الحرب التى يخوضها الجيش المصرى الآن فى سيناء ضد الإرهاب أصعب من حرب أكتوبر، لأن العدو فى الحرب الأولى كان معروفًا، أما الآن فالعدو يأتيك من بين يديك ومن خلفك.. وفى حرب أكتوبر كانت تستخدم كل الأسلحة المباحة، أما الآن فالمقاتل فى سيناء مثل الطبيب الذى يمسك «مشرط» لإزالة المرض دون القضاء على المريض. ويضيف اللواء د. كمال عامر مدير المخابرات الحربية الأسبق فى حديثه ل «أكتوبر» أن الرئيس السيسى زعيم وطنى تعمل له الإدارة الأمريكية ألف حساب، وأن حروب الجيل الرابع فشلت فى مصر للعلاقة الخاصة التى تربط الجيش بالشعب، وأن قطروإيران وتركيا تلعب ضد مصر لإرضاء بعض الدول الكبرى، مؤكدًا أن مصر ستنافس خلال السنوات القليلة القادمة بعض الدول المتقدمة حاليًا، وهذا ما يسبب ازعاجًا لبعض القوى الإقليمية والدولية.. وتفاصيل أخرى فى نص الحوار التالى. ? كنت مسئولًا عن المخابرات الحربية من قبل.. فما هى قراءتك لما يحدث فى سيناء الآن؟ ?? الجيش المصرى العظيم يخوض حربًا شرسة ضد ميليشيات مسلحة مدعومة بغطاء عسكرى ولوجيستى من دول مثل قطر وتركيا وإيران وحماس، وكانت السنة التى تولى فيها محمد مرسى حكم مصر (سنة سوداء) على مصر والمصريين وعلى الأمن فى سيناء. ? لماذا؟ ?? بعد مذبحة رفح الأولى التى راح ضحيتها 16 من خيرة جنود مصر أطلق المشير طنطاوى العملية نسر لتطهير سيناء فقام مرسى بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة بوقف هذه العملية، وبدأ التواصل مع تلك العصابات بغرض التهدئة والصلح. ? متى ينتهى الإرهاب إذن؟ ?? أقول بكل ثقة وأنا أدرك ما أقول إن الإرهاب يمكن أن يتم القضاء عليه فى أسبوع، ولكن أبناء سيناء هم أبناء شعب مصر، ولا يمكن لجيش مصر أن يقتل المدنيين الأبرياء.. فالحرب على الإرهاب أصعب من حرب أكتوبر، لأن العدو وقتها كان معروفًا، أما الآن فالعدو يأتيك من بين يديك ومن خلفك.. الإرهابى الخسيس يختبئ وسط المدنيين.. وفى مزارع الزيتون.. ويجلس تحت شجرة، ويأكل تحت برج كهرباء، ثم يزرع قنبلة.. فحرب أكتوبر كانت تستخدم فيها كل الأسلحة المباحة، أما المقاتل المصرى الآن يتعامل مع أبناء سيناء مثل الطبيب يمسك «المشرط» لإزالة المرض دون القضاء على المريض. ? وماذا عن العنصر البشرى فى سيناء؟ ?? سيناء كتاب مفتوح لجهاز المخابرات والاستطلاع، وأماكن تمركز الإرهابيين مدروسة بدقة ومعروفة بالاسم، ولولا العنصر البشرى هناك وبالتحديد أبناء سيناء الشرفاء لاستطاعت القوات المسلحة القضاء على 95% من مراكز انطلاق الإرهابيين، وسيتم القضاء على الإرهاب نهائيا، ولكن المريض إذا أجرى عملية جراحية لا يتم شفاؤه فى يوم أو يومين، فكل عملية تأخذ الوقت المطلوب نظرًا لخطورة المرض، وتأثيره على الجسد والآثار الجانبية التى تلحق بالمريض جراء العملية. ? وماذا عن دور حماس وقطروإيران وتركيا وأمريكا وإسرائيل؟ ?? أنا تركت جهاز المخابرات الحربية منذ فترة.. ولكن أستطيع أن أقول لك بحكم موقعى السابق كرئيس للجهاز إن تلك القوى تسعى لتقزيم مصر.. ولكن هيهات! ? لماذا؟ ?? لأن قوة مصر ونهوضها يعنى تهميش تلك الدول، والحد من مصالحها فى المنطقة مع أن الرئيس السيسى لم يعاد أحدًا، ولم يتكلم على أحد بسوء ولا تهمه إلا مصلحة مصر وشعبها. ? وهل توجد شواهد على عداء تلك الدول لمصر؟ ?? طبعًا.. ففى أعقاب 30 يونيو واجهت مصر ضغوطًا سياسية وعسكرية واجتماعية وإعلامية، ولولا وقوف الشعب المصرى خلف مؤسسات الدولة، خاصة الجيش والشرطة لتحولت مصر إلى دولة فاشلة.. وتحققت أمنية تلك الدول ولأصبحنا الآن مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن.. فتلك القوى مولت جماعة الإخوان الإرهابية بالمال والسلاح والإعلام.. وحولت قناة الجزيرة القطرية ثورة الشعب فى 30 يونيو إلى انقلاب عسكرى.. ودأبت على الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين فى المنيا وشمال سيناء بعد حرق الكنائس إلى أن أعلن الرجل الوطنى البابا تواضروس بأنه إذا أحرقوا الكنائس صلينا فى المساجد، وإذا أحرقوا المساجد صلينا معًا على أرض مصر الطاهرة، والآن تحاول الوقيعة بين الجيش المصرى العظيم وأبناء سيناء بدعوى أنه يقتل المدنيين إلى أن جاءت دعوة قبيلة الترابين ومعها 23 قبيلة أخرى. ? بمناسبة قبيلة الترابين التى أعلنت الحرب على تنظيم أنصار بيت المقدس.. ماذا عن باقى القبائل فى سيناء؟ ?? أنا كنت ضابطًا مقاتلًا فى كل الحروب التى خاضتها مصر على أرض سيناء وأقول صراحة إن أبناء سيناء الشرفاء سند قوى للجيش المصرى العظيم، ولأننى كنت قائد قوات سيناء لفترات طويلة وضمن قيادات المجلس العسكرى التى كانت على صلة مباشرة بقبائل سيناء فإن كل قبائل سيناء تدعم القوات المسلحة. ? هل تذكر لنا أسماء هذه القبائل؟ ?? أنا أحفظها عن ظهر قلب.. فى الشمال مثلًا قبائل السواركة والرميلات وعرب قاطية والمساعيد والبلى، وفى الوسط توجد قبائل الترابين والعبابدة والأحيوات والتياها والحويطات والصوالحة والحيطان، وفى الجنوب الجبالية ومزينة والعليقات والقرارشة والبدارى والطوارة (نسبة إلى أهل الطور). ? وماذا عن دعوة البعض لتسليح أبناء القبائل؟ ?? مناقشة مثل هذا الرأى أو المطلب يخضع لحسابات دقيقة، حيث تتم دراسته على مستوى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الدفاع الوطنى، وهى جهات تعمل على اتخاذ أى قرار يعمل على تحقيق وأهداف مصالح مصر العليا. وللعلم فالقوات المسلحة تعتمد فى أحيان كثيرة على أبناء القبائل فى تأمين الدروب والجبال فى الظهير الصحراوى لكل قبيلة عن طريق «الأرتاب» أى الملاحظ الأمنى أو المراقب الذى يشكل نقطة ملاحظة أو مراقبة لتأمين تلك المناطق الوعرة.. وأعتقد أن الصدام الذى حدث بين قبيلة الترابين وأنصار بيت المقدس هو رفض أبناء القبيلة سيطرة التنظيم على مناطق نفوذها فى جبال الحلال، وتعدى التنظيم الإرهابى على الأعراف والتقاليد البدوية المعروفة. ? وهل تمتلك المخابرات الحربية أدلة على إدانة حماس وقطروإيران وتركيا؟ ?? توجد أدلة كثيرة سرية وعلنية.. ومن الشواهد العلنية رفع 600 إرهابى من حماس أثناء الثورة أعلام أكناف بين المقدس وجيش جلجلة، وجيش الإسلام بقيادة ممتاز دغمش، وعناصر من كتائب عز الدين القسام وجماعة أنصار السنة والتوحيد والجهاد.. ومحاولة خلق مشكلة فى سيناء لإعلانها فيما بعد إمارة إسلامية.. ثم تكون ذريعة فيما بعد لتحرك المجتمع الدولى لضربها وحماية إسرائيل، كما توجد أدلة مادية ملموسة منها اعترافات بعض المقبوض عليهم فى جبل الحلال وتوريد السلاح من ليبيا وسيارات الدفع الرباعى من حدود مصر الجنوبية مع السودان، كما تم ضبط أجهزة كمبيوتر ولاب توب وأجهزة اتصالات واستشعار عن بعد، وأسلحة قنص ووحدات تصوير واتصالات وقنابل مدموغة لكتائب عز الدين القسام.. وأسلحة من إيرانوقطر وتركيا. ? وماذا عن علاقتك بالرئيس السيسى؟ ?? أنا أعرف الرئيس السيسى عندما كنت قائدا لقوات السلوم.. وكان هو برتبة رائد.. أعرفه مخلصًا وطنيًا مفكرًا.. صاحب قرار.. ولخصائصه تلك تم ندبه لجهاز المخابرات الحربية وكان برتبة عقيد.. وكان يفكر ويعمل فى صمت، وكان يصر على النجاح والوصول للهدف وله عمليات كبيرة فى المخابرات الحربية ربما يكشف عنها الزمن فى وقت ما، وعندما كان يدرس فى أكاديمية ناصر كان نعم الباحث الحريص على العلم، حيث رأيت بعينى وأنا أستاذ فى الأكاديمية حرصه على التعلم والإنصات للغير والقائد الذكى أو الناجح هو الذى يفكر كثيرًا ويتكلم قليلًا، واعتقد - وأنا لا أنافقه - والله أعلم بما أقول إن بسببه ستنافس مصر أكبر الدول اقتصاديًا وعسكريًا. ? سيادة اللواء.. البعض يقول إن مبارك انشغل بالتوريث وترك سيناء نهبًا للجوع والفقر والمرض.. فما تعليقك؟ ?? حكاية انشغاله بالتوريث بعد ثورتين عظيمتين واختيار قائد وطنى عظيم له ظهير شعبى جبار، باتت تحصيل حاصل وما أستطيع أن أقوله أنه منذ تحرير سيناء عام 1982 لم تتوقف مصر عن تنميتها، حيث تم إنفاق حوالى 52 مليار جنيه بالإضافة إلى مساهمات القطاع الخاص، وأنا على يقين أن سيناء فى عهد الرئيس السيسى ستكون شكلًا آخر، حيث كلف الفريق أسامة عسكر وهو قائد عسكرى مشهود له بالكفاءة بالقضاء على الإرهاب، وتنمية سيناء، والآن الرجل يسير فى الاتجاهين.. وخلال سنوات قليلة ستظهر ثمرة هذا الجهد.