تبدأ 24 يوليو، محافظ الدقهلية يعتمد جدول امتحانات الدور الثاني 2024    معهد بحوث الإلكترونيات يوقع عقد اتفاق مع شركة "إي سبيس" لإدارة وتشغيل المقر المؤقت    سياسيون كبار يهددون المدعي العام للجنائية الدولية: المحكمة لقادة أفريقيا وبوتين فقط    الجامعة العربية والحصاد المر!    رونالدو يتصدر قائمة البرتغال في يورو 2024    من 3 ل 4 درجات، انخفاض درجات الحرارة بدءا من هذا الموعد    أمن الأقصر يضبط عاطلا بحوزته 156 طربة حشيش وسلاح ناري    أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية يشيدون بدور مصر لإنهاء الحرب في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية    هيئة الدواء المصرية: مشروع تصنيع مشتقات البلازما تأمين للأدوية الحيوية    فوائد البنجر، يخفض مستوى السكر بالدم ويحمى من تشوهات الأجنة    السيسي: مكتبة الإسكندرية تكمل رسالة مصر في بناء الجسور بين الثقافات وإرساء السلام والتنمية    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    مبادرات التخفيض "فشنك" ..الأسعار تواصل الارتفاع والمواطن لا يستطيع الحصول على احتياجاته الأساسية    وزير التنمية المحلية: إنشاء 332 مجمعًا خدميًا في قرى «حياة كريمة»    موعد تجديد عقد لوكاس فاسكيز مع ريال مدريد    جاهزية بديل معلول.. الأهلي يتلقى بشرى سارة قبل مواجهة الترجي بنهائي إفريقيا    ختام فعاليات المرحلة الثانية من الدورة التدريبية لخطوات اختبارات الجودة    تحقيق جديد في اتهام سائق بالتحرش.. وتوصيات برلمانية بمراقبة تطبيقات النقل الذكي    ضبط طرفى مشاجرة بالقاهرة نتج عنها وفاة طفلة وإصابة آخر    أجازة 9 أيام .. تعرف على موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    بتهم القتل والبلطجة.. إحالة أوراق عاطل بالقليوبية لفضيلة المفتي (تفاصيل)    تأجيل 12 متهما ب «رشوة وزارة الرى» ل 25 يونيو    تفاصيل حجز أراضي الإسكان المتميز في 5 مدن جديدة (رابط مباشر)    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    نقيب القراء: لجنة الإجازة بالإذاعة حريصة على اختيار من هم أهل للقرآن من الكفاءات    كيت بلانشيت بفستان مستوحى من علم فلسطين.. واحتفاء بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي العرب (صور)    دعاء النبي في الحر الشديد: كيفية الدعاء أثناء موجة الطقس الحار    تعاون مصري سعودي لتعزيز حقوق العمال.. برنامج تأميني جديد وندوات تثقيفية    150 هزة ارتدادية تضرب غرب نابولي.. وزلزال الأمس هو الأقوى خلال العشرين عامًا الماضية    إجراء 74 ألف عملية جراحية لمواطني المنيا ضمن مبادرة «القضاء على قوائم الانتظار»    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (التفاصيل)    للتوعية بحقوقهن وواجباتهن.. «الهجرة» تناقش ضوابط سفر الفتيات المصريات بالدول العربية    وزير الري: أكثر من 400 مليون أفريقي يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى مياه الشرب    الخارجية الأردنية: الوضع في قطاع غزة كارثي    «القاهرة الإخبارية»: حماس تنتقد جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنين    محافظ جنوب سيناء ومنسق المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء يتفقدان مبنى الرصد الأمني بشرم الشيخ    هالاند.. رقم قياسي جديد مع السيتي    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    «التضامن»: مغادرة أول أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة 29 مايو    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    هل يصبح "خليفة صلاح" أول صفقات أرني سلوت مع ليفربول؟    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    أحمد الفيشاوي يحتفل بالعرض الأول لفيلمه «بنقدر ظروفك»    طلب تحريات حول انتحار فتاة سودانية صماء بعين شمس    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    دونجا: ياسين لبحيري حماني من إصابة خطيرة.. وشكرته بعد المباراة    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموازنة الجديدة .. أرقام ودلالات!
