لم يكن حادث كنيسة تشارلستون كغيره من حوادث العنف السابقة ضد السود فى أمريكا خلال السنوات الماضية، والتى كانت تتمثل غالبا فى مقتل شباب سود عزل على يد رجال شرطة من ذوى البشرة البيضاء، حيث إن الحادث الذى وقع فى 18 يونيو الحالى كان الأكثر عنفا ووحشية وعنصرية، ارتكبه شاب أبيض يمتلئ بمشاعر الكراهية للسود مما يثير القلق من تفشى التمييز والاضطهاد للسود فى المجتمع الأمريكى. وأقر الرئيس الأمريكى باراك أوباما بأن بلاده لم تتخلص بعد من مشاعر التمييز العنصرى قائلا إن دوافع المعتدى تذكرنا بأن العنصرية لا تزال متفشية وعلينا أن نكافحها. كما أكدت هيلارى كلينتون، المرشحة المحتملة للرئاسة الأمريكية، أن العنصرية لا تزال تشكل صدعا كبيرا فى أمريكا، ورأت أن وصف ما حدث بأنه واقعة فردية والتأكيد على أن أمريكا قد تخلصت من العنصرية هو كذب وتضليل، لافتة إلى أن متوسط ثروات السود يمثل قدرا ضئيلا من مثيله لدى البيض، وأن السود أكثر عرضة للتوقيف والتفتيش على أيدى الشرطة وأن المخالفين من السود تصدر بحقهم عقوبات أشد. وكان المتهم ويدعى ديلان ستورم رووف (21 عاما) قد اقتحم كنيسة إيمانويل التاريخية للأفارقة فى مدينة تشارلستون بولاية ساوث كارولينا وأطلق النار على المتواجدين مما أدى إلى مقتل ست سيدات وثلاثة رجال، بينهم راعى الكنيسة، وتم اعتقال الجانى فى نورث كارولينا، بعد يوم من ارتكابه للمجزرة، على بعد 245 ميلا من موقع الاعتداء حيث نقلته الشرطة إلى مركز اعتقال فى تشارلستون، وأثبت التحقيق أن الشاب المشتبه به نشر صورا له على حسابه الشخصى بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وهو مرتدى سترة تحتوى على علمين الأول علم لنظام الفصل العنصرى القديم فى جنوب أفريقيا المعروف باسم نظام الأبارتهايد والآخر علم خاص بمنطقة كانت تعرف باسم روديسيا كانت تقع تحت سيطرة البيض فى أفريقيا وموقعها الآن دولة زيمبابوى، ما يشير إلى أن الشاب لديه ميول عنصرية. وقال شهود عيان على الواقعة إن رووف كان يردد عبارات عنصرية وهو يطلق النار على المتواجدين فى الكنيسة. ومن الواضح أن اختيار المتهم أبيض البشرة لهذه الكنيسة لم يكن عشوائيا فهى كنيسة تاريخية للسود تأسست عام 1816 وشهدت أحداثا جساما إذ كانت مركزا لتجمعات النشطاء السود ضد سياسات الاستعباد ومن ثم سياسات الفصل العنصرى. كما كشفت التحقيقات أن رووف يسكن فى منطقة كولومبيا، كبرى مدن كارولينا الجنوبية، التى تبعد ساعتين عن تشارلستون، كما أشارت الشرطة إلى أن للمشتبه به سجلا إجراميا سابقا متعلقا بجرائم مخدرات وتعدى على ممتلكات الغير. وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن زعيم المجموعة السادية للبيض تبين صلته بمرتكب مذبحة تشارلستون ضد السود ديلان رووف، وتعد تلك المجموعة مسئولة عن جرائم الكراهية، وهى منظمة متطرفة وسادية تعارض المزج بين مختلف الأطياف والأعراق، كما تعتبر السود مجموعة دنيئة من الأعراق. وقد أثار الحادث صدمة كبيرة فى البلاد وزاد من نبرة القلق فى الأوساط الإعلامية الأمريكية بخصوص ارتفاع جرائم الكراهية بمعدلات غير مسبوقة عن موجة الثمانينيات والتسعينيات، خاصة أن الحادث المأساوى جاء بعد أيام من واقعة طرح شرطى أبيض لفتاة سوداء أرضا بشكل عنيف على خلفية شجار فى ولاية تكساس، وسبقته عدة حوادث تعاملت فيها الشرطة مع مواطنين سود بشكل عنصرى. من ناحية أخرى، يرى البعض أن هذه الحوادث قد زادت كما وكيفا منذ أصبح باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة، حيث أدانت منظمات أمريكية زيادة النزعات العنصرية ضد مواطنين من أصول أفريقية فى اليوم التالى لوصول أوباما للحكم، وسجل موقع القوميين البيض زيادة فى عدد مشتركيه إلى ألفين بعد أن كان المعدل 80 يوميا قبل وصول رئيس أسود للحكم. فيما ألقت ال «سى إن إن» بالمسئولية على أمرين، هما أوباما وارتفاع البطالة، فى زيادة جماعات الكراهية التى وصلت إلى ذروتها فى 2012 إلى 1036 بعد أن كانت فى عهد بوش 149. وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن جرائم الكراهية ارتفعت بنسبة 35% منذ وصول رئيس أسود إلى البيت الأبيض، وذلك وفقا لبيانات العدالة الأمريكية. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن عام 2013 سجل 50928 حادثًا خضعوا لتحقيق جهاز «اف بى اى»، كان نصفها تقريبا ذا طابع عنصرى.