فى الأدبيات القديمة كانت ساحرة الحواديت ربما تكتفى بتحقيق أحلام الأمير الشاب الوحيد فى الحكاية ولكن يبدو أن أنجيلا ميركل استطاعت تحريك آمال كل شباب أوروبا وشيوخها أيضاً، وتقاس براعة ساحرة الحواديت بقدرتها على مواجهة المصاعب التى تجتاح الحكايات الأسطورية والغريب أن العالم الآن ومشاكله أصبحوا يشكلون أكثر من مستحيلات الحواديت.. فحلم الاتحاد الأوروبى احتاج لعزيمة وجهد العديد من القادة والزعماء لسنوات عديدة حتى خرج للوجود أما الآن فهو يحتاج لمعجزات الساحرة الألمانية التى تعد بوابة الاستقرار أو الفوضى لأوروبا نظرا لما تتمتع به سيدة ألمانيا الحديدية انجيلا ميركل من قدرات تخطت بكثير نفوذ المرأة الحديدية الراحلة مارجريت تاتشر وأصبحت المسئولة الوحيدة عن وحدة أوروبا وعملتها وقد تصدرت قائمة فوربس الاقتصادية لخمس مرات متتالية كأقوى سيدة فى العالم، وتقول عنها صحيفة «إيه. بى. سى» الإسبانية إنها تمتلك سلطة اتخاذ العديد من القرارات المتعلقة بالشأن الأوروبى وإنها نقطة الحسم الوحيدة للعديد من القضايا الساخنة التى تهدد القارة العجوز ولعل أبرزها قضية الهجرة غير الشرعية والأزمات الاقتصادية التى تهدد مستقبل بعض الدول الأوروبية. والجدير بالذكر أن انجيلا هى أول سيدة شغلت منصب الاستشارية منذ عام 2005 وحتى الآن وأول سيدة ترأس الحزب المسيحى الديمقراطى، وهى تتمتع بسمات شخصية وقوة شكيمة أسهمت فيها نشأتها الريفية فى الشق الشيوعى الخاضع للهيمنة الروسية قبل اتحاد الألمانيتين، فهى ابنة لقس نبغت منذ طفولتها فى الرياضيات والعلوم واللغات، وتخصصت فى دراسة الفيزياء ونالت درجة الدكتوراه فى العلوم وعملت فى الأكاديمية العلمية فى برلينالشرقية، وقبل أن تدخل عالم السياسة وبعد سقوط سور برلين قررت أن تلتحق بركب السياسة عبر الحزب المسيحى الديمقراطى وهى فى سن ال36 عاما عندما اختارها المستشار الألمانى هيلموت كول كنائبه له فى الحزب، وفى عام 1998رشحها رئيس الحزب المسيحى الديمقراطى آنذاك فولفجانج شويبله لمنصب الأمين العام للحزب، وبعد مرور أربع سنوات أصبحت زعيمة لأهم حزب فى ألمانيا وفى عام 2005 فازت مع حزبها بالانتخابات لتصبح أول سيدة تشغل منصب الاستشارية فى تاريخ ألمانيا، وعقب فوزها للمرة الثالثة فى الانتخابات التشريعية أعرب أكثر من 26% من الألمان عن رغبتهم فى استمرار شغل ميركل لمنصبها حتى عام 2026 أو حتى بلوغها لسن السبعين، ويعتقد أكثر من 13% وفقا لقياس أجراه معهد فورسا للقياس أنه لن يمكن لسياسى آخر أن يحقق نتائج جيدة فى الانتخابات التشريعية المقبلة عام 2017 مثل التى حققتها ميركل عام 2013 ولعل نظرة الثقة التى أرسلها الناخب الألمانى تجاه مرشحته هى نتيجة لنجاح الساحرة الألمانية انجيلا فى تحقيق أحلام البسطاء من الأوروبيين ومواجهة دعوات البعض بتفتيت الاتحاد خاصة بعد فوز ديفيد كاميرون واحتفاظه بمنصبه كرئيس لوزراء بريطانيا واحتفاظه بزعامة حزب المحافظين ورغبته فى إجراء استفتاء عام 2017 حول استمرار بريطانيا ضمن التحالف الأوروبى لتكون أهم المشاكل التى تواجه ساحرة العالم الحديث وتحدى جديد عليها مواجهته وكأنها صارت بعنادها وتحديها علامة من علامات الجودة الألمانية، وفى الختام نقول لحواء إن تفخر بحفيداتها اللائى لم يكملن المسيرة الظافرة فقط ولكنهن نجحن فى أن يصبحن علامات على الطريق.