نشر في أكتوبر يوم 28 - 06 - 2015

تسود حالة من الجدل أوساط خبراء المال والاقتصاد حول مشروع الموازنة العامة (2015/2016)، الذى قدمته الحكومة، مؤخرا، للرئيس عبد الفتاح السيسى، لاعتمادها وإصدارها بمقتضى المادة (156) من الدستور، التى تجيز للرئيس إصدار قرارات بقوانين فى غيبة البرلمان، وينطوى هذا الجدل على قدر كبير من الأهمية، لما تمثله الموازنة من أهمية كبيرة، كونها تعبر عن برنامج عمل الحكومة خلال سنة مقبلة، إذ يمكن الكشف عن مختلف أغراض الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال تحليل أرقامها.تبدأ أزمة الشارع مع الحكومة حيال الموازنة العامة من نقطة مخالفة الدستور، الذى يلزم الحكومة بتقديم مشروع الموازنة العامة للجهة المعتمدة – سواء برلمان أو رئيس جمهورية- قبل نهاية مارس، حتى يتسنى لها قراءة وتحليل مختلف بنود الموازنة قبل اعتمادها، بل يحق لهذه الجهة المعتمدة ابداء الملاحظات الملزمة للحكومة، لكن تأخر الحكومة فى تقديم مشروع الموازنة بهذا الشكل يعنى إحراج للجهة المعتمدة، لأنه لا وقت للقراءة وابداء الملاحظات.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تخالف الحكومة الدستور أيضا بعدم التزامها بالنسب، التى حددها الدستور لبنود التعليم والبحث العلمى والصحة، وهى على الأقل 10% من الناتج القومى الإجمالى موزعة 4% للتعليم قبل الجامعى و2% للتعليم الجامعى و1% للبحث العلمى و3% للصحة، مما افقدها القدرة على اقامة نظام تأمين صحى شامل، الذى ينص عليه دستور البلاد، وكذا تحسين منظومة التعليم والبحث العلمي.
المعادلة الصعبة
وكالعادة، حاولت الحكومة ممثلة فى وزارة المالية أن تحقق المعادلة الصعبة، التى تتمثل فى تلبية تطلعات واحتياجات المجتمع بأقل عجز ممكن، لتصل فى النهاية إلى موازنة تقدر إجمالى إيراداتها 612 مليار جنيه ونفقات عامة قدرها 885 مليارا، وعجز قدره 281 مليار جنيه بمعدل 9.9% مقابل عجز قدره 1.5% العام (2014 / 2015)، على الرغم من ارتفاع معدلات النمو والتشغيل وتقييمات المؤسسات الدولية، وحرص الدولة على معدل مرتفع للاستثمارات الحكومية الرامية إلى تطوير وتحديث البنية الأساسية.
«دفع النشاط الاقتصادى وتحقيق الاستقرار المالى وتدعيم الحماية الاجتماعية» ..
3 أهداف حددها البيان المالى التمهيدى لمشروع الموازنة العامة للدولة، مشيرًا إلى أن تحقيق الهدف الأول يكون من خلال تحسين مناخ الاستثمار، وإصلاح تشريعى ومؤسسى، والدفع بالمشروعات التنموية الكبرى كثيفة التشغيل، وتبنى استراتيجية جديدة للطاقة، والمضى قدما فى تنفيذ مشروعات المشاركة بين القطاعين العام والخاص.
فيما ترمى الموازنة العامة إلى تحقيق الاستقرار المالى عبر إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، وتدعيم العدالة فى توزيع الثروات، ورفع كفاءة النظم الضريبية والجمركية، وتنويع مصادر التمويل وإدارة أكثر كفاءة للدين العام، وتحسين إدارة المالية العامة، وتوسيع القاعدة الضريبية وزيادة درجة ارتباط إيرادات الدولة بالنشاط الاقتصادى.
أما هدف تدعيم الحماية الاجتماعية، فإن الحكومة تتحرك لادراكها من التوسع فى تنفيذ برامج الدعم النقدى والدعم الغذائى، وبرامج تطوير رأس المال البشرى، التى تشمل زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم، ورفع كفاءة الخدمات العامة واّليات توزيعها وتحديث البنية الأساسية (من تطوير المواصلات العامة وإسكان إجتماعى وتطوير حضرى، وغيرها)، وأخيرا، تحقيق عدالة التوزيع الجغرافى.
مؤشرات اقتصادية
وينطلق مشروع الموازنة العامة (2015/2016) من مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، تتمثل، بحسب البيان المالى للموازنة، فى تحقيق ناتج محلى إجمالى قدره 2.8 تريليون جنيه، بمعدل نمو اقتصادى 5%، ومتوسط أسعار فائدة على الدين الحكومى قدره 11.5%، ومتوسط سعر برميل برنت قدره
75 دولارا، ومتوسط سعر طن القمح
248 دولارا، ومتوسط سعر الضريبة الجمركية الفعال 5%، ومعدل نمو التجارة العالمية فى للواردات السلعية قدره 5.4%، ومتوسط معدل نمو الاقتصاد العالمى 3.3%.
