البداية مع د. سلوى العنترى، رئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الاشتراكى المصرى، التى حذرت من إقدام الحكومة على التوسع فى الاستدانة من الخارج لتمويل العجز المتزايد فى الموازنة العامة، وذلك بغض النظر عن آلية الاستدانة من الخارج التى سوف تعتمد عليها الحكومة سواء من خلال طرح السندات السيادية فى الأسواق الدولية أو الاستدانة من صندوق النقد أو غيره من مؤسسات التمويل الدولية. ميزة مهمة وقالت د. العنترى إنه من الضرورى أن تحافظ الحكومة على الميزة التى يمتلكها الاقتصاد المصرى فيما يتعلق بالتزاماتها الدولية، وأن هذه الميزة المهمة التى تجعل كافة مؤسسات التصنيف الائتمانى العالمية تضع الاقتصاد فى مستويات مستقرة بنظرة إيجابية، وبالتالى على الحكومة ألا تضحى بسهولة بهذه الميزة المهمة. وأضافت أن الموازنة تعانى عجزًا كبيرًا وأنه لا سبيل إلا البحث عن آليات مناسبة لسد هذا العجز، ولن يكون ذلك فى ظل الظروف التى يمر بها الاقتصاد إلا عبر الاستدانة سواء من الداخل أو الخارج، ومن ثم فإنه من المهم أن تتم دراسة قرار الاستدانة لسد العجز بشكل مستفيض. كان البنك المركزى قد كشف عن انخفاض الدين الخارجى بنحو 10.3%، ليصل إلى 41.3 مليار دولار نهاية ديسمبر الماضى، مقارنة ب 46.1 مليار دولار نهاية يونيو 2014، نتيجة سداد التزامات تجاه العالم الخارجى، مما أدى إلى تراجع الدين الخارجى بما يعادل 3.1 مليار دولار، وانخفاض نسبته إلى الناتج المحلى لتصل إلى 12.2% نهاية ديسمبر 2014 مقارنة ب15.9% ديسمبر 2013، فيما ارتفع الدين الداخلى، ليسجل 1.9 تريليون جنيه ديسمبر الماضى، ليقترب من 100% من الناتج المحلى الإجمالى. المصلحة الاقتصادية وأوضح د. فخرى الفقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أنه فى ظل هذه المعدلات التى أعلن عنها البنك المركزى مؤخرا التى تذهب إلى أن نسبة الدين الخارجى إلى الناتج المحلى الإجمالى تقدر بنحو 12.2%، يجب على الحكومة أن تغلب اعتبارات المصلحة الاقتصادية على ما عداها من مصالح، وأن تبدأ فى اجراءاتها الرامية إلى زيادة الاعتماد على الاقتراض من الخارج، لما يمثله التوسع فى الاعتماد على الاستدانة من الداخل من مخاطر. وقال د. الفقى، الذى سبق له أن شغل منصب مستشار المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى، إن الاقتراض من صندوق النقد أقل تكلفة من الاقتراض من الداخل وكذا أقل تكلفة فى الغالب عن طرح سندات سيادية دولية «يوروبوندز»، لكن يبدو أن الحكومة لديها ما يبرر التجاءها إلى الاعتماد على آلية طرح سندات سيادية فى توفير تمويل قدره 1.5 مليار دولار للمساهمة فى سد الفجوة التمويلية، التى تقدرها بعض الجهات الرسمية بنحو 32 مليار دولار. الاستدانة خطرًا على الاقتصاد، وإن كانت الحكومة مضطرة إلى ذلك، فإنه من المطلوب أن تبحث عن أقل البدائل تكلفة، لكن مع هذه المساعى يجب أيضا العمل على اتباع سياسات اقتصادية لزيادة الإيرادات لتوفير قدر معقول من الإنفاق العام أو سد جزء من العجز فى الموازنة العامة، لأن كل سبل تمويل العجز الأخرى لها تداعيات سلبية حتى المنح التى تضر بسمعة الاقتصاد على المستوى العالمى. وتأتى جهود الحكومة للاستدانة من الخارج عبر السندات السيادية على خلفية تعهدات خليجية بإيداع 6 مليارات دولار فى البنك المركزى المصرى، وذلك مساهمة منهم فى دعم الاقتصاد فى صورة ودائع بالبنك المركزى بآجال سداد 3 و4 و5 سنوات. رسالة إلى السيسى فيما أكدت كرستين لاجارد، مدير صندوق النقد الدولى، استعداد الصندوق لتقديم المساعدة لمصر بكل الطرق المُمكنة، خاصة أن النجاحات التى تحققت لمصر جراء الإصلاحات التشريعية الأخيرة ملموسة، وأنها تقوم على تنفيذ خطة جادة ترمى إلى تحقيق الاستقرار للاقتصاد. وعبرت لاجارد، فى خطاب وجهته إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى مؤخرا، عن ثقتها فى أن مصر لن تستمر فقط فى مسارها للإصلاح بل ستعززه، خاصة