على التليفون تكلمت مع الرائع كمال الشيخ فى أعقاب غزو صدام حسين للكويت. فى هذه المكالمة كان حزينًا جدا ليس فقط بسبب حماقة صدام حسين المذعورة التى أدخلت الحزن لكل بيت عربى. ولكن كان أيضا حزينًا لأنه شعر أن حلمه بإنتاج فيلم عن عالم الذرة المصرى مصطفى مشرفه الذى اغتالته الموساد قد مات أو على الأقل أصبح الوقت لإنتاجه غير مناسب.قال لى كمال الشيخ بالحرف إنه قد شرع فى التجهيز لتقديم هذا الفيلم لكن أحداث ما بعد غزو صدام للكويت أدخلت هذا الحلم نفقًا مظلمًا فى ظلامة لم يعد قادرا كمال الشيخ على تحديد وقت آخر قد يأتى لعمل هذا الفيلم. وبالفعل مات كمال الشيخ ومعه حلمه.. وفى وقت سابق كنت قد قابلت المخرج الكبير عاطف سالم. كان لقاؤنا فى جروبى بوسط القاهرة وسبب المقابلة كانت دعوة لتقسيم نقابة السينمائيين إلى روابط (مخرجين) منتجين الخ. وكان عاطف سالم من المعترضين على عمل روابط (جمع رابطة) لأنه كان يرى أن فى ذلك ما يمكن أن يفتت السينمائيين ولا يجعل النقابة بيتهم الوحيد. وجرتنا المناقشة إلى الكلام عن الوضع السياسى الراهن فى ذلك الوقت (بداية تسعينات القرن الفائت). ليفاجئنى عاطف سالم بأنه يفكر لوساء الحال أكثر (يقصد الوضع السياسى وحال فن السينما فى فترة الرئيس الأسبق مبارك) يرى أنه من الأشرف له أن يعتزل - قال متفكها حتى لو عملت سائق تاكسى يكفى أن أكتب على التاكسى اسمى وتحته مخرج (ام العروسة) و (جعلونى مجرما). تذكرت هذين الموقفين عندما شرعت فى كتابه هذه السطور. عاطف سالم وكمال الشيخ من جيل جاء تاليا لجيل المخرجين الرواد الذين حملوا إلينا فن السينما. وهذا الجيل الذى ضم مع عاطف سالم وكمال الشيخ اسماء أخرى محفوره بحروف من نور فى تاريخ السينما منهم يوسف شاهين. وحلمى حليم وهنرى بركات وحلمى رفله وحسام الدين مصطفى. حسام الدين مصطفى من حى السيدة زينب مولود فى مايو عام 26 درس السينما فى معهد السنيما وقضى الفترة من عام 50 حتى عام 56 فى أمريكا يتنقل بين بلاتوهات هوليود ليعود مخرجا لأهم أفلام الاكشن فى عصره.. حسام أيضا بالإضافة إلى حرفة الإخراج كتب السيناريو والقصة السينمائية - فى فيلم الأخوه الاعداء وفيلم غابة من السيقان وفيلم هى والشياطين وفيلم نساء بلا غد وفيلم كفاية يا عين. مثله كان المخرج حلمى رفله الذى كان من أعماله فيلم المظ وعبده الحامولى وفيلم المليونير وفيلم ليالى الحب ومعبودة الجماهير. حلمى رفله كما كان مخرجا أيضا كان مؤلفا لعدة أفلام وقد عمل مساعد مخرج من عام 42 وله بالإضافة للتأليف والإخراج أيضا أفلام من إنتاجه.. حلمى رفله أساسا أرسلته وزارة المعارف إلى باريس ولندن لدراسة المكياج وبالفعل عاد وعمل ماكييرًا للفرقة القومية المسرحية ودخل السينما من نفس الباب. ومن المخرجين الذين جمعوا مهارة الإخراج ومهارة التأليف من هذا الجيل المخرج حلمى حليم. وهو من مواليد مارس عام 19 - حلمى حليم له أفلام من تأليفه منها أفلام المفتش العام. وليالى الحب وعاشق الروح وشرف البنت ومدرسة البنات وحكاية حب وصراع فى الوادى حلمى حليم أيضا لم يبدأ حياته كمخرج وإنما كانت بدايته فى مجال الترجمة حيث عمل فترة مترجمًا وناقدًا فنيًا وعلاقته بالإخراج بدأت عام 39 عندما عمل مساعد مخرج مع المخرجين كمال سليم وكامل التلمسانى. ولفترة عمل حلمى حليم رئيسا لقسم السيناريو فى استديو مصر. ومن مخرجين هذا الجيل كما ذكرنا هنرى بركات من مواليد عام 14. دخول بركات إلى مجال السينما كان بسبب انفصال المخرج أحمد جلال عن المنتجة آسيا داغر بعد زواجه من إبنة اختها مارى كوين، حيث انفصل أحمد جلال وكوًّن شركة مع مارى منفصلة عن شركة آسيا وجعل ذلك آسيا تبحث عن مخرج لفيلمها الجديد (فيلم الشريد)... هنرى من بين هذا الجيل الذى حمل لقب شيخ المخرجين فله ما يزيد على مائه فيلم. وهو من عائلة أصلها لبنانى ودرس الإدارة فى باريس لكنه عندما عاد عمل مونتيرًا فترة وعمل مساعد مخرج فترة. أما كمال الشيخ صاحب لقب هيتشكوك العرب لتخصصه فى إخراج أفلام الغموض والحوادث البوليسيه فهو حاصل على البكالوريا فقط حاول أن يكمل تعليمه فى كلية الحقوق لكنه فشل. كمال الشيخ بدأ حياته أيضا مونتيرًا وهو منوفى من قرية عمروس - فى البداية حاول أن يكون ممثلا فأرسل بصورته إلى المخرج محمد كريم الذى رأى أنه وجه لا يصلح. عاطف سالم بدأ حياته مساعد مخرج لكن هذه المرحلة استمرت سنوات وكان من بين المخرجين الذين عمل معهم مساعدا حلمى رفله وهو من مواليد أكتوبر عام 21 أبرز أفلامه الحرمان وأم العروسة والحفيد و جعلونى مجرما.