وهنا تثار قضية فى منتهى الخطورة وهى قابلية فرضيات الموازنة العامة للتطبيق على أرض الواقع، فالحكومة تسوق للمجتمع أرقام بعيدة كل البعد عن الواقع، وربما يكون أقرب وأدق دليل على هذه الفرضية، تتمثل فى عجز الموازنة المقدر فى موازنة العام المالى (2014 / 2015) كان نحو 200 مليار جنيه، إلا أن الربع المالى الثالث انتهى على عجز قدره 230 مليارا، فيما تذهب التوقعات إلى وصول العجز بنهاية العام إلى نحو
300 مليار جنيه، مما ترتب عليه زيادة حجم الدين العام إلى نحو 1.9 تريليون جنيه بما يعادل 95.5% من الناتج المحلى الإجمالي.
ويتوزع الجزء الأعظم من مخصصات الانفاق العام فى مشروع الموازنة على 3 أوجه رئيسية، وهي، الأجور، وتمويل برامج الحماية الاجتماعية، ونفقات خدمة الدين العام، بحيث يخصص مشروع الموازنة لأجور للعاملين فى الدولة نحو 228 مليار جنيه، يمثل 25.8% من النفقات العامة، بزيادة قدرها 27.5 مليار جنيه، أى بنسبة نمو 14% عن الإنفاق على الأجور خلال العام المالى الجارى، والبالغ نحو 207 مليارات جنيه، وبلغت مساهمة الخزانة العامة فى صناديق المعاشات 43.5 مليار جنيه بزيادة 10.3 مليار جنيه بنسبة نمو 31%.
وربما يترتب على هذه الزيادة المقررة فى الأجور حالة من الارتياح بين موظفى الدولة الذين طالما ظنوا أن الحكومة تستهدف من اقرار قانون الوظيفة العامة تخفيض دخولهم، لكن تأتى الموازنة لتدحض هذه الادعاءات، لكن يظل هناك تساؤل جوهرى قائما مفادة هل يترتب على هذه الزيادات فى مخصصات الأجور فى الموازنة العامة تحقيق المزيد من العدالة فى توزيع الدخول؟
وعلى جانب آخر، انتقد خبراء اقتصاد ومالية عامة ارتفاع اعتمادات الأجور، لما تمثله هذه الأجور من عبء على الموازنة العامة، وذلك فى الوقت الذى لا يترتب عليها أية قيمة مضافة، بما يستوجب ضرورة العمل لخفض هذه المخصصات بواقع 25%، وهذا ما فسره البعض بأنه محاولة حكومية لإرضاء الموظفين، الذين يتخوفون من تطبيق قانون الوظيفة العامة، الذى أقر فى مارس 2015، فيما أرجعت مصادر بوزارة المالية، هذه الزيادات فى الأجور إلى رفع مخصصات الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي، الذى تزامن معه زيادة أجور العاملين فى هذه القطاعات.
برامج الحماية الاجتماعية
فيما يبلغ إجمالى الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية المباشرة والبعد الاجتماعى فى مشروع موازنة العام المالى القادم نحو 431 مليار جنيه، يمثل 49% من النفقات العامة، بزيادة 12% عن العام المالى الجارى، حيث تضمن مشروع الموازنة تمويل برامج اجتماعية جديدة تحقق استهدافًا أفضل للفئات الأولى بالرعاية.
ويعد التوسع فى برامج الدعم النقدى المباشر، بحسب وزارة المالية، أحد أهم سمات هذه الموازنة، حيث تم تخصيص مبلغ 11.2 مليار جنيه لبرامج المعاشات الضمانية بزيادة نحو 69% عن العام الحالى، وذلك بعد انتهاء وزارة التضامن الإجتماعى من الانتهاء من برامج الاستهداف، التى تقوم بها لوصول الدعم لمستحقيه من الفئات الأولى بالرعاية، كذلك تم تخصيص مبلغ 4.2 مليارات جنيه لدعم التأمين الصحى والأدوية تشمل تدعيم برامج جديدة للتأمين الصحى لغير القادرين بمبلغ يزيد على 3 مليارات جنيه.
