أتعس أهل الأرض جميعا، كما وصفتهم إحدى الصحف، حيث لم يجد الآلاف من مسلمى الروهينجا التائهين فى البحر مكانا يذهبون إليه بعدما خرجوا من بلادهم ميانمار، التى تمارس ضدهم أشد أنواع التطهير العرقى والقتل الجماعى، ليصطدموا بتجار البشر الذين استغلوهم وأخذوا منهم أموالا طائلة ليكدسوهم فى مراكب دون طعام أو شراب، ما أودى بحياة كثيرين منهم فى عرض البحر بسبب الجوع والعطش لتقوم بعد ذلك حكومات الدول المجاورة بإبعادهم عن شواطئها رافضة استقبالهم. وتشير تقديرات مفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين إلى وفاة 300 مهاجر من الروهينجا فى عرض البحر فى الربع الأول من عام 2015 فى حين لقى عدد غير معروف حتفهم فى المخيمات، وقد اكتشفت السلطات التايلاندية مؤخرا مقبرة جماعية تحتوى على 30 جثة على الأقل فى أحد تلك المعسكرات المهجورة. وأطلق المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة وليام سوينج نداء استغاثة إلى الحكومات وكل من يمكنهم المساعدة للعثور على هذه القوارب والسماح للمهاجرين بالنزول إلى الشواطئ والحصول على العلاج الطبى، قائلا: سوف نساعدكم فى حل مشاكل الإقامة على المدى الطويل وننقل البعض إلى ديارهم، وغيرها من الخيارات، ولكن باسم الإنسانية اسمحوا لهؤلاء المهاجرين بالنزول إلى شواطئكم. ومن جانبه، طالب نائب رئيس الوزراء الماليزى محيى الدين ياسين حكومة ميانمار بتحمل المسئولية لحل قضية الروهينجا على الصعيد الداخلى فى هذا البلد، حيث أعلنت ميانمار التى يقيم بها 1,3 مليون من الروهينجا أن المسألة لا تعنيها وأنها غير مسئولة عن أزمة قوارب المهاجرين وهددت بمقاطعة القمة التى تنظمها تايلاند بحضور 15 دولة فى 29 مايو الحالى، وقال مدير المكتب الرئاسى زاد هتاى إن رئيس البلاد لن يحضر القمة إذا استخدمت كلمة روهينجا فى الدعوة لأن بلاده لا تعترف بهم، وقال إننا لا نتجاهل مشكلة المهاجرين ولكننا لن نقبل ادعاء البعض أن ميانمار هى مصدر المشكلة. وحذرت صحيفة «لوس انجلوس تايمز» الأمريكية من مزيد من التدهور المريع فى أحوال مسلمى الروهينجا الأقلية فى بورما، مشيرة إلى ما يلاقيه هؤلاء من اضطهاد فى بلد تحكمه أغلبية بوذية تنكر عليهم حقوق المواطنة وتضيق عليهم معايشهم، وأكدت الصحيفة أن نحو المليون روهينجى القاطنين فى إقليم راخين غرب ميانمار أخرجهم العنف الطائفى من ديارهم وانتهى بهم الحال إلى التشرد فى خيام بائسة. وأشارت الصحيفة إلى أن آلاف الروهينجيين محاصرون على متون قوارب تتقاذفهم أمواج البحر فى جنوب شرق آسيا بلا زاد أو مياه أو أى من أسباب العيش، ينشدون اللجوء إلى دول أخرى لا ترحب أى منها بهم على أراضيها متى يهبطون عليها ونوهت إلى أن قوارب الخروج هذه يركبها الروهينجيون منذ عام إلا أنها زادت فى الفترة الأخيرة بعد أن أقدمت حكومة بورما على سحب بطاقات هوية مؤقتة كانت أصدرتها للروهينجا، واعتبرت الصحيفة أن مأساة الروهينجا هى مسئولية عالمية لا يمكن التغاضى عنها. ورصدت مجلة «نيوستيتسمان» البريطانية فى مقال عن الروهينجا تدهور أحوالهم الإنسانية وطالبت المجتمع الدولى بالتحرك من أجل إغاثة هؤلاء المستضعفين متهمة الإعلام الغربى بالتقصير فى تغطية هذه المأساة الإنسانية منذ عام 2012 عندما أعلنتهم الحكومة البورمية عديمى الجنسية وبموجبه أعلنت أن الروهينجا مهاجرون غير شرعيين قادمون من بنجلاديش وعليه أنكر المسئولون على هؤلاء الروهينجا أى حق فى طلب أى عون. ورأت المجلة البريطانية أن ما يجب أن يحدث هو أن تغدو الحكومات الغربية أعلى صوتا فى إدانتها لما تتعرض له أقلية الروهينجا وأن تتوقف المساعدات العسكرية المقدمة لبورما وأن يتم فرض عقوبات وأهم ما هنالك أن يستخدم السياسيون اسم الروهينجا بصوت عال وإلا فهم متورطون بالمساعدة فى عملية تطهير عرقى لأقلية مستضعفة.