أعلن د. محب الرافعى وزير التربية والتعليم الجديد أن أهم أولوياته فى المرحلة المقبلة هو إعادة الانضباط للمدارس وإعادة الطلاب إليها بعد أن هجروها وأصبحت خاوية على عروشها «وليس بها صريخ ابن يومين» وخاصة مدارس المرحلتين الاعدادية والثانوية - وحتى الآن وكلام معاليه جميل وإن كان هذا التصريح قد اعتدنا عليه مع كل وزير جديد يتولى حقيبة هذه الوزارة - لكن معاليه لم يحدد آلياته وأساليبه فى إعادة الانضباط للمدارس. فالمسألة تتجاوز الكلام المرسل وقدرات جهاز التفتيش الذى أعلن عن تشكيله للمتابعة ورقابة المدارس وكأن معاليه لا يعلم أن أجهزة التفتيش تزدحم بها الإدارات التعليمية وكلها فشلت فى تحقيق الانضباط للمدارس. فالأمر - من وجهة نظرى - كمتابع للعملية التعليمية على مدى ال20 سنة الأخيرة لكى نعيد المدارس لسابق عهدها لا يتأتى بقرارات فوقية ولكن يتطلب أن تكون هناك رؤية وفكر لكيفية أن نجعل المدارس جاذبة للطلاب.. وهذا لكى يتحقق فإنه يتطلب الآتى.. أولًا توفير تعليم جيد داخل المدارس من خلال توفير المعلمين التربويين الأكفاء الجادين كل فى تخصصه لشرح الدروس وكذلك توفير المعامل لتبسيط شرح المواد العلمية مع تخصيص مجموعات التقوية للطلاب ضعاف المستوى.. ثانيًا إعادة «المفتش» بتاع زمان الذى كان يفاجىء المدارس ويقوم بالتفتيش على كل كبيرة وصغيرة داخل المدرسة ومتابعة الشرح داخل الفصول والتفتيش على دفتر تحضير المعلم للدروس وكذلك التفتيش على النظافة الشخصية للطلاب بدءًا من حلاقة الشعر وتقليم الأظافر حتى نظافة الملبس ووقاره والتفتيش على نظافة المدرسة ودورات المياه ومتابعة الغياب والحضور و... و... وكان الكل داخل المدرسة يعمل له حسابًا ويضع أيديه على قلبه حتى تنتهى زيارته للمدرسة.. ثالثًا تفعيل الأنشطة الطلابية داخل المدارس لإشباع رغبات وهوايات الطلاب وتخصيص حصص لها فى الجدول الدراسى مما يحفَّز الطالب ويجعله يواظب على الحضور. ولكن الذى يحدث الآن أنه لا يوجد شرح للدورس ولا أنشطة يمارسها الطلاب وتحولت المدارس إلى «خرابة تعليمية» مما يجعل الطلاب يهجرونها بعد أن استشعروا أن الذهاب إليها مضيعة للوقت. وقد ساعد على ذلك بعض المعلمين من أصحاب الذمم الفاسدة للترويج لتجارتهم «الدروس الخصوصية» رابعًا التدقيق فى اختيار مديرى ونظَّار المدارس لأن المدرسة الناجحة المنضبطة هى مدير أو ناظر كفء صاحب شخصية قوية. فإذا أحسنا الاختيار فإن الأمر سيتغير تمامًا للأفضل.. وخامسًا تفعيل آلية التربية العسكرية بالمدارس الثانوية. ولا مانع أن يكون بجانب هذه الأمور تنفيذ ما يفكر فيه معالى الوزير من تخصيص درجات للحضور والغياب بدءًا من العام الدراسى القادم. ولكن الأمر يتطلب أن تكون هناك آلية لتنفيذها حتى لا يتحكم فيها بعض المعلمين مما يفتح الباب للفساد والمحسوبية. إذا نجح الوزير الجديد فى تحقيق هذه الأمور فإننى أرى أنها البداية لإعادة الانضباط للمدارس وإعادة الدور التربوى لها ونرفع له «تعظيم سلام».