كما تخصيص مبلغ 38.4 مليار جنيه لتمويل منظومة دعم الخبز والسلع الغذائية، التى تم تطويرها هذا العام، وتدخل التطبيق الكامل خلال العام المالى المقبل، وذلك مع توقع زيادة عدد المستفيدين من منظومة دعم الخبز بنحو 3 ملايين مواطن خلال العام القادم، ليصل إجمالى عدد المستفيدين إلى نحو 70 مليون مواطن، بالإضافة إلى تخصيص نحو 3.7 مليار جنيه لدعم المزارعين لتشجيع الإنتاج الزراعى فى دعم شراء القمح المحلى.
فيما بلغت مخصصات برنامج توفير وتأهيل إسكان محدودى الدخل، كما تذهب أرقام الموازنة، نحو 13.7 مليار جنيه بنسبة نمو قدرها 19%، حيث تضمن تنفيذ برنامج الإسكان الاجتماعى، الذى تبلغ قيمته نحو 11 مليار جنيه، وبرنامج تطوير المناطق العشوائية بنحو 1.3 مليار جنيه، وتنمية القرى الأكثر فقرًا بنحو 0.9 مليار جنيه، ويخصص مشروع الموازنة 61 مليار جنيه دعما للطاقة بخفض قدره 10% عن مخصصات الدعم العام الجاري.
وهنا تكمن الأزمة، فالأرقام تدلل على أن الحكومة ماضية فى تنفيذ خطتها للتحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدي، وهذا ما يرهن نجاحه خبراء الاقتصاد، بوجود قواعد بيانات كاملة صحيحة عن المجتمع، وهذا ما لم يتم توفيره إلى الآن، وهذا ما قد يهدد نجاح تجربة التحول، بل قد يؤدى هذا السعى الحكومى إلى مزيد من الافقار للفقراء.
بوابة الفقراء
ولعلاج عجز الموازنة كان يمكن مراجعة التشريعات الضريبية، وتحديدا ضريبتى الأرباح الرأسمالية والدخل يمكن توفير وفر فى الايرادات العامة للدولة قدرها 30 مليار جنيه، وهذا أمر لن يضر الاقتصاد بشىء، بل يخرج الحكومة من مأزق البحث عن تدابير خفض مخصصات دعم السلع التموينية، التى قد تكون إلغاء فروق العيش.
كما أن خفض مخصصات دعم الطاقة إلى 61 مليار جنيه الحكومة قد يضطر الحكومة إلى زيادة أسعار المواد البترولية بما يترتب عليها قدر هائل من الحاق الضرر بالمواطنين أبناء الطبقة الفقيرة، الذين يعانون غلاء غير مسبوق فى الأسواق، لكن، وفقا لبعض المصادر الحكومية، تستند الحكومة فى خفضها لمخصصات دعم الطاقة على عدد من الأسانيد، أولها، المعونات الخارجية النفطية من دول الخليج، وتراجع استهلاك مصانع الأسمنت للمواد البترولية بعد التحول إلى الاعتماد على الفحم، وتراجع الاستهلاك المحلى من المواد البترولية بشكل عام.
لكن هذه المبررات قد لا يقتنع بها الكثيرون، لأن الدعم النفطى الخليجى فى الغالب الأعم لن يستمر، فضلا عن أنه لو استمر سوف يكون بكميات أقل مما كانت عليه الفترة الماضية، علاوة على أن تحول مصانع الأسمنت إلى الفحم قد لا يترتب عليه الوفرة فى استهلاك المواد البترولية بالشكل الذى تسوقه الحكومة، وأخيرا، الرهان على تراجع مستويات الاستهلاك المحلى من المواد البترولية كان مرهونا بالأساس بقدرة الحكومة على المضى قدما فى تنفيذ منظومة الكروت الذكية التى أعلنت الحكومة مؤخرا عن ارجاء تنفيذها، وبالتالى فإن قدرة الحكومة على الالتزام ببنود الموازنة فيما يخص دعم الطاقة أمر محال، فهل يكون الحل رفع أسعار.
فيما يبلغ إجمالى مخصصات الاستثمار فى الموازنة الجديدة نحو 75 مليار جنيه أى 2.7% من الناتج المحلى الإجمالى مقابل مقابل 45 مليار جنيه فى موازنة العام المالى الجارى، منها نحو 55 مليار جنيه ممولة من موارد الخزانة العامة والباقى فى صورة منح وقروض وتمويل ذاتي، وأن إجمالى الإنفاق على الصحة يقدر بنحو 64 مليار جنيه، بزيادة 11.3 مليار جنيه، أو نحو 21.5 % عن العام السابق، فيما زادت مخصصات التعليم الأساسى والجامعى بنحو 9.2 مليار جنيه، بنسبة 8.3% إلى 120 مليار جنيه.
