الغزل والاستقبال الحار طوى الرئيس الأمريكى باراك أوباما ونظيره الكوبى راؤول كاسترو أكثر من نصف قرن من العداء .. هكذا وصف مراقبون لقاء الزعيمين فى القمة السابعة للأمريكتين فى بنما. ولفتت جوى أولسون من مجموعة الأبحاث «مكتب واشنطن حول أمريكا اللاتينية» إلى أن هذا اللقاء كان مهما إلى حد يفوق التصور فهو ينطوى على كل المقومات لتحريك الخطوط الأساسية من أجل تحسين العلاقات بين نصفى الكرة الأرضية. وفى نفس السياق، قال سانتياجو كانتون المسئول فى مركز «روبرت فيتزجيرالد كينيدى للعدالة وحقوق الإنسان» إن العلاقات بين الولاياتالمتحدةوأمريكا اللاتينية باتت مختلفة اعتبارا من الآن وإن شبح كوبا كان حاضرا فى كل العلاقات الثنائية والمتعددة بين الولاياتالمتحدةوأمريكا اللاتينية لكن هذا الشبح توارى اعتبارا من الآن، وذلك بعد أن التقى الرئيسان الأمريكى والكوبى وجها لوجه فى أول لقاء من نوعه منذ عام 1956 واستمر لأكثر من ساعة على هامش القمة ناقشا خلاله تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وكان تبادل السفارات من أبرز النقاط حيث دعا كاسترو نظيره الأمريكى إلى تسريع إجراءات شطب كوبا من لائحة الدول المتهمة بالإرهاب وهو ملف تعتبره هافانا العقبة الرئيسية فى طريق فتح السفارات. ووصف الرئيس الكوبى نظيره الأمريكى باراك أوباما بالرجل الصادق وأنه يساند عودة العلاقات بين بلاده والولاياتالمتحدة رغم عدم ثقته فى سياسات واشنطن، فى حين وصف أوباما اللقاء بالتاريخى والمثمر وقال إن الوقت قد حان لتجاوز أكثر من نصف قرن من القطيعة بين البلدين، وإنه سيعلن خلال الأيام المقبلة رفع اسم كوبا من لائحة الدول الراعية للإرهاب، وهو ما حدث بالفعل، حيث أبلغ الرئيس الأمريكى الكونجرس اعتزامه شطب كوبا من اللائحة الأمريكية للدول المساندة للإرهاب. وقد نالت الخطوة استحسان واسع النطاق من جانب حكومات أمريكا اللاتينية حيث رأت أنه سيكون له تداعياته الجيدة لواشنطن وهافانا ودول أمريكا اللاتينية ودول الكاريبى لتحقيق التعاون بين هذه الدول. كما أظهر استطلاع للرأى أجرى فى كوبا الشهر الماضى دون تصريح من الحكومة الكوبية، أن أغلبية الشعب الكوبى بنسبة 73% ترحب بعودة العلاقات مع الولاياتالمتحدة ويعلقون آمالا على أن عودة العلاقات بين البلدين ستساهم فى تحفيز الاقتصاد المضطرب مع إبداء قلق حول جلب هذه الانفراجة الدبلوماسية أية إصلاحات للنظام السياسى الشيوعى. وأظهر كذلك استطلاع للرأى أجرى العام الماضى من قبل رويترز ومؤسسة ابسوس شمل 30 ألف شخص رغبة 43% من الأمريكيين فى إقامة علاقات دبلوماسية مع كوبا. ومع ذلك، قالت صحيفة «برلينز تسايتونج» الألمانية إن عودة الدفء إلى العلاقات الأمريكية الكوبية يفرض العديد من التساؤلات من قبيل ما هو المقصود من التطبيع، فهل سيضع حدا للحظر المفروض على كوبا، وهل ستدعم الحكومة الأمريكية الاقتصاد الكوبى، وما وضع اللاجئين الكوبيين فى الولاياتالمتحدة؟ ورأت الصحيفة أنها أسئلة لا يمكن أن يجيب عنها إلا الكونجرس الذى يعترض فى الأساس على عودة العلاقات ويعتبرها ارتدادًا على المبادئ. يذكر أن مسار التطبيع بدأ أواخر العام الماضى، حين قال الرئيس الأمريكى فى شهر ديسمبر إن السياسة المتزمتة والتى عفا عليها الزمن لعزل كوبا قد فشلت بشكل واضح مؤكدا أن الوقت قد حان لتبنى نهج جديد. وخلال الأشهر الأربعة الأخيرة أجرى أوباما تغييرا شاملا فى السياسة تجاه كوبا فوافق على إنهاء العداوة واستخدم سلطاته لتخفيف بعض قيود التجارة والقيود على السفر. لكن فى الكواليس بدأت الاتصالات منذ يونيو 2013 برعاية كندية وجرت محادثات مباشرة أحيطت حتى النهاية بأكبر قدر من السرية رغم استياء الكثير من رؤساء الدول والدبلوماسيين الكوبيين والأمريكيين.