أن لديها الإمكانات المُتاحة لتحقيق تطلعات شعبها فى عملية نمو قوية وشاملة. وأشادت بنجاح المؤتمر وبمستوى المُشاركة فيه، والعدد الكبير لاتفاقات الأعمال. يذكر أنه يوجد لمصر 4 طروحات من السندات السيادية المصرية، السند الأول بقيمة 1250 مليون دولار مستحق فى سبتمبر القادم، والسند الثانى بقيمة مليار دولار مستحق فى يوليو 2016، والسند الثالث بقيمة مليار دولار مستحق فى أبريل 2020، والرابع بقيمة 500 مليون دولار مستحق فى أبريل 2040. ردود الحكومة أما هانى فخرى دميان، وزير المالية، فجاءت ردوده على هذه التخوفات يغلب عليها الطابع الدبلوماسى، خاصة فيما يتعلق بالأمر بالاقتراض من صندوق النقد الدولي، وكأن الأمر به أسرار لم يحن الوقت للإفصاح عنها، حيث رد قائلا: طبيعة تمويل الصندوق تختلف عن طبيعة تمويل السندات، فالحكومة تسعى لمخاطبة كل المستثمرين بشأن الاقتصاد المصرى، ووضع مصر على خريطة الاقتصاد العالمى. وقال دميان إنه فى إطار العديد من التطورات المهمة، التى يشهدها الاقتصاد المصري، فى أعقاب النجاح الذى شهده مؤتمر شرم الشيخ، والبدء فى تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى مثل تنمية محور قناة السويس، والاستصلاح الزراعى ل 4 مليون فدان من بينها مليون فدان يتم تنفيذها خلال العام الجارى، بالإضافة إلى المشروع الطموح لتوسيع شبكة الطرق على مستوى الجمهورية والاحتياجات التمويلية العاجلة لمشروعات الطاقة. وأضاف أن هذا المشهد يستدعى العمل على وضع برنامج لجذب تدفقات جديدة لرءوس الأموال من الخارج لتعزيز موارد مصر من الخارج بما فى ذلك إمكانية الحصول على تمويل من الأسواق المالية الدولية، ومن ثم كان لزاماً على الحكومة تدبير التمويل اللازم لهذه الاحتياجات من خلال تنويع مصادر التمويل، التى تشمل طرح دولى لسندات سيادية (Eurobonds). وحدد وزير المالية 4 عوامل إيجابية للاقتراض السيادى من السوق الدولية، أولها: أن ما تعكسه مؤشرات السوق من انخفاض درجة مخاطر الاقتصاد المصرى، وهو ما يؤثر إيجابياً على تكلفة الطرح مقارنة بأى فترة مضت خلال السنوات الأربع الماضية، وثانيها: استمرار انخفاض مستوى سعر الفائدة الأمريكية إلى ما يقرب من 2% (خمس وعشر سنوات). وثالث هذه العوامل: وفقا ل «هانى قدرى»، توقع زيادة أسعار الفائدة الأمريكية خلال النصف الثانى من 2015 لتعافى الاقتصاد الأمريكى، ورابعها: وجود رغبة لدى الأسواق الدولية للاستثمار فى الأوراق المالية المصرية خاصة مع ارتفاع حجم السيولة على المستوى العالمى وانخفاض فرص الاستثمار الجيدة؛ وخصوصاً وجود سوق ثانوية للإصدارات المصرية الدولية السابقة (2020 و2040). وعلى الرغم من بلوغ حجم المديونية الخارجية لمصر إلى 41.3 مليار دولار فى ديسمبر 2014، إلا أن مؤشرات الدين الخارجى والسيولة لا تزال آمنة، وتعتبر منخفضة مقارنة بالدول المشابهة لمصر، حيث يبلغ الدين الخارجى الحكومى نحو 12.2% من إجمالى الدين لمصر، ومنها ديون قصيرة الأجل فى حدود 7.9% فقط من إجمالى الدين الخارجى. كما يتصف الدين الخارجى بتكلفة اقتراض ميسرة وآجال طويلة ومتوسطة. وأكد أشرف سلمان، وزير الاستثمار، أن قيمة السندات السيادية المنتظر طرحها سوف تأتى فى إطار الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأن مصر بعيدة عن السوق منذ فترة ليست بالقصيرة، لكن عودتها جاءت قوية لما اتسمت به اجراءات الطرح من شفافية بما يتوافق مع الأسواق الدولية. وقال سلمان إن طرح السندات السيادية الدولارية يأتى فى إطار السعى المصرى لفتح أسواقها على العالم، وحرصها على التكامل مع العالم والمنطقة، وأن السندات أحد الطرق الدولية لاجتذاب عملة أجنبية. وأضاف أن هذا الطرح سوف يكون أول طرق على باب الأسواق الدولية، وكل المؤشرات تذهب إلى أن هذا الطرح سوف يحقق نجاحًا وتغطية جيدة وجودة للمكتتبين وجودة فى الطرح، بما يمكن الحكومة من البناء عليه للتوسع فى الاعتماد على السوق الثانوى فى التمويل.