تابعت مثل ملايين زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى ألمانيا.. وشعرت مثل ملايين أيضا بمشاعر العزة والفخر بمصريتى وأنا أشاهد مراسم استقباله وأستمع إلى كلماته التى اخترقت كل حواجز الشك والتشكيك.. ثم النتائج المبهرة التى حققتها الزيارة.. سواء على المستوى الاقتصادى أو المستوى السياسى. لكن هناك من لا يرى ذلك كله ولا يستطيع تبينه.. لا يرى إلا عيوبا وسلبيات جعلته يتصور أن الزيارة سقطت فى بئر الفشل والفضيحة.. وهؤلاء يؤمنون بنظرية «أحمر الخدين» - إن صح التعبير - نظرية الذين يبحثون عن عيب فى الورد فلا يجدون.. وبدلا من أن يعترفوا بذلك يقولون: بل إن له عيبا خطيرا.. لون خديه الأحمر ! ليس معنى ذلك أننى لا أؤمن بحق النقد أو أننى أصادر على حق الانتقاد.. كل هذه الحقوق مشروعة.. لكننى فقط أعجب من هؤلاء الذين ينكرون الحقيقة ولا يرون سطوعها.. لا يرون إلا ما يريدون ويتمنون أن يروه! وحتى مع افتراض وجود عيوب وسلبيات فإن علينا أولا أن نضعها فى حجمها الحقيقى ونبحث بدقة عن تأثيرها.. فإذا وجدنا أن حجمها ضئيل وصغير وأن تأثيرها طفيف للغاية فلا يصح ولا يجوز أن نجعل من الحَبّة قُبّة.. وأن نجعل من هذه العيوب والسلبيات منصة لإطلاق الصواريخ على الحقيقة الساطعة! وأدخل بعد ذلك مباشرة فى الموضوع وأطلب من القارئ أن يقرأ معنى بعض ما كتبه اثنان من الذين كتبوا عن زيارة الرئيس إلى ألمانيا بطريقة نظرية.. أحمر الخدين! الأول هو الأستاذ فهمى هويدى الذى كتب تحت عنوان «من دروس رحلة ألمانيا» كلاما يلوى به عنق الحقيقة ويزيف الواقع! يبدأ الكاتب مقاله بفتح نيران مدفعيته الثقيلة على الوفد الشعبى الذى سافر من مصر إلى ألمانيا لدعم الرئيس السيسى ومواجهة حملات الإخوان التى تستهدف إفشال الزيارة. يقول الكاتب: لقاءات الوفد الشعبى الذى أرسل إلى ألمانيا تحولت إلى عبء على زيارة الرئيس السيسى أساء إليها بأكثر مما أفاد أو نفع.. ذلك أنها فضحت الفرق الشاسع بين الكلام المتزن الذى صدر عن السيسى فى مؤتمره الصحفى وبين التهريج والعبث الذى صدر عن أعضاء الوفد فى بعض اللقاءات التى تمت خارج البرنامج الرسمى للزيارة. ويمضى الكاتب فيواصل هجومه على الوفد الشعبى فيقول: الخلاصة التى خرجت بها من متابعة أصداء الزيارة فى وسائل الإعلام الألمانية أنها ربما كانت أفضل كثيرًا وأنجح لو أنها تمت بدون الوفد الشعبى الذى لم يمثلنا وأساء إلى صورة الرئيس السيسى ونظامه.. ومن ثم تحول إلى خصم من الرصيد وليس إضافة له. وفى نهاية كلامه عن الوفد الشعبى يقول الكاتب: الخطاب السياسى له أدواته التى ليس من بينها استخدام الزفة وتسويق النجوم. وواضح من كلام الأستاذ فهمى هويدى أنه يسوق لفكره أن الدولة هى التى قامت بإرسال الوفد الشعبى لألمانيا.. لاحظ عبارة «لقاءات الوفد الشعبى الذى أرسل إلى ألمانيا».. مع أن الرئاسة نفت تمامًا أنها أرسلت الوفد