلها بين المصلحتين ستخصص فقط لتنفيذ أهداف البروتوكول، ولا يجوز نقلها لأطراف ثالثة أو السماح باستعمالها أو نسخها للغير حفاظاً على سرية بيانات المصلحتين، وأنه سيتم فورا البدء فى تشكيل مجموعات العمل المشتركة واختيار رؤسائها وأعضائها للاسراع فى تفعيل البروتوكول، والذى ينص على إمكانية تعديل بعض بنوده وفقاً لاحتياجات العمل الفعلية، التى تقررها اللجان المشتركة بين المصلحتين من خلال ملاحق توقع بين ممثلى المصلحتين وتلحق بالبروتوكول.