الإيرادات العامة
أما إجمالى الإيرادات العامة المقدرة فى مشروع الموازنة للعام المالى القادم تبلغ نحو 612 مليار جنيه بزيادة 26% عن العام الحالى، وذلك على الرغم من أن المنح المقدرة فى مشروع الموازنة تبلغ 2.2 مليار جنيه فقط مقابل 25.7 مليار جنيه فى العام المالى الجارى ومقارنة بنحو 95.9 مليار جنيه فى عام 2013/2014، وهو ما يعكس زيادة الإعتماد على الموارد المحلية فى تمويل الموازنة العامة للدولة.
وتبلغ الإيرادات الضريبية المقدرة فى مشروع الموازنة نحو 422 مليار جنيه وإلى جانب الزيادة المتوقعة فى معدلات النشاط الإقتصادى، فتقوم وزارة المالية بإجراء تطوير شامل للمنظومة الضريبية تشمل رفع كفاءة أداء المصالح الإيرادية، وبما يضمن تحسين التعامل مع الممولين وفى نفس الوقت الحفاظ على حقوق الدولة والمجتمع، علاوة على الإجراءات الإصلاحية، التى تمت لتطوير المنظومة الجمركية بهدف تأمين المنافذ وحماية الصناعة الوطنية، بما ساهم أيضا فى تحسن أداء الحصيلة الجمركية، التى يقدر لها أن تكون نحو 26.9 مليار جنيه بزيادة قدرها 24.8% عن المتوقع خلال العام المالى الجارى.
وقد شكك د. مصطفى عبد القادر، رئيس مصلحة الضرائب السابق، فى قدرة الحكومة على تحقيق هذا القدر الكبير من الإيرادات الضريبية المنصوص عليها فى مشروع الموازنة العامة نحو 422 مليار جنيه، وقال د. عبد القادر: إن انجاز الحكومة لهذا الأمر مرهون بالقدرة على ادخال عدد من الاصلاحات الجوهرية على المنظومة الضريبية مثل التحول إلى قانون ضريبة القيمة المضافة وادخال بعض التعديلات على قوانين الضرائب الأخري.
وأضاف أن القدرة على تحقيق هذه الإيرادات مرهونة باتخاذ الاجراءات، التى تضمن وضع نظام قوى للحوافز للعاملين بالمصلحة يساعد فى تحصيل الفاقد من الضريبة، والعمل على تحقيق التوزيع العادل للربط الضريبى للحصيلة بين المأموريات، وأخيرا، تفعيل نظام المعلومات حتى يمكن مكافحة ظاهرة التهرب الضريبي.
رؤية الحكومة
ف «مشروع الموازنة العامة»، فى رأى «هانى قدرى دميان، وزير المالية»، تضمن تطبيق عدد من الإجراءات الإصلاحية بهدف السيطرة على معدلات عجز الموازنة والدين العام، وتوجيه الموارد إلى مجالات تنموية، وأن يتحمل أصحاب الدخل الأعلى تبعات الاصلاح وتخفيف الأعباء على الفئات الأقل دخلاً، التى تشمل اعفاء الشرائح الثلاث الأقل إستهلاكاً للكهرباء من الزيادة فى أسعار الكهرباء.
وتشمل الإجراءات استكمال منظومة ضريبة القيمة المضافة المطبقة جزئياً فى الوقت الحالى بهدف زيادة العدالة ولمعالجة التشوهات الموجودة فى التطبيقات الحالية، وإستمرار ترشيد دعم الطاقة، وتنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وتنمية الإستثمارات فى مجال البترول والغاز، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص فى إنتاج وتوليد الطاقة، زيادة الموارد من الإيرادات غير الضريبية، وبما فى ذلك توفيق أوضاع الأراضى السابق الحصول عليها للإستصلاح الزراعى، وتم استخدامها لغير غرضها الأصلى.
وراعت الحكومة، وفقا ل «دميان»، عند إعداد مشروع الموازنة العامة للعام المالى 2015/2016 تحقيق التوازن بين دفع معدلات النشاط الإقتصادى، وإعادة ترتيب أولويات الموازنة العامة نحو تدعيم الحماية والعدالة الإجتماعية، ومع تحقيق الإستدامة المالية، حيث تستهدف الحكومة خفض العجز إلى نحو 8.5% فى عام 2018/2019 وخفض معدلات الدين العام إلى نحو 85% من الناتج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.