الشعبى وكذلك الحكومة. واضح أيضا أن الكاتب يلمح إلى اشتراك بعض الفنانين فى الوفد الشعبى مثل الفنانة يسرا والفنانة إلهام شاهين وأن الاختيار جاء بواسطة الرئاسة أو الحكومة.. وهى شائعة أطلقها الإخوان والحقيقة أن الوفد الشعبى الذى كان معظمه من رجال الأعمال ضم العديد من الشخصيات العامة ومن بينها الفنانون. ثم ما هو العيب فى هذا الوفد وما هى الجريمة التى ارتكبها؟. الوفد الشعبى سافر أساسًا لمواجهة حشود الإخوان التى أعلنوا أنها تستهدف إفساد الزيارة والتى تبين فيما بعد أنها حشود وهمية.. وفى كل الأحوال فإن الوفد الشعبى الذى يقول الكاتب إنه خَصَم من الرصيد ولم يضف إليه.. مجرد وفد شعبى وليس مطلوبًا منه أن يتصرف بطريقة رسمية.. ثم إنه نجح فى إظهار ضعف حشود الإخوان.. وأظن أن هذا هو ما ضايق الكاتب! وينتقل الكاتب بعد ذلك إلى الحديث عن المؤتمر الصحفى فيقول إن المؤتمرات الصحفية لا تعرف التصفيق والتهليل الذى فضح الصحفيين المصريين وكشف عن تبعية أكثرهم للأجهزة الأمنية. لمجرد أن بعض الإعلاميين المصريين صفقوا - تحمسا للرئيس السيسى - هل معنى ذلك أنها فضيحة للصحافة المصرية وهل صحيح أن التصفيق دليل على التبعية للأجهزة الأمنية؟! حتى لو كان ذلك صحيحا - وهو ليس صحيحا - فإن التبعية للأجهزة الأمنية أشرف ألف مرة من التبعية للأجهزة الإخوانية! وأكتفى بهذا القدر من كلام الأستاذ فهمى هويدى وأنتقل إلى الدكتور عمرو حمزاوى.. الثانى! ??? تحت عنوان «من مشاهد الساعات الماضية.. الردادة تحاصرنا» كتب الدكتور عمرو حمزاوى يقول: بين مؤيدى السلطوية الحاكمة فى شوارع العاصمة الألمانية وأماكن تظاهرات مؤيدى جماعة الإخوان تدور كاميرات القنوات التليفزيونية الألمانية. لاحظ وصف مؤيدى السلطوية الحاكمة ولاحظ أيضا أن الكاتب يحاول الإيهام بأننا أمام فريقين متساويين.. مؤيدى السيسى ومؤيدى الإخوان.. وهو كلام بعيد جدًا عن الحقيقة.. فمظاهرات الإخوان كانت أقرب إلى وقفة الشباب على النواصى مقارنة بمظاهرات مؤيدى السيسى. ويتحدث الدكتور حمزاوى أيضا عن المؤتمر الصحفى فيقول إن صحفيى السلطوية الحاكمة تم اصطحابهم كمؤيدين للسلطوية وليس كباحثين عن المعلومة والحقيقة.. كل ذلك لأنهم كسروا قواعد البروتوكول الألمانى وصفقوا! وينتقد الكاتب رد فعل الصحفيين المصريين على السيدة الإخوانية التى حاولت الإساءة بكلماتها للرئيس السيسى فيقول إن الصحفيين المصريين بدوا وكأنهم من رجال الأمن أو من عناصر الحرس الرئاسى.. كل ذلك لأنهم عبّروا بصوت عال عن احتجاجهم لوجود هذه السيدة الإخوانية.. ولم يقل لنا الكاتب إن المستشارة ميركل طردتها.. فهل معنى ذلك أنها تعمل فى جهاز أمن الدولة المصرى؟! ??? العيوب الفظيعة التى تحدث عنها الاثنان هويدى وحمزاوى والطريقة التى استخدماها فى الكتابة عن الزيارة ليس لها إلا معنى واحد: خيبة أمل الاثنين فى نجاح الزيارة.